وقّعت السلطات التونسية اتفاقية شراكة وتعاون بين متحف باردو التونسي ومتحف اللوفر الفرنسي، تتضمن ثلاثة مشروعات كبرى تتصدرها مواصلة مدرسة اللوفر في فرنسا الإشراف رفقة مختصين تونسيين على إعادة تهيئة وصيانة وترميم كثير من القطع الأثرية لمدينة بلاريجيا (شمال غربي تونس)، من خلال ورشة ترميم النحت في المتحف الوطني بباردو، إضافة إلى تنظيم عدة ورشات فنية لمجموعة من الطلبة والباحثين في المعهد التونسي للتراث وتعنى بتقنيات الصيانة الخاصة بالنفائس والمنحوتات.
وتشمل الاتفاقية في بندها الثالث بعث مشروع إبداعي مشترك يخصّ التكوين في المجال العلمي الدقيق لتخرّج المكونين في مجال الصيانة وإعادة تهيئة النفائس التراثية، وتقديم شهادات تخرج في هذا المجال التراثي الحساس، وهو اختصاص تكويني غير موجود في تونس.
ويعود بعض برامج التعاون بين الطرفين إلى سنة 2009، وقد تطورت خلال السنوات الأخيرة لتشمل عمليات الترميم والتكوين وتنظيم معارض مشتركة تجمع قطعا أثرية من كل من تونس وفرنسا.
ووقّع ممثلو المتحفين التونسي والفرنسي أول من أمس، على هذه الاتفاقية التي تعد حسب مسؤولين تونسيين عن متحف باردو تتويجا لعدد من اللقاءات الثنائية المتتالية التي يسعى من ورائها متحف باردو إلى إعادة بريقه والتعريف بأهميته على المستوى الدولي، بعد الحادثة الإرهابية التي شهدها في 18 مارس (آذار) من سنة 2015.
وتشمل الاتفاقية بين البلدين عمليات ترميم أثرية في عدة مواقع أثرية تونسية أخرى، على غرار موقع بلاريجيا، والموقع الأثري بمنطقة المهدية (وسط شرقي تونس) وموقع تبربو ماجوس.
وفي هذا الشأن، قال منصف بن موسى مدير المتحف الوطني بباردو، أنّه بموجب هذه الاتفاقية المتعلقة خاصة بترميم المنحوتات الرومانية التي ستعرض لاحقا في المتحف الوطني بباردو، سيتم بعث مخبر للترميم في فضاء المتحف الذي سيكون مفتوحا للزائرين، ليتمكنوا من الاطلاع على مختلف مراحل هذه العملية.
كما تقضي نفس الاتفاقية بتكوين مرممين من المحافظين التونسيين الشبان، وقد شرع اثنان منهم في تلقي تكوين بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بمدينة تور (وسط غربي فرنسا) للحصول على شهادة في هذا الاختصاص.
ويحظى متحف باردو التونسي بشهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها، والتي تعد الأثرى والأكثر تنوعا وتفننا في العالم. ويحتوي هذا المتحف على آلاف الكنوز الأثرية المتأتية من حفريات أجريت في البلاد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وهي مجمعة ضمن أقسام وموزعة على نحو خمسين قاعة ورواقا لتعطي صورة عن مختلف المراحل التي قطعتها تونس، من عصر ما قبل التاريخ إلى أواسط القرن الماضي: ما قبل التاريخ، والعهد البوني - اللوبي، والعهود الرومانية والمسيحية القديمة، مع الفترتين الوندالية والبيزنطية، وأخيرا العهد الإسلامي.
وفي السياق ذاته، أشار فوزي محفوظ مدير المعهد التونسي للتراث، إلى أهمية مثل هذه الاتفاقيات الثنائية في صيانة مخزون التراث التونسي، وذلك بالنظر إلى أنّ تونس تتمتع بمخزون ثري يفوق 30 ألف موقع ومعلم تاريخي، تحول الإمكانات المتاحة دون صيانته بالكامل وتثمينه وإدراجه ضمن المسالك السياحية والثقافية.
وخلال السنوات الأخيرة، استفاد المتحف الوطني بباردو من عملية إعادة التهيئة، انطلاقا من تكوين خبراء تونسيين على أيدي مختصين من فرنسا، وهذا من خلال ورشة تعنى بإعادة تشخيص حالة المجموعات الأثرية والمنحوتات الرومانية الموجودة بمتحف باردو، ومساعدة الشبان التونسيين على ترميمها والمحافظة على ما يتضمنه المتحف من قطع نادرة إلى جانب تشجيعهم ودعمهم لإصدار نشرة علمية تحتوي على فهرس مفصل لجميع المنحوتات التي يعود تاريخها إلى نحو ألفي سنة.
اتفاقية بين متحفي باردو التونسي واللوفر الفرنسي لترميم المنحوتات والقطع الأثرية
ضمن برنامج للشراكة والتعاون انطلق منذ سنة 2009
اتفاقية بين متحفي باردو التونسي واللوفر الفرنسي لترميم المنحوتات والقطع الأثرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة