خرجت المعارضة الموريتانية مساء أمس في مظاهرات متزامنة بالعاصمة نواكشوط لرفض التعديلات الدستورية، التي ستعرضها الحكومة يوم الخامس من أغسطس (آب) المقبل على استفتاء شعبي، يعد الأول من نوعه منذ وصول الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم عام 2009.
وأكدت المعارضة الموريتانية، التي شكلت تنسيقية موسعة تضم أحزاباً سياسية وهيئات مجتمعية ونقابات عمالية، أنها ستستمر في تعبئة الشارع والتظاهر السلمي حتى يتم إسقاط التعديلات الدستورية المقترحة من طرف النظام الحاكم، رغم تعرض بعض مظاهراتها للقمع من طرف الشرطة بحجة أنها «غير مرخصة»، وفي المقابل كانت المظاهرات التي نظمتها المعارضة مساء أمس مرخصة وبتنسيق مع السلطات الإدارية والأمنية، وبالتالي جرت في أجواء هادئة ومن دون أي احتكاك مع عناصر الأمن.
وكانت المعارضة قد عقدت صباح أمس مؤتمراً صحافياً انتقدت فيه التعديلات الدستورية، وقال رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض أحمد ولد داداه، إن التعديلات الدستورية المعروضة على الشعب الموريتاني «ستقود موريتانيا إلى مستقبل مجهول وخطير جداً». وأوضح ولد داداه، الذي يوصف بأنه واحد من أقدم الشخصيات المعارضة في موريتانيا، أن ولد عبد العزيز يسعى من خلال التعديلات الدستورية إلى «البقاء في السلطة» لولاية رئاسية ثالثة يمنعها الدستور بمواد محصنة سيتم تعديلها فيما بعد، معتبراً أن ما يتم الآن ليس سوى الجولة الأولى من سلسلة تعديلات ستطال كامل الدستور الموريتاني.
من جهة أخرى، قال جميل منصور، الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، إن تنسيقية المعارضة نجحت في إسقاط التعديلات الدستورية «على المستوى السياسي»، مرجعاً ذلك إلى ما قال إنه «إظهار المواطنين رفضهم لهذه التعديلات كلما أتيحت لهم الفرصة».
وأضاف ولد منصور، الذي يقود أكبر حزب سياسي معارض ممثل في البرلمان، إنهم في تنسيقية المعارضة الرافضة لتعديل الدستور «سيواصلون التظاهر والاحتجاج والتجمهر سواء قبلت السلطات بذلك أم رفضت»، في إشارة إلى عدم ترخيص مظاهرات سابقة واستخدام القوة لتفريقها، مؤكدا أنهم في المعارضة «يرفضون التعسف في استخدام السلطة العمومية ضدهم»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، وجه الرئيس الموريتاني انتقادات لاذعة للمعارضة، وقال إنهم «مجموعة من الفاشلين سياسيا واقتصاديا، ويشكلون تهديدا حقيقيا لوحدة موريتانيا وتماسك شعبها»، وأضاف ولد عبد العزيز أمام الآلاف من أنصاره في مدينة إزويرات، شمال البلاد، أن «المعارضة تتلقى التمويل من جهات خارجية تسعى لزعزعة الأمن في البلاد»، وفق تعبيره.
وفي سياق حديثه عن أهمية التعديلات الدستورية، قال ولد عبد العزيز إنه «يحتاج وقتا لتنقيح الدستور وتعديله حتى يتماشى مع قيم وتقاليد المجتمع الموريتاني»، وأشار في السياق ذاته إلى أن «هنالك فقرات من الدستور الحالي ورثناها من المستعمر»، وإنه سيحتاج إلى «عامين أو ثلاثة أو حتى خمس سنوات، حتى ننقي دستورنا ونجعله يتماشى مع مجتمعنا».
وتثير مثل هذه التصريحات مخاوف المعارضة، التي ترى أن ولد عبد العزيز يخفي نياته للبقاء في السلطة، رغم نفيه في أكثر من مرة أي نية للترشح لولاية رئاسية ثالثة، ولكن حديث الرجل عن خمس سنوات لتنقيح الدستور يعيد شكوك المعارضة إلى الواجهة، خاصة أن ولايته الرئاسية الثانية الأخيرة لم يبق منها إلا عامان فقط، إذ تنتهي عام 2019.
وترتفع أصوات داخل الأغلبية الرئاسية الحاكمة في موريتانيا تطالب الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، ولكن الأخير سبق أن أعلن في عدة مناسبات أنه لن يترشح لولاية رئاسية ثالثة، ولكنه في المقابل أكد أنه سيبقى في المشهد السياسي، وأنه قد يختار شخصية لدعمها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من دون أن يعطي تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع، مكتفياً بالقول إن «النظام الذي أسسه والمنهج سيستمران»، وفق تعبيره.
المعارضة الموريتانية تتظاهر ضد تعديل الدستور
المعارضة الموريتانية تتظاهر ضد تعديل الدستور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة