جامعة فيينا للأطفال... طب واقتصاد وسياسة وأكثر

نافذة على مؤسسة تعليمية

تنتظم الدراسة لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 14 يوماً (موقع الجامعة الرسمي)
تنتظم الدراسة لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 14 يوماً (موقع الجامعة الرسمي)
TT

جامعة فيينا للأطفال... طب واقتصاد وسياسة وأكثر

تنتظم الدراسة لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 14 يوماً (موقع الجامعة الرسمي)
تنتظم الدراسة لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 14 يوماً (موقع الجامعة الرسمي)

تسلّم كلّ من أندرياس (7 سنوات) وصوفي (11 سنة) وملينا (9 سنوات)، ضمن دفعة هذا العام شهادات تخرّجهم في جامعة فيينا للأطفال، وسط فرحة الأهل وتهنئة فريق الأساتذة الجامعيين ممن شاركوا في البرنامج الدراسي لعام 2017، الذي افتتحه رئيس الجمهورية، ألكسندر فان دير بلن، الأستاذ الجامعي سابقا.
انطلقت فكرة جامعة فيينا للأطفال، عام 2003 لتلحق بها جامعات عريقة مشابهة في عدد من كبريات المدن، بعد أن أثبتت نجاحها موسما بعد موسم مستغلة فراغ عدد من مباني جامعة فيينا خلال العطلة الصيفية لجذب أطفال من الفئات العمرية ما بين 7 إلى 14 سنة، للتعرف على عالم الدراسة الجامعية وترغيبهم به مستقبلا.
يدرس الصغار مستلهمين أجواء الجامعة داخل مدرجاتها وفي معاملها ومراكز أبحاثها ومكتباتها، ويُشرف على تدريسهم فريق من أساتذتها وبروفسوراتها.
يفتح باب التسجيل لكل عام دراسي في يونيو (حزيران) مجانيا، ويمكن الانتساب إليها عبر موقعها على الإنترنت، أو الحضور شخصيا إلى مكتبها، وتبقى الأفضلية للصغار ممن يأتون من أسر غير جامعية.
تنتظم الدراسة لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 14 يوماً، خلال النصف الثاني من شهر يوليو (تموز)، حيث يتعرّف الطلاب المنتسبون إليها على خلال هذه الفترة، على المجالات التي يوفرها التعليم الجامعي والفرص التي يفتحها أمامهم لمستقبل أفضل، بأساليب تعليم حديثة تثير اهتمامهم وتنمّي فيهم ملكات الابتكار والبحث والاستفسار والاعتماد على الذات.
مع نجاح المشروع وزيادة عدد الراغبين بالانتساب، زاد عدد الكليات، ممّا أتاح المجال للتوسّع في عدد المجالات العلمية المتاحة، وعلى الطالب قبل التسجيل أن يتّخذ قراره لاختيار الفرع والاختصاص الذي يرغب الانضمام إليه.
وكما في الحياة الجامعية الحقيقية، هناك مجالات مشتركة ومتداخلة، ممّا يسمح بمزيد من الانتشار والتعارف بين الطلاب الذين يضمهم النادي، ولهم أماكن مخصصة للأكل وأنشطة ثقافية ورياضية بالإضافة إلى تنظيم محاضرات وجلسات نقاش مفتوحة، تؤكد أنّ العلم ليس جامدا وصلبا وبالتالي لا يتطلب مؤهلات خارقة، إنّما الرغبة في التعلّم والاجتهاد نصيب من يريد الوصول إلى هدفه.
من جانب آخر ضاعف انضمام مزيد من الكليات بما في ذلك كلية الفنون التطبيقية والطب البشري والطب البيطري وعلوم الحياة وجامعة التكنولوجيا والاقتصاد والأعمال من مدارك وثقافة الصغار، كما زوّدهم بضرورة استخدام وسائل المواصلات العامة بأنواعها لتنقل أسرع في فيينا، ولمعرفة عناوين مختلف المباني الجامعية ومواقعها التي تنتشر في كل أنحاء المدينة، حول المبنى الرئيس وبعيدا عنه.
وهذا الأمر يعتبر بدوره اختبارا للطلاب الصغار وتنشيطا لقدراتهم في تنظيم برامجهم ومواعيدهم وللوصول إلى المكان المحدّد في الوقت المحدد، حسب برنامج الدراسة والفعاليات والأنشطة الذي يُوزّع قبل بدء الموسم الدراسي.
باختبار مواهب الأطفال تتّضح إمكانات ومؤهلات جميع المنتسبين، وتظهر مواهبهم واهتماماتهم، فمن له ملكة إعلامية على سبيل المثال، سيتوجّه إلى موقع تحرير صحيفتهم الإلكترونية، ومن يبرز وينجح في أنشطة أخرى كالرياضية والاجتماع والإدارة، سيتوجه طبعا إلى القسم الذي يهتم بموهبته.
تشمل المناهج الدراسية موضوعات تثير اهتمام الدارسين وتفتح مداركهم وتمدّهم بمعلومات عمّا يسمعونه في عالم اليوم من موضوعات تُطرح، ومنها الدراسات السياسية في ممارسة الديمقراطية ومفهومها والحديث عن البيئة والإشعاع النووي ووسائل التواصل والتقنية والحقوق القانونية، بأساليب سلسة وتجارب عملية مع تكثيف الزيارات الميدانية لمبنى البرلمان، لتعريف الطلاب على النظم السياسية، بالإضافة إلى زيارة إمكان ومؤسسات كثيرة للتعرف على مختلف مجالات الاختصاصات عملياً.
بالطبع تتطلب دراسة الصغار في جامعة فيينا الإلمام باللغة الألمانية اللغة الأم للبلاد، إلى جانب الإنجليزية.
مما يجدر ذكره أنّ للجامعة مجلساً يتكون من سبعة أعضاء، يديره الصغار بكل حكمة وحنكة وذكاء، فيما تُشرف على البرنامج، مجموعة من الأكاديميين والمشرفين الذين يخطّطون لبناء أجيال مستقبلية واثقة ويوفّرون لها كل مقومات التطور والإمكانيات الثقافية.
من جانبه، يدعم الاتحاد الأوروبي مشروع جامعات الأطفال بتمويل موقع تقني يعمل على تعميق تبادل المعلومات والتجارب فيما بينها وتقديم المساعدة كما تُنظّم ندوات وحصصاً بصورة دورية لمزيد من التطور والإفادة بدلا من أن تغلق الجامعات أبوابها في فترة العطل الصيفية ليحرم من يرغب من الصغار وغيرهم، من المشاركة في هذه التجربة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.