اختيار نوع المولود في الهند يخلّ بالتوازن بين الجنسين

عدد الرجال ازداد عن النساء بمقدار 50 مليوناً

جهاز الموجات فوق الصوتية
جهاز الموجات فوق الصوتية
TT

اختيار نوع المولود في الهند يخلّ بالتوازن بين الجنسين

جهاز الموجات فوق الصوتية
جهاز الموجات فوق الصوتية

ازداد عدد الرجال في الهند اليوم، عن النساء بمقدار 50 مليونا. وارتفعت على مدى العقود الماضية، عمليات إجهاض الأجنة الإناث بشكل اختياري، سنوياً، من 300 ألف إلى 700 ألف. وفي الوقت الذي يعزى سبب زيادة عدد الرجال على هذا النحو إلى اختيار إجهاض الأجنة الإناث، هناك أسباب أخرى للفارق العددي بين الجنسين، وهي قتل البعض للإناث الرضع حال ولادتهن، وموت بعضهن وهن صغيرات، بسبب الإهمال الطبي أو سوء التغذية.
في فترة الثمانينات، تزامنت رغبة بعض الآباء بإنجاب طفل واحد فقط وأن يكون ذكرا خلافا لما كانت عليه حال الأجيال السابقة، مع ظهور جهاز الموجات فوق الصوتية، واستخدامه لمعرفة نوع الجنين، فبدأت النساء يجهضن الأجنة التي من المحتمل أن تكون إناثاً.
وعلى الرغم من تنامي دور المرأة في مجال العمل، فإن الفكرة القديمة ما تزال سائدة، وهي أن الابن هو المعيل الوحيد للأسرة ولوالديه عندما يكبر. ولا يزال آباء كثر في الهند، يضطرون لدفع مهر لتزويج بناتهن على الرغم من عدم قانونية ذلك. كما تقتضي التقاليد الهندوسية وجود ابن ليقوم بمراسم جنازة أبويه.
أقرّ في عام 1994 قانون، يمنع العاملين في الجهاز الطبي، من الكشف عن نوع الجنين، ورغم ذلك، فإنّ الأفراد يستطيعون الحصول على المعلومة من مشغلي جهاز الموجات فوق الصوتية وبشكل غير قانوني.
الجدير ذكره، أنّ الإجهاض في الهند قانوني، ومن السّهل على من يمتلك المال الخضوع لهذه العملية، وبما أنّ جهاز الموجات فوق الصوتية هو الطريقة الأكثر شيوعاً لمعرفة نوع الجنين، فإنّ أكثر عمليات الإجهاض تكون جراحية، حين يكون الحمل في مراحل متقدمة، ويصعب إجهاض الجنين باستخدام الحبوب.
ينتشر التدخل في نوع المولود وإجراء عمليات الإجهاض، في المناطق الحضرية وبين أفراد الطبقة المتوسطة والمتعلمة لامتلاكهم المال وقدرتهم على التواصل مع أشخاص غير قانونيين، قادرين على إجراء عمليات إجهاض. يختلف نطاق انتشار إجهاض الإناث من ولاية إلى أخرى في الهند، ففي ولاية كيرالا الجنوبية، نسبة النساء مقارنة بالرجال طبيعية، فيما هناك زيادة كبيرة بعدد الرجال في ولاية هاريانا الشمالية.
نطاق انتشار اختيار نوع المولود في الهند واسع جداً، حيث تشير بعض التقديرات الديموغرافية إلى أنّه في حال استمرار هذا التدخل في نوع المولود على هذا، فسيكون نحو 10 في المائة من الرجال بلا نساء، في غضون 30 عاماً. ولطالما أشار العلماء إلى أنّ الفارق الكبير بين تزايد عدد الرجال مقابل النساء في كل من الصين والهند، سوف يؤدي إلى اضطرابات في المجتمع، وزيادة العنف. ووجد علماء الاجتماع الذين يفحصون نتائج المسوح القومية لعشرات الآلاف من الأسر في الهند، أنّه في المجتمعات التي يزيد فيها عدد الرجال عن النساء، تزداد جرائم الاغتصاب وحالات زواج القاصرات والعنف المنزلي وحالات التحرش الجنسي. لا بدّ من الإشارة إلى أنّه من غير المؤكّد ما إذا كان سبب الفجوة في العدد بين الجنسين سببا مباشرا في عمليات الاغتصاب وغيرها من التجاوزات والعنف ضدّ المرأة.
