مسلمو بلجيكا: مشروع لمواكبة المتطرفين عقب خروجهم من السجن لحمايتهم من الضياع

رئيس الهيئة قال لـ«الشرق الأوسط» : نواجه عراقيل من أوساط الجالية

مسلمو بلجيكا: مشروع لمواكبة المتطرفين عقب خروجهم من السجن لحمايتهم من الضياع
TT

مسلمو بلجيكا: مشروع لمواكبة المتطرفين عقب خروجهم من السجن لحمايتهم من الضياع

مسلمو بلجيكا: مشروع لمواكبة المتطرفين عقب خروجهم من السجن لحمايتهم من الضياع

قال صلاح الشلاوي، رئيس الهيئة التنفيذية للمسلمين في بلجيكا، إن هناك كثيراً من العراقيل التي تواجهها الهيئة على طريق أداء دورها كهيئة تشرف على أمور الجاليات المسلمة في البلاد، ولا تقتصر هذه العراقيل على بعض المواقف من جانب الأحزاب أو الفعاليات السياسية وغيرها، بل أيضاً تأتي بعض العراقيل من داخل الجالية المسلمة نفسها.
وعن أبرز التطورات التي عرفتها الفترة التي أعقبت تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) من العام الماضي والدور الذي قامت به الهيئة بالتعاون مع السلطات الحكومية لمواجهة التطرف والعنف، قال الشلاوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «أولى المبادرات التي انطلقت في أعقاب الهجمات الإرهابية في مارس من العام الماضي هو مشروع حوار مجتمعي بين جميع الأديان وجرى التوصل إلى توافق مع السلطات الحكومية الفيدرالية ومختلف الأديان والأوساط العلمانية إلى إحداث المجلس الفيدرالي للديانات والعلمانية والهدف منه هو الاستمرار في الحوار ومحاربة التطرف والعنصرية داخل بلادنا من جهة، ومن جهة أخرى هناك مشاريع لتكوين الأطر الدينية من أئمة ومستشارين دينيين وأساتذة للتربية الإسلامية ومنسوبي الجمعيات، هذا إلى جانب أننا دخلنا في عدة شراكات مع مختلف الجامعات ومع وزارة التعليم، ونحن مستمرون في مثل هذه المشروعات، هذا إلى جانب مشروع خاص بمواكبة الشباب المتطرفين عقب خروجهم من السجن حتى نحميهم من الضياع عقب تمضية العقوبة، هذا إلى جانب العمل داخل السجون من أجل تفكيك والتصدي لخطاب التطرف والكراهية».
وعن الدعوة التي أطلقها وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون لمزيد من التعاون والعمل المشترك بين السلطات والجالية المسلمة على طريق محاربة التطرف والإرهاب، قال الشلاوي: «نحن بالفعل نعمل في هذا الاتجاه، وأود هنا أن أقول إن التشدد ليس خاصاً بالمسلمين، ولكن التشدد في المجتمع ككل، وهو ليس له دين ولا لون ولا ثقافة، وهناك التشدد الديني والتشدد العنصري الذي تقوم به بعض الأحزاب اليمينية المتشددة، ولكن على كل حال نحن نضع يدنا في يد السلطات والمسؤولين من أجل محاربة كل أشكال التطرف ونتحمل مسؤوليتنا كمسلمين، ولكن يجب على الأطراف الأخرى أن تتحمل مسؤوليتها».
وأضاف أن التطرف ليس له أصل ديني وإنما يبحث له عن شرعية ويلجأ إلى الدين، وقال: «نحن إذا تدبرنا الذين قاموا بالعمليات الإرهابية في بلدنا بلجيكا، نرى أنهم لم يذهبوا من قبل إلى المساجد ولم يكونوا من المتدينين أصلاً، وإنما جاءوا من أوساط الإجرام والسرقة والمخدرات، إذن هناك أسباب عميقة وراء التطرف ويجب على المجتمع أن يواجهها، ولا بد من المسؤولية السياسية قبل الدينية وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم في هذا المجال».
