«إضاءات على مسيرة كارتييه»... معرض يطير بنا من الماضي إلى الحاضر

ولادة أول ساعة معصم في عام 1904 تعكس حقبة شهدت عدة تغيرات اجتماعية وفنية واختراعات تكنولوجية

ساعة المعصم «سانتوس» بنظام حركة ذاتي اللف... صُنع هذا النموذج عام 1978 من الذهب والفولاذ مع حجر شباينل أحادي الوجه باللون الأزرق... من «فينسنت وولفيريك»... تشكيلة «كارتييه»© «كارتييه»- ألبرتو سانتوس دومونت في منزله الباريسي يتناول الطعام مع أصدقائه على كراسٍ مرتفعة بهدف اختبار شعور «الارتفاع عن الأرض»... نحو عام 1900...من أرشيف «كارتييه»© «كارتييه» - ألبرتو سانتوس دومونت  على متن طائرته رقم «15» عام 1907... من أرشيف «كارتييه» © «كارتييه»
ساعة المعصم «سانتوس» بنظام حركة ذاتي اللف... صُنع هذا النموذج عام 1978 من الذهب والفولاذ مع حجر شباينل أحادي الوجه باللون الأزرق... من «فينسنت وولفيريك»... تشكيلة «كارتييه»© «كارتييه»- ألبرتو سانتوس دومونت في منزله الباريسي يتناول الطعام مع أصدقائه على كراسٍ مرتفعة بهدف اختبار شعور «الارتفاع عن الأرض»... نحو عام 1900...من أرشيف «كارتييه»© «كارتييه» - ألبرتو سانتوس دومونت على متن طائرته رقم «15» عام 1907... من أرشيف «كارتييه» © «كارتييه»
TT

«إضاءات على مسيرة كارتييه»... معرض يطير بنا من الماضي إلى الحاضر

ساعة المعصم «سانتوس» بنظام حركة ذاتي اللف... صُنع هذا النموذج عام 1978 من الذهب والفولاذ مع حجر شباينل أحادي الوجه باللون الأزرق... من «فينسنت وولفيريك»... تشكيلة «كارتييه»© «كارتييه»- ألبرتو سانتوس دومونت في منزله الباريسي يتناول الطعام مع أصدقائه على كراسٍ مرتفعة بهدف اختبار شعور «الارتفاع عن الأرض»... نحو عام 1900...من أرشيف «كارتييه»© «كارتييه» - ألبرتو سانتوس دومونت  على متن طائرته رقم «15» عام 1907... من أرشيف «كارتييه» © «كارتييه»
ساعة المعصم «سانتوس» بنظام حركة ذاتي اللف... صُنع هذا النموذج عام 1978 من الذهب والفولاذ مع حجر شباينل أحادي الوجه باللون الأزرق... من «فينسنت وولفيريك»... تشكيلة «كارتييه»© «كارتييه»- ألبرتو سانتوس دومونت في منزله الباريسي يتناول الطعام مع أصدقائه على كراسٍ مرتفعة بهدف اختبار شعور «الارتفاع عن الأرض»... نحو عام 1900...من أرشيف «كارتييه»© «كارتييه» - ألبرتو سانتوس دومونت على متن طائرته رقم «15» عام 1907... من أرشيف «كارتييه» © «كارتييه»

إنه معرض يطير بك إلى السماء... إنه يأخذك من عام 1904 إلى الحاضر في رحلة مثيرة تذكرنا أنه لولا الاختراع والبحث الدائم عن الجديد لما تطورت الحياة. والحقيقة أنه عندما أعلنت دار «كارتييه» عن معرضها الجديد في «متحف التصميم»، The Design Museum، بلندن، لم يتوقع أحد ما ستقدمه فيه. كل التفاصيل التي توفرت أن بطلته هي ساعة «سانتوس» التي غيرت صناعة الساعات إلى الأبد. كان ذلك في عام 1904 عندما طلب الطيار البرازيلي ألبرتو سانتوس ديمون من السيد لويس كارتييه أن يصمم له ساعة يضعها على معصمه حتى يسهل عليه قراءة الوقت وهو يقود طائرته. كان له ما أراد، وهكذا ولدت أول ساعة تزين المعصم كان الغرض الأساسي منها وظيفياً، قبل أن تتحول إلى رمز للترف والفخامة.
