منظمات إنسانية تحذر من شح المواد الغذائية في الرقة السورية

TT

منظمات إنسانية تحذر من شح المواد الغذائية في الرقة السورية

حذرت منظمات إنسانية دولية، أمس، من شح المواد الغذائية داخل مدينة الرقة السورية مع إغلاق الأسواق التجارية أبوابها، ما دفع السكان إلى الاعتماد بشكل كامل على مخزونهم المتضائل مع استمرار المعارك.
وذكرت هذه المنظمات الناشطة في محيط الرقة والمنضوية في إطار مبادرة «ريتش» في بيان تقييمي، أنه «فيما كان السكان في الأسابيع الماضية قادرين على شراء بعض الأطعمة من الأسواق... باتوا يعتمدون حالياً وبشكل كامل على الغذاء المخزن لديهم خلال الأسابيع السابقة».
وحذرت من أن الوصول إلى الغذاء بات صعبا للغاية، موضحة أن «أسواق المواد الغذائية التي كانت تعمل بشكل متقطع قبل ثلاثة أسابيع، لم تعد قيد الخدمة بشكل عام». ولم يعد الخبز متوافرا بانتظام في أي من أحياء مدينة الرقة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية، ما أجبر السكان على تناول وجبات محدودة أو الامتناع عن ذلك بالكامل، وفق البيان.
وتشهد الرقة منذ نحو شهرين معارك عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية، المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، والجهاديين المتحصنين داخل المدينة التي تعد معقلهم في سوريا. وتمكنت هذه القوات من السيطرة على نصف مساحة المدينة منذ بدء هجومها.
وحذرت حملة «الرقة تذبح بصمت» التي تضم ناشطين محليين في المدينة وتشكل مصدراً بارزاً للمعلومات عن الرقة، من أزمة شح المواد الغذائية. وقال الناشط في الحملة حسام عيسى في وقت سابق هذا الشهر لوكالة الصحافة الفرنسية: «أغلقت الأفران أبوابها نتيجة عدم توافر المازوت والطحين وكذلك هرب أصحابها»، موضحاً أن الطحين المتوافر قد فسد.
وأضاف: «لم يعد الناس قادرين على أن يخزنوا شيئا في البرادات بسبب عدم توافر الكهرباء، ولا يمكنهم كذلك إعداد الطعام لعدم توافر المياه».
وتقدر الأمم المتحدة أن عدد السكان المتبقين داخل مدينة الرقة يراوح بين عشرين ألفا وخمسين ألفا، في حين ذكرت مبادرة «ريتش» أن العدد لا يتجاوز عشرة آلاف شخص. وقالت إن 14 حياً في المدينة باتت مهجورة أو شبه مهجورة.
وبحسب بيان التقييم ذاته، لا يزال جناح واحد في المستشفى الحكومي في الرقة قيد الخدمة لكنه يقدم خدمات الإسعاف الأولية فقط. وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في بيان الاثنين بأن «عدداً كبيراً من المرضى والجرحى عالقون في مدينة الرقة ويعانون من صعوبة في الحصول على الرعاية الطبية أو يعجزون عن الحصول عليها بتاتاً وأمامهم فرصة ضئيلة لمغادرة المدينة».
ونقلت عن مريض (41 عاماً) أصيب بشظية في صدره وفقد سبعة من أفراد أسرته قبل فراره من الرقة «في مدينة الرقة، إن لم تمت جراء الغارات الجوية، ستموت بقذيفة هاون، وإن لم تقتل بقذيفة هاون ستموت بنيران القناصة، وإن لم يكن بنيران القناصة فستموت بعبوة ناسفة».
وأضاف: «إذا نجحت في البقاء على قيد الحياة، ستعاني الحصار والجوع والعطش، ولا يوجد لا طعام ولا مياه ولا كهرباء».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.