موسكو تنفي ضلوعها في قصف غوطة دمشق وتنتقد «تهويل الغرب»

لافروف يدعو «اللاعبين الخارجيين» إلى الحوار مع النظام

بعد غارة على الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ب)
بعد غارة على الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ب)
TT

موسكو تنفي ضلوعها في قصف غوطة دمشق وتنتقد «تهويل الغرب»

بعد غارة على الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ب)
بعد غارة على الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ب)

نفى الكرملين أمس تقارير تحدثت عن مشاركة الطيران الروسي في قصف الغوطة الشرقية، بالتزامن مع تأكيد موسكو مشاركتها في محادثات جارية في نيويورك لبلورة مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية، لكنها انتقدت في الوقت ذاته محاولات الغرب لـ«التهويل» من الوضع في الغوطة الشرقية واتهمته باستخدام «معايير مزدوجة».
وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن «الاتهامات التي تزعم ضلوع روسيا في سقوط المدنيين في الغوطة لا أساس لها»، وزاد أن «حديث أطراف غربية عن دعم روسي للعملية العسكرية الجارية في الغوطة، لا يستند إلى معطيات، وليس معززا بدليل واحد». ورغم ذلك، فإن بيسكوف قال للصحافيين إن «الأسئلة حول النشاط العسكري الروسي والوضع الميداني والتغييرات التكتيكية، ينبغي أن توجه إلى وزارة الدفاع». في الأثناء، انتقد سيرغي ريابكوف، نائبُ وزير الخارجية الروسي، بقوة ما وصفه بـ«تضخيم الوضع، والتعامل بشكل انتقائي مع الحال الإنسانية في الغوطة، وتعمد تجاهل أوضاع مماثلة» في مناطق سورية أخرى، عادّاً أن «موقف الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، من الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، مثال صارخ لاستخدام معايير مزدوجة».
وأوضح أن «ملف الوضع الإنساني؛ بما في ذلك المساعدات الإنسانية ووصولها إلى المحتاجين لها، بات دليلا على التعامل بهذه الطريقة عند التفكير بالملف السوري بأكمله».
وزاد أن واشنطن تقوم مع شركائها «بطرح المسائل الملائمة لهم بشكل انتقائي ووقح وبهدف ممارسة ضغوط إضافية على دمشق، ولفصل الموضوع الإنساني عن الأوضاع الأخرى المشابهة التي تخلق الإزعاج للأميركيين» في إشارة غير مباشرة إلى الوضع في الشمال السوري.
وردا على سؤال حول موقف روسيا من موضوع إعلان هدنة إنسانية في الغوطة الشرقية، قال الدبلوماسي الروسي: «أعتقد أن الحديث عن هدنة يعتمد على مسار المحادثات الجارية لصياغة مشروع القرار في مجلس الأمن»، وحدد وجهة النظر الروسية حول صياغة القرار بالإشارة إلى أنه «سيكون عن الوضع الإنساني بشكل عام في سوريا». وشدد على أن الجانب الروسي يلفت النظر إلى ذلك خلال كل الاتصالات وعلى مختلف المستويات.
بالتزامن، سارت موسكو خطوة أخرى نحو دعوة المجتمع الدولي إلى تطبيع علاقاته مع الحكومة السورية، وبعد مرور يوم واحد على دعوة وزير الخارجية سيرغي لافروف أنقرة لفتح حوار مباشر مع دمشق، عدّ الوزير الروسي أمس أنه «على كل اللاعبين الخارجيين الحوار مع الحكومة السورية»، مضيفا أنه «يتوجب على كل الأطراف، وبالدرجة الأولى على اللاعبين الخارجيين الذين لهم وجود في سوريا، أن يدركوا ضرورة إطلاق حوار مباشر مع الحكومة السورية يقوم على أساس احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها وفقا لقرارات مجلس الأمن التي أكدت على هذا المبدأ عدة مرات».
ودعا لافروف في المقابل الحكومة السورية للدخول في حوار مع الأكراد للتوصل إلى «حل يراعي مصالح الجميع»، مشددا على أن «الحكومة السورية هي الأخرى يجب أن تنطلق من مبدأ السيادة الذي يشمل جميع أراضي البلاد، ما يعني ضرورة محاورة ممثلي جميع المكونات العرقية والطائفية، بمن فيهم الأكراد».
وأضاف أنه لا يمكن تسوية الأزمة في عفرين إلا انطلاقا من هذا المبدأ، الذي يجب أن تلتزم به «كل المكونات العرقية والطائفية» وغيرها من أطياف الشعب السوري.
وأكد لافروف أن الحوار هو الأساس الذي يخلق فرصة ملموسة لوقف إراقة الدماء وإطلاق تسوية مستدامة، تمهد لتأمين مصالح مختلف القطاعات داخل البلاد، والمصالح المشروعة لجيران سوريا واللاعبين الآخرين أيضا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».