«إضاءات على مسيرة (كارتييه)» هو عنوان المعرض. أشرف عليه المعماري نورمان فوستر بالتعاون مع ديان سودييتش، مدير المتحف. وفي حين يسرد نورمان فوستر قصة المعرض كونه القيم عليه، فإن الفيلسوف ألان دو بوتون يناقش فيه القوة الرمزية للأشياء، بينما يعاين نيكولاس فولكس الحضور اليومي لـ«كارتييه»، وتستكشف الممثلة روزي دو بالما شاعرية تصاميم الدار الفرنسية، وتعرّف كارول كاسابي (مديرة قسم إنتاج منظومات الحركة لدى «كارتييه») القرّاء على أهم الإنجازات والابتكارات في صناعة الساعات.
من جهة أخرى، يستعرض المؤرخ جان بيير بلاي بعض التغييرات التي شهدها مطلع القرن العشرين، فيما يتحدث بوب كولاكيلو (المؤلّف والصديق المقرّب لآندي وورهول) عن حفلة «ليلة سانتوس» في نيويورك.
على خلاف كثير من المعارض المماثلة، فإن معرض «إضاءات على مسيرة (كارتييه)» مركز من ناحية المساحة التي خُصصت له ومن ناحية المعلومات البصرية والسمعية والمكتوبة فيه، وهو ما كان في صالحه. فهو لم يُصب بالتعب أو الملل على الإطلاق؛ بل العكس تماما تخرج وكل حواسك قد تزودت بمعلومات كانت غائبة عنك وتتطلع للمزيد.
المعرض كان بطلب من متحف التصميم في لندن. فعندما حصل على ساعتي المعصم «تانك» و«سانتوس» من «كارتييه» على أساس أن يُضيفهما إلى تشكيلته الدائمة (المصمم، الصانع، المستخدم) المعروضة ضمن مبناه الجديد في شارع «كينسيغتون هاي ستريت»، راودته الفكرة. كان تصميم الساعتين مثيرا وشجع على فتح حوار بين مدير المتحف ديان سودييتش و«كارتييه» كانت نتيجته الاتفاق على تنظيم معرض يكون نورمان فوستر قيّماً عليه. لم يتردد هذا الأخير في القبول. كان يكفي أن يسمع بأن ساعة «سانتوس» المستوحاة من عالم الطائرات والتحليق الذي يعشقه، ستكون نجمته ليتحمس له. بعد عدّة لقاءات في باريس وجنيف ولندن وميلانو وطبعا لوشو - دو - فون، حيث توجد معامل «كارتييه» في سويسرا، تبلورت الفكرة. كان مهما أن يحكي نورمان فوستر تطور صناعة الساعات وولادة أول ساعة معصم. وطبعا لم يكن هذا ممكنا من دون تسليط الضوء على التغيرات الاجتماعية والثقافية الكبيرة التي شهدها مطلع القرن العشرين على جميع الأصعدة؛ من الفن والتصميم المعماري، إلى السفر وطريقة التعامل مع الوقت. 170 قطعة معروضة كانت كافية لإعطاء درس مفيد؛ بعضها يعود إلى دار «كارتييه»، وبعضها استعاره المتحف من القصر الأميري في موناكو، ومن متحف الطيران والفضاء في مطار «لو بورجيه»، و«مركز روكفلر».
وتم التركيز في المعرض على 6 موضوعات أساسية؛ أولها التطورات التي شهدتها باريس وتأثيرها على تصاميم «كارتييه»، تليها صلات لويس كارتييه مع ألبرتو سانتوس - دومونت وغيره من روّاد تلك المرحلة، وثالثا ولادة مفهوم ساعة المعصم الحديثة، فضلا عن الإكسسوارات اليومية التي ظهرت خلال فترة ما بين الحربين. الموضوع الخامس ركز على تطور تصاميم ساعات المعصم من «كارتييه»، بينما السادس على البراعة الحرفية للدار باستعراضها أنظمة حركة الساعات المكشوفة (skeleton movements).
وبالنتيجة لم يكن المعرض مجرد قراءة في تاريخ «كارتييه» وحرفيتها ولا دورها في تطوير ساعات اليد فحسب؛ بل قراءة في التاريخ المعاصر عموما، وباريس خصوصا.
فعندما تسلم لويس فرنسوا كارتييه إدارة مشغل معلّمه أدولف بيكار الواقع في المبنى رقم 29 من شارع مونتورغوي، كانت باريس التي نعرفها اليوم مجرّد صورة تُدغدغ خيال المهندس المعماري جورج هاوسمان، الذي كلفه الإمبراطور نابليون الثالث بمهمة «تهوية، وتوحيد، وتجميل» العاصمة. ترجمة هاوسمان لهذا الطلب تجسدت في وضعه تصميما يتمحور حول التناظر والمنطق والدقّة. بمعنى أن تكون الساحات والحدائق الجديدة للمدينة مترابطة بشبكة من الجادات المتقاطعة. غني عن القول إن تشييد برج «إيفل» في تلك الفترة تقريبا كان حدثاً قائماً بحد ذاته، رغم أنه صُمم بشكل مؤقت لاستضافة معرض «إكسبو» العالمي بباريس في عام 1889. لكنه تحول إلى معلم ورمز لعاصمة النور. في العام نفسه، أي 1899، افتتح كارتييه مشغلاً له في شارع «رو دو لا باي»، قلب باريس النابض كما تصوره وصممه هاوسمان. لهذا كان من الطبيعي أن تُشكل الهندسة المعمارية الجديدة إلى جانب «الفن الجديد» أو «نوفو آرت» مصدر إلهام لـ«كارتييه»، وهو ما تجلى في تصاميم كثير من ساعاتها المعروضة.
جانب آخر من المعرض يسلط الضوء على علاقة الأخوين كارتييه (لويس وبيير) بعملائهما من الشخصيات البارزة، وكيف أثرت هذه العلاقات على عملهما؛ فقد كانا يتسمان بروح رياضية وفضول لا محدود لكل جديد. كانا مثل والدهما ناشطين في جمعية «الدائرة الفنية والأدبية»، وراعيين لجمعية «دائرة الاتحاد الفنّي»، وأعضاء في «نادي الطيران الفرنسي»، حيث كانا يلتقيان بعقول فذة في مجالات العلوم والصناعة والرياضة. كانا يتابعان بشغف التطورات التقنية التي مهدّت الطريق لابتكارات المستقبل، والأهم من هذا؛ لم يكونا مجرد متلقيين، بل كانا باحثين مجتهدين.
كان لويس يهتم بشكل خاص بأعمال باحثي نادي الطيران الذين كانوا يقيسون وقت التحليق، ويسجلون الأرقام القياسية، ويحددون عدد المرات التي يُسمح فيها بتشغيل المحركات، وكميات الوقود، وما إلى ذلك من الإجراءات. وفي هذه الأجواء، التقى لويس كارتييه بألبرتو سانتوس دومونت (1873 - 1932). هذا الأخير كان من أهم الشخصيات في عالم الطيران حينها، وشكّل مصدر إلهام كارتييه في ابتكار أولى ساعاته الرجالية المصممة للارتداء على المعصم. كان اختراعا ثوريا بكل المقاييس في زمن كانت فيه ساعات الجيب هي السائدة. وتجدر الإشارة إلى أن موديلات من هذه الساعة أُنتجت خصيصاً من أجل المعرض، بالرجوع إلى وثائق أرشيف «كارتييه»، بما في ذلك تصاميم خاصة بالطائرات والسيارات وقوارب بخارية، يحمل بعضها توقيع لويس كارتييه بنفسه.
