اعتبرت الصحافة الجنوب أفريقية، أمس، أن فشل مذكرة لحجب الثقة أول من أمس (الثلاثاء) عن الرئيس جاكوب زوما ليس سوى نصف انتصار لرئيس الدولة، لأن التصويت بفارق ضئيل عكس انقسامات عميقة داخل الحزب الحاكم.
لم يكن ينقص سوى 24 صوتا من أصل 400 ليؤيد النواب مذكرة حجب الثقة عن زوما التي قدمتها المعارضة. ووقف ثلاثون نائبا من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم إلى جانب المعارضة ضد زوما، يحدوهم إلى ذلك أن التصويت تم بالاقتراع السري.
ومن أصل أربع مذكرات استهدفت زوما منذ 2015، إنها المرة الأولى التي يخرج الرئيس فيها بفوز منقوص. وتساءلت أسبوعية «ميل آند غارديان»، أمس، على موقعها «إلى متى سيظل الرئيس جاكوب زوما قادرا على البقاء بعد تصويت الثلاثاء (أول من أمس) الذي ليس سوى نصف انتصار لمن يؤيدون رئاسته؟».
وقال ريتشارد كالاند، الأستاذ في جامعة كيب تاون، في افتتاحية لموقع «نيوز 24»: «قد يكون انتصارا لزوما. ولكن على المدى البعيد، يمكن اعتبار ذلك هزيمة كبيرة» للحزب الحاكم.
فمنذ بداية الولاية الثانية لزوما في 2014، تستمر شعبية حزب الزعيم الراحل نيلسون مانديلا في التراجع. وتطول لائحة الفضائح التي تطارد زوما شهرا بعد آخر. فمن استغلال الأموال العامة، لتجديد منزله الخاص، إلى اتهامات عدة بالفساد، وشبهات بتواطؤ مع أسرة غوبتا الكبيرة التي تمارس الأعمال، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد الجنوب أفريقي ليس في أحسن حال، مع انكماش ونسبة بطالة قياسية (27.7 في المائة)، وخفض للتصنيف الائتماني للبلاد. وكانت الانتخابات البلدية في 2016 دليلا على ذلك، إذ أظهرت الضعف الذي لحق بالمؤتمر الوطني الأفريقي.
فالحزب الحاكم منذ نهاية نظام الفصل العنصري في 1994، حقّق العام الماضي نتيجة متدنية تاريخيا (أقل من 54 في المائة على الصعيد الوطني)، وخسر سيطرته على كثير من المدن الكبرى بينها جوهانسبرغ والعاصمة بريتوريا.
وقال أشيل مبيبي، المؤرخ في جامعة ويتس في جوهانسبرغ، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشهد نموذجا سياسيا في مرحلة ما بعد الاستعمار يستنفد نفسه. فبعدما وصل كحركة تحرر إلى السلطة، تحول إلى شبكة واسعة من الزبائنية وخسر شرعيته بعد نحو عشرين عاما». وأضاف أن «المعارضة ستواصل حملتها ضد زوما (...) أمس لم يتلفظ المؤتمر الوطني الأفريقي بكلمة دستور أو ديمقراطية. المعارضة هي التي فعلت ذلك، وخرجت أقوى». من هنا، لا يزال لدى قادة المعارضة أمل بالتغيير رغم فشلهم.
ومساء الثلاثاء، قال جوليوس ماليما، زعيم «المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية»، إن «عملنا يؤتي ثماره. نقول للجنوب أفريقيين إننا نحرز تقدما، وسنصل إلى هدفنا».
وبعد معركتهم الأخيرة في البرلمان، يعول المعارضون على القضاء لإسقاط زوما، خصوصا أنه مهدد بإحياء 783 تهمة فساد في قضية قديمة العهد تتصل بعقد تسلح. ويبقى السؤال الكبير الذي سيقلق الحزب الحاكم في الأشهر المقبلة: هل سيتمكن الرئيس من الصمود عامين إضافيين وإنهاء ولايته؟ وعلق أشيل مبيبي: «لن أفاجأ بتسارع الأمور وصولا إلى سقوط زوما قبل ديسمبر (كانون الأول) 2017».
وفي حال تم احترام البرنامج الزمني، على الحزب أن ينتخب في ديسمبر (كانون الأول) رئيسه الجديد، تمهيدا للانتخابات العامة في 2019، وعلى المؤتمر الوطني الأفريقي أن يختار بين معسكرين؛ وهما أنصار الرئيس بقيادة الرئيسة السابقة للاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، والإصلاحيون بزعامة سيريل رامافوزا نائب الرئيس الحالي.
لكن موسي مايمان، رئيس «التحالف الديمقراطي»، أكبر حزب معارض، نبّه أمس إلى أن «جنوب أفريقيا لا يمكن أن تنتظر حتى ديسمبر»، معتبرا أن «التغيير الذي نحتاج إليه لن يأتي من مؤتمر» للحزب الحاكم. وطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
نجاة زوما من تصويت حجب الثقة تعكس انقسام حزبه
أصوات داخل «المؤتمر الوطني الأفريقي» تتوقع سقوطه خلال أشهر
نجاة زوما من تصويت حجب الثقة تعكس انقسام حزبه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة