الحمد الله: الحكومة تريد بسط صلاحياتها وولايتها القانونية بشكل فعلي وشامل

قال إن إعادة المؤسسات ومعالجة تداعيات الانقسام وتبعاته تحتاج إلى جهود مضنية

الحمد الله خلال ترؤسه أمس اجتماع حكومة التوافق الوطني الأول في غزة منذ عام 2014 (رويترز)
الحمد الله خلال ترؤسه أمس اجتماع حكومة التوافق الوطني الأول في غزة منذ عام 2014 (رويترز)
TT

الحمد الله: الحكومة تريد بسط صلاحياتها وولايتها القانونية بشكل فعلي وشامل

الحمد الله خلال ترؤسه أمس اجتماع حكومة التوافق الوطني الأول في غزة منذ عام 2014 (رويترز)
الحمد الله خلال ترؤسه أمس اجتماع حكومة التوافق الوطني الأول في غزة منذ عام 2014 (رويترز)

عقدت الحكومة الفلسطينية أول اجتماع لها في قطاع غزة منذ 3 سنوات، وتسلم غالبية الوزراء وزاراتهم في اليوم الثاني لوصول الحكومة، ضمن جهود كبيرة لإنهاء الانقسام، لكنها لم تتخذ أي قرارات فورية، وأحالت الملفات الصعبة والمعقدة للقاء ثنائي فتحاوي حمساوي في القاهرة الأسبوع المقبل.
وقال رامي الحمد الله، رئيس حكومة الوفاق، في اجتماع الحكومة الذي عقد في منزل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في غزة: «نفتتح الجلسة الثانية والسبعين بعد المائة لحكومة الوفاق الوطني، بتوجيهات ومتابعة من فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، في كنف غزة الأبية العصية على الموت، والانكسار، ووسط توافق وطني، وإجماع على رأب الصدع الذي أنهك الكل الفلسطيني، وأحدث اختلالات كبيرة في بنية مجتمعنا ونظامنا السياسي».
وأضاف: «إننا اليوم أمام لحظة تاريخية مهمة، نسمو فيها على الجراح، ونرتقي بوحدتنا بعيدا عن التجاذبات والخلاف والانقسام، ونغلب المصلحة الوطنية العليا، بما يحقق تطلعات شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وفي كل شبر من أرضنا، يحدونا الأمل، بأن تتوافر جميع العوامل والظروف لتمكين حكومة الوفاق الوطني من تسلم صلاحياتها كاملة، بالمضمون لا بالشكل، وبالفعل لا بالقول، ووفقا للقانون الأساسي والقوانين النافذة الصادرة عن رئيس دولة فلسطين، لإنهاء الانقسام بكل أشكاله وتداعياته وتحقيق المصالحة، وإننا بالوحدة والشراكة، نعطي قضيتنا الوطنية الزخم، والقوة، ونصل بمشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية بإنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وكان الحمد الله وصل إلى غزة، الاثنين، على رأس وفد حكومي كبير، ضم وزراء حكومته ومسؤولين آخرين بينهم مدير المخابرات العامة، ماجد فرج، الذي غادر إلى رام الله فجر أمس، واستقبل مدير المخابرات المصرية، وعاد به مجددا إلى غزة.
وعاش الحمد الله أمس يوما حافلا في قطاع غزة يمكن وصفه بيوم الكلمات، إذ ألقى الحمد الله نفسه 3 كلمات، وعقد الناطق باسمه مؤتمرا صحافيا قبل أن يلقي وزير المخابرات المصرية خالد فوزي كلمة ويبث كلمة أخرى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثم يتحدث رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية مرتين على الأقل.
ويأمل الفلسطينيون أن تسفر كل هذه التحركات عن اتفاق مصالحة حقيقي ينهي الانقسام ويتعدى الترتيبات الإدارية.
وقال الحمد الله إنه يعود بحكومته إلى غزة هذه المرة لتذليل العقبات، لكنه يدرك كذلك «أن إعادة المؤسسات الرسمية في قطاع غزة إلى إطار الشرعية والقانون، ومعالجة تداعيات وتبعات الانقسام كافة، تحتاج إلى جهود مضنية والكثير من الصبر والوقت والحكمة».