ورغم أن الساعة صُممت لألبرتو سانتوس دومونت، في عام 1904، فإن تداولها تجاريا لم يتم حتّى عام 1911، لتُصبح أداة لا غنى عنها لعشّاق الطيران. ولا تزال لحد الآن معشوقة من قبل الرجل العصري الذي تفرض عليه هواياته أو أعماله السفر والترحال. ولحد الآن أيضا لا يزال التصميم يفتح حوارا إبداعيا في عالم الساعات يجمع التقني والعملي بالأنيق والعصري. في بداية القرن الماضي، لم تكتف «كارتييه» بهذا النجاح، فقد أتبعته، حسب ما يُشير إليه المعرض، بكثير من ساعات المعصم الناجحة، مثل «تونو» (1906)، و«تورتي» (1912)، و«تانك» (1917). وكانت كلها تحمل آنذاك قيمة شخصية وعاطفية خاصة. الغطاء الذهبي لساعة «سانتوس دومونت» التي صدرت في عام 1912، مثلا، جاء مزيّناً بتواقيع محفورة لنحو 30 شخصية مؤثرة في عالم الطيران. كان ألبرتو سانتوس دومونت واحدا منهم، إلى جانب رولاند جارو.
ساعة أخرى جاءت مزيّنة بخريطة تصوّر المسار الذي اتبعه الطيار ديودونيه كوست في رحلته الجوية عبر الأطلسي عام 1927؛ إذ قدمت الدار له هذه الساعة هدية تكريماً لإنجازه.
في هذه الفترة، يقول المعرض إن ساعات المعصم أصبحت منافسا قويا للأقلام، وعلب السيجار، والساعات المكتبية، وسكاكين قص الأوراق، وغيرها من الإكسسوارات التي كان يُقبل عليها الرجل الأرستقراطي آنذاك. فهذه الأدوات كانت تقوم بدورها الأساسي، إضافة إلى قراءة الوقت، لأن «كارتييه» وفرت فيها ساعات صغيرة، وهو ما يؤكد مهارات حرفيي الدار منذ أكثر من قرن من الزمن إلى اليوم. فهم لم يتوقفوا مطلقا عن البحث والاستكشاف.
في ستينات القرن الماضي، تم تطوير ساعات مثل «سانتوس» و«تانك» و«أوفال» (1958)، و«كراش» (1967)، و«ماكسي أوفال» (1969)، و«بانتير دو كارتييه» (1983)، و«باشا» (1985)، و«بالون بلو دو كارتييه» (2007)، و«درايف دو كارتييه» (2015)... وغيرها.
في عام 1969، واحتفاء بعلوم الفضاء الخارجي، أطلقت الدار 3 نسخ ذهبية طبق الأصل عن المركبة القمرية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا». ومع تسارع وتيرة التطورات في السبعينات وبدء عصر المحركات النفّاثة مع طائرة «كونكورد» عام 1976، أطلقت عام 1978 نسخة محدّثة من ساعة المعصم «سانتوس» صنعتها من خليط من الذهب والفولاذ. وفي العام التالي احتفلت بالذكرى الـ75 لإطلاق خط «سانتوس» في نيويورك، بمعرض كان حديث الساعة حضره الأديب الشهير ترومان كابوتي، والراقص رودولف نورييف، ونجمة هوليوود بوليت جودارد... وآخرون. وسرعان ما أصبحت ساعات «كارتييه» مصدر فخر للنجوم على ضفتي الأطلسي، بدءاً من آندي وورهول، إلى شون كونري، وكاثرين دونوف، وإنغريد بيرغمان، وعمر الشريف، والمصمم إيف سان لوران، ومادونا، وأخيرا؛ وليس آخرا، كيت ميدلتون.
* لمحة عن متحف التصميم
يعد متحف التصميم في لندن أبرز متحف مكرّس للعمارة والتصميم في العالم؛ فهو يغطي جميع عناصر ومجالات التصميم؛ من الأزياء، إلى فن الغرافيك، بدليل أنه احتضن منذ افتتاحه عام 1989 معارض متنوعة؛ منها عن بنادق «كلاشنيكوف»، وأخرى عن أحذية «لوبوتان» ذات النعل الأحمر والكعوب العالية.  لحد الآن شهد أعمال أكثر من مائة مصمم ومعماري من أمثال بول سميث، وزها حديد، وجوناثان آيف، وميوتشيا برادا، وفرنك جيري، وآيلين جري، وديتير رامس.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.