ورداً على سؤال بشأن وجود نبرة شكوى في تصريحاته، وهل هناك عراقيل مستمرة تواجهها الهيئة التي ترعى شؤون المسلمين؟ قال الشلاوي: «الصعوبات والعراقيل هي علامة السير وأننا جادون في الطريق ومواجهة التحديات التي يعاني بسببها المجتمع، والأهم الآن هو تجاوز تلك الصعوبات وأن تكون الصعوبات حافزاً لتنفيذ مشاريعنا».
ورداً على سؤال بشأن نوعية العراقيل، وهل هي من السلطات أو من أطراف أخرى؟ قال رئيس الهيئة التنفيذية للمسلمين: «مثلاً نحن نواجه نوعاً من المقاومة من داخل أوساط الجالية المسلمة من طرف بعض الجهات التي لا يروق لها أن نستمر في تأسيس إسلام وسطي معتدل في بلجيكا»، وقال أيضاً: «إذا نظرتم إلى وسائل التواصل الاجتماعي تجدون دائماً هناك معارضة وتشويشاً على العمل الذي نقوم به، وهذا ليس مهماً بالنسبة لنا».
وأضاف الشلاوي أن «هناك صعوبات أيضاً من السياسيين، وهذه أكبر، فمثلاً مشروع الاعتراف بالمساجد يواجه تعقيدات في المنطقة الفلامانية (الناطقة بالهولندية) وقامت السلطات الحكومية بتجميد مشروع للاعتراف ببعض المساجد دون مبرر، ورغم مراسلاتنا لهم واجتماعاتنا معهم، لم نتلقَ أي أجوبة مقنعة، ولكن رغم ذلك نحن مستمرون في هذا العمل ولن نستسلم لليأس، وهناك أيضاً قضية الذبح حسب الشريعة الإسلامية، وهناك قوانين تتخذ طبقاً للواقع المعاش وهذا واقع صعب جداً، وهناك البعض من السياسيين يستغلون هذا الواقع، وهذا الخوف من الإسلام لتمرير عدة مشاريع لقوانين، فمثلا الحكومة الوالونية (الناطقة بالفرنسية) أصدرت قانوناً فرض التخدير على الذبائح، ونحن ننتظر من المناطق الأخرى في البلاد مشروعات لقوانين مماثلة في هذا الاتجاه، ولكن مستمرون في التفاوض معهم للتخفيف من حدة الأمر».
وفي إجابته عن سؤال حول الدور الذي قامت به الهيئة لتصحيح الصورة في أعقاب الانتقادات التي واجهتها الجالية المسلمة الفترة الماضية، قال: «أظن أن الهيئة قامت بجهود يمكن القول إنه أكثر مما هو مطلوب منها، لشرح الأمور، وتوضيح الصورة، وتوعية الشباب وإبعادهم عن خطر التطرف، وكل ذلك في فترة قصيرة في أعقاب الهجمات التي ضربت بلدنا بلجيكا العام الماضي».
ورداً على سؤال حول بعض الأمور التي قامت بها الهيئة على سبيل المثال، قال الشلاوي: «بالإضافة إلى وقوفنا إلى جانب الشعب البلجيكي ومناداتنا لكل شرائح المجتمع ومكونات الشعب أن يتضامنوا ويقفوا وقفة رجل واحد ضد التطرف والإرهاب، قمنا بإجراءات كثيرة في الميدان، ومنها كل ما يتعلق بإعداد وتكوين الأئمة، على فهم الخطاب الراديكالي والخطاب المتطرف، وكيفية مواجهته، وأيضاً تكوين مستشارين دينيين داخل السجون، الذين يشرفون على المواكبة الروحية للمساجين، وكذلك على مواجهة الخطاب المتطرف داخل السجون».
واستمر الشلاوي يعدد ما قامت به الهيئة خلال العام الماضي، منذ تفجيرات بروكسل التي خلفت 32 قتيلاً و300 مصاب، وقال الشلاوي: «قمنا أيضاً بشراكات عدة مع الجامعات في كل أنحاء بلجيكا، من أجل إرساء تكوين ديني في المواد التي تتعلق بالإسلام داخل الأوساط الجامعية وبالتعاون مع باحثين وأساتذة جامعيين كبار».
وأوضح: «فضلاً عن تواصلنا مع المجتمع ومختلف الديانات الأخرى والجهات السياسية من أجل طمأنتهم وتبيان أن الإسلام يشكل قيمة مضافة، كما أن الإسلام أسهم في بناء الحضارة الغربية في قرون ماضية، كذلك هو قادر على القيام بهذا العمل إذا أفسح له المجال، ولكن شريطة أن يفهم المسلمون دورهم ويعيدوا قراءة نصوصهم على ضوء الواقع الذي يعيشون فيه».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.