مع ذلك لا يعد الربط بوجه عام بين اختيار نوع المولود وتفضيل إنجاب الذكور على الإناث دقيقاً. اكتشف برابهات جها، اختصاصي في علم الأوبئة بجامعة تورونتو والمؤلفين المشاركين له، أنّ الآباء الهنود الذين يتدخلون في نوع المولود، يفعلون ذلك في الولادة الثانية أو الثالثة، بعد إنجابهم لبنت أو اثنتين. من جهة أخرى، فإن أنجب الأبوان ذكراً، فسيتقبلون حتما جنس المولود الثاني. قد يشير هذا الأمر إلى أنّ أكثر الأزواج، الذين يتدخلون في عملية الإنجاب، يريدون صبيا واحدا على الأقل، وليس لديهم مشكلة بإنجاب الفتيات. وقد يرغب بعض الآباء بإنجاب إناث، لكنّهم لا يتصرفون بناء على هذه الرغبة. وهنا تسمح الحكومة الهندية لأولئك الآباء بإنجاب فتاة. ومن وسائل القيام بذلك، الفصل بين الحيوانات المنوية بحيث يُفصل بين النوع الذي يحمل كرموسوم «إكس» والآخر الذي يحمل «واي». بعد ذلك لا يُسمح سوى بدخول الحيوان المنوي الذي يؤدي إلى تكوين جنين من الجنس الذي يريده الأبوان صناعياً، إلى الرحم. ويمنع القانون حالياً اختيار جنس المولود، باستخدام الفصل بين نوعي الحيوانات المنوية معملياً حتى إذا أراد الأبوان إنجاب فتاة. وينبغي تعديل القانون بحيث يسمح باختيار نوع الجنين حين يكون الاختيار فتاة.
سيتال كالانتري، أستاذ في كلية الحقوق جامعة كورنيل، ومؤلف «حقوق المرأة والهجرة: قوانين الإجهاض للتحكم في نوع جنس المولود في الولايات المتحدة الأميركية والهند».
لا توجد حالياً حلول ناجعة لمشكلة اختيار نوع الجنين. وزاد عدد الأطفال من الذكور منذ عام 2001 حتى عام 2011. وهو تاريخ آخر تعداد سكاني. يحمّل الكثيرون الحكومة مسؤولية الفضل في محاكمة من يكشفون عن نوع الجنين بشكل غير قانوني. لذا بدأت بعض مؤسسات المجتمع المدني، بدافع الإحباط من عجز الحكومة، في شنّ حملات تسعى فيها السيدات الحوامل إلى معرفة نوع الجنين، وبعد ذلك يقمن بالإبلاغ عن مشغّلي أجهزة الموجات فوق الصوتية الذين أخبروهم بجنس الجنين.
حتى في ظل بذل المزيد من الجهود، فمن المستحيل أن القضاء على السوق السوداء للكشف عن نوع الجنين، حيث تُستخدم أجهزة الموجات فوق الصوتية في متابعة الحالة الصحية للنساء الحوامل، ومن الصعب رصد الأعمال التي تتم سراً. كذلك باتت هناك طرق جديدة لمعرفة نوع الجنين في السوق العالمية، إذ يمكن استخدام تحليل الدم بعد سبعة أسابيع من بدء الحمل، في توقع نوع الجنين. وتنتشر الإعلانات عن اختبارات معرفة نوع الجنين على الإنترنت، وأصدرت المحكمة الهندية العليا أخيراً، حكماً يقضي بممارسة «غوغل» ومحركات البحث الأخرى، المزيد من الرقابة على تلك الإعلانات.
وتراقب بعض السلطات والمنظمات التي لا تهدف للربح، حركة السيدات الحوامل اللاتي لديهن فتيات، لضمان عدم قيامهن بعمليات إجهاض.
تدفع بعض الحكومات المحلية في الهند، المال للنساء في حال إنجابهن لإناث. وتستهدف هذه الاستراتيجية إثناءهنّ عن إجهاض الأجنة الإناث. وينبغي أن تقوم الحكومة الهندية بالمزيد من الإجراءات من أجل تشجيع الناس على إنجاب الفتيات.
وإن أُتيحت عملية الفصل بين نوعي الحيوانات المنوية، التي تنجح بنسبة 93 في المائة بإنجاب الإناث لأي امرأة ترغب في ذلك، قد نرى نساء فقيرات ومن الطبقة المتوسطة ينجبن إناثا، مما يساعد في تحقيق التوازن بين الجنسين. ويتمثل التحدي في تطبيق هذا الأمر بشكل صحيح. وفي الوقت الذي يمكن إتمام عملية اختيار نوع الجنين من خلال الحقن المجهري، تعد تكلفة هذه الطريقة أكبر، وتتطلب تدخلا جراحيا مقارنة بفصل نوعي الحيوانات المنوية.
لا يزال أمام أكثر البلدان، بما فيها الهند، طريق طويل لتحقيق التوازن بين عدد النساء والرجال؛ فطبقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تشغل الهند المركز رقم 125 من بين 159 دولة في التوازن بين أعداد الجنسين. ومن شأن الحملات الدعائية التلفزيونية والإذاعية، التي تستهدف تغيير الموقف الإنجابي تجاه النساء الفتيات والنساء، تحسين التوازن بين أعداد الجنسين على المدى الطويل. كما يجب على الحكومة الهندية والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني، إيجاد حلول سريعة لعلاج هذه الفجوة في أعداد الجنسين من المواليد.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.