وناقشت الحكومة الفلسطينية في اجتماعها الاستثنائي ملفات الحصار والأعمار والكهرباء، لكنها لم تتخذ في اجتماعها أي قرارات، وأرجأت جميع الملفات المعقدة لاجتماع ثنائي سيعقد بين حركتي فتح وحماس في القاهرة يوم الأسبوع المقبل.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود: «الحمد الله شدد على عزم الحكومة على حل المسائل العالقة، التي شكلت في الماضي عوائق، وحالت دون إتمام المصالحة، وسيتم إحالة كل هذه المسائل كافة في لقاء القاهرة الأسبوع المقبل، بين الطرفين».
وأضاف: «مجلس الوزراء يطالب برفع الحصار عن قطاع غزة، هذه اللحظات تؤهلنا للتحرك على المستوى الدولي لإنهاء الحصار، والوقوف في وجه التحديات، من أجل تذليل العقبات كافة، ولدعم صمود المواطنين في غزة».
وأشار المحمود إلى أن مجمل الجلسة تركز على ملفات الكهرباء، والمياه، والأعمار، وتم المطالبة بتقارير مفصلة عن كل ملف، يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الأولية.
ويفترض أن تباشر الحكومة تدريجيا في حل مشاكل القطاع المتعلقة بتوفير كهرباء وماء ووقود وبضائع وإنقاذ قطاع الاقتصاد، لكن على حماس وفتح الاتفاق على الملفات الأكثر تعقيدا المتعلقة بالأمن والمعابر والحدود والبرنامج السياسي والانتخابات.
وتريد الحكومة سيطرة كاملة على كل ذلك. وقال الحمد الله: «الحكومة تريد بسط صلاحياتها وبسط ولايتها القانونية في قطاع غزة بشكل فعلي وشامل دون أي اجتزاء أو انتقاص أو استثناء». وسيكون كل ذلك محل نقاش في القاهرة بين حماس وفتح.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، إن وفدا من حركته سيتوجه الاثنين المقبل إلى العاصمة المصرية للقاء وفد حماس. وقال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إن وفده سيلبي الدعوة المصرية يوم الاثنين لمعالجة كل القضايا.
وسيحاول الطرفان الوصول إلى حلول متفق عليها في الملفات التي أفشلت سابقا المصالحة الفلسطينية.
وقال الرجوب، إن حركته ستتعاون بكل إيجابية في اللقاءات بناء على مفاهيم الشراكة والوحدة.
ورد هنية بالقول إن قرار حركته هو أن هذه المصالحة يجب أن تنجح. مضيفا: «نريد ترتيب البيت الفلسطيني في إطار السلطة التي تعني حكومة واحدة لكل الوطن، والتي تعني انتخابات رئيسية وتشريعية في إطار منظمة التحرير، نحن شعب واحد ووطن واحد وقضية واحدة وأهداف واحدة ومصير مشترك ولذلك يجب أن يكون لنا سلطة ومنظمة وقيادة ومرجعية واحدة».
وتابع: «نحن ماضون في هذه الخطوة وفتحنا الباب واسعا وأشهد أن هناك جهداً مشتركاً... لا أدعي أن حماس كل شيء في المشهد... إخواننا في فتح والفصائل وابن الشارع، الذي في كل مكان، كان ينتظر هذه اللحظة لفتح الباب أمام المصالحة».
وأردف «اليوم كل الشارع يتساءل هل ما حصل مختلف؟ أم سنضيفه للاتفاقيات والزيارات، أقول باسمي وباسم إخواني نحن أمام واقع مختلف. يجب أن تكون هذه المرة مختلفة... من غير المسموح لنا أن يكون هناك خلل».
ولا يعرف بعد كيف يمكن لفتح وحماس تسوية ملفات مثل ملف الأمن، في ظل وجود جيش من المسلحين في قطاع غزة.
ويقول الرئيس الفلسطيني إنه لا يقبل سوى بسلاح واحد هو سلاح السلطة، وتقول حماس إن سلاح المقاومة ليس للنقاش.
وتبرز أمام المجتمعين تحديات أخرى مثل قبول أي حكومة ستشارك فيها حماس بشرط الرباعية الدولية، وهو أمر رفضته الحركة مرارا لأنه يتضمن الاعتراف بإسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».