حماس تغلق شركة قطرية «لم تتعاون» في تحقيقات «محاولة الاغتيال»

الحركة تبحث عن أسماء وتسجيلات لشرائح متصلة بالعبوة التي لم تنفجر

الحمدالله لدى وصوله الى غزة الثلاثاء الماضي حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ ف ب)
الحمدالله لدى وصوله الى غزة الثلاثاء الماضي حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ ف ب)
TT

حماس تغلق شركة قطرية «لم تتعاون» في تحقيقات «محاولة الاغتيال»

الحمدالله لدى وصوله الى غزة الثلاثاء الماضي حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ ف ب)
الحمدالله لدى وصوله الى غزة الثلاثاء الماضي حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ ف ب)

أغلقت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس في قطاع غزة المقر الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» القطرية، على خلفية التحقيقات في تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله.
وقال مدير عام قوى الأمن الداخلي في قطاع غزة، اللواء توفيق أبو نعيم، إن الشركة أغلقت بقرار من النيابة العامة لعدم تعاونها في مجريات التحقيق في محاولة اغتيال الحمد الله. ولم تستجب الشركة لكتاب من النائب العام في غزة لكشف سجلات مكالمات وتسجيلات وأسماء مشتبهين في قضية محاولة الاغتيال، وطلبت الشركة كتابا رسميا من النائب العام في رام الله. ولا تعترف السلطة بالنائب العام الموجود في غزة باعتباره تابعا لحماس، وتم تعيينه من نظام غير معترف به، وتتبع المؤسسات والشركات التي تحصل على ترخيص من السلطة قرارها في هذا الشأن.
و«الوطنية موبايل» تابعة لشركة «أوريدو» القطرية، وكانت باشرت عملها في القطاع نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وافتتح الرئيس التنفيذي للمجموعة الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني أكبر معارض الشركة معلنا بدء خدماتها، لتصبح المشغل الثاني لخدمات الهاتف الجوال في قطاع غزة بعد شركة «جوال». وتقدم الشركة خدماتها منذ عام 2009 في الضفة الغربية. وتملك «أوريدو» القطرية نحو 48.45 في المائة من أسهم «الوطنية موبايل»، ويملك صندوق الاستثمار الفلسطيني ما يعادل 34.03 في المائة و17.52 في المائة تعود ملكيتها للعموم.
وكان الحمد الله تعرض لمحاولة اغتيال الأسبوع الماضي في غزة عندما وصلها لافتتاح محطة لتحلية المياه. وانفجرت عبوة كبيرة في الموكب مخلفة إصابات، فيما تعطلت أخرى. وتسلم الحمد الله لاحقا بلاغا رسميا من مسؤول قوى الأمن الداخلي في غزة اللواء توفيق أبو نعيم حول ملابسات محاولة الاغتيال، واتضح أن المنفذين زرعوا على طريق الموكب عبوتين ناسفتين زنة كل منهما نحو 15 كيلوغراما، وهما محليتا الصنع ومعدتان للتفجير عن بُعد.
وبحسب البلاغ المقدم من غزة، فقد تم تفجير العبوة الأولى، بينما أدى خلل فني لعدم انفجار العبوة الثانية التي زرعت على بعد 37 مترا عن الأولى. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت أن الأجهزة الأمنية توصلت إلى أرقام شرائح كان يفترض أن يتم تنفيذ عملية التفجير من خلالها، وذلك عبر العبوة التي لم تنفجر. والأرقام لم تكن مسجلة باسم أي شخص، ولذلك بدأ البحث في دائرة تجار وبائعي أرقام غير مسجلة وتم اعتقال بعضهم واستجوابهم حول الأرقام وعلاقتهم بها ولمن بيعت.
ويبدو أن الأجهزة الأمنية لم تصل لنتيجة فطلبت من «الوطنية موبايل» تفاصيل حول الشرائح. وكانت الأجهزة الأمنية اقتحمت بيوتا لعناصر أمن سابقين، من دون أن يتضح إذا ما كانت لهم علاقة بالعملية أو بسبب امتلاكهم معلومات. وفي حين تلمح حركة فتح إلى أن منفذي العملية على الأغلب ينتمون إلى جماعات تحظى بتغطية من حماس، تتجه حماس كما يبدو لاتهام أحد على علاقة بجهات في السلطة.
وقال القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، إن «التحقيقات في تفجير عبوة ناسفة في موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله أثناء زيارته إلى قطاع غزة وصلت إلى نتائج ملموسة». وعد القيادي في حماس أن حادث تفجير الموكب جاء في «ظروف غريبة»، متسائلا في حديث تلفزيوني: «ما علاقة رئيس جهاز مخابرات والمسؤول الأمني الأول في السلطة بأن يذهب ليفتتح محطة لتنقية المياه العادمة في غزة». وأكمل قائلاً: «مع العلم أن المستفيد الأول من الحادثة هو الاحتلال الإسرائيلي، لكن كانت هناك مشاريع أولى ألف مرة لتقوم السلطة عليها».
ولفت أبو مرزوق إلى أن الحادثة جاءت في وقت اجتماع معظم الدول ذات العلاقة بالموضوع الفلسطيني باستثناء السلطة الفلسطينية في واشنطن، وأيضا في ظروف استثنائية. كما نبه إلى أن الرئيس محمود عباس أعلن فور حدوث التفجير عن قطع زيارته إلى العاصمة الأردنية عمان رغم أنها كانت منتهية. ونشر «صوت الأقصى» التابع لحماس اتهامات لجهات في رام الله بالعمل على تشويش مجريات التحقيق في حادثة تفجير موكب الحمد الله. وكانت الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح حملتا حماس المسؤولية الكاملة عن حادثة التفجير باعتبارها مسؤولة عن الأمن في قطاع غزة.
ووصف عباس محاولة الاغتيال «بجريمة منسجمة مع كل المحاولات للتهرب من تمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة عملها في قطاع غزة، وإفشال المصالحة، وملتقية كذلك مع الأهداف المشبوهة لتدمير المشروع الوطني وإقامة دولة مشبوهة في القطاع». وطالب مسؤولون فلسطينيون، حركة حماس بتسليم كل نتائج التحقيقات بشكل كامل إلى القيادة الفلسطينية. وينتظر الفلسطينيون إعلان نتائج التحقيق وسط نقاش حول الجهة المستفيدة.
ويعتقد كثيرون أن إسرائيل مستفيدة بطريقة مباشرة، وأن عملاء تابعين لها ربما يقفون خلف الأمر، لخلط الأوراق من جديد وإدامة أمد الانقسام، ويذهب البعض إلى اتهام جماعات متشددة في القطاع قد يكون هدفها إحراج حماس وضرب علاقتها أكثر بالسلطة، ويؤيد آخرون أن يكون معارضون داخل الحركة التي يتزعمها عباس ربما أرادوا إرسال رسائل له، فيما يذهب البعض إلى القول إنها مسرحية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».