استبقت الكويت مؤتمر التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، الذي يبدأ أعماله اليوم في العاصمة الأميركية واشنطن، بطرح مقترح يقضي بتأهيل المقاتلين العرب العائدين من القتال في صفوف التنظيم الإرهابي، في كل من العراق وسوريا.
وتواجه الكويت تحديات أمنية، وأعلنت عشية هزيمة تنظيم داعش في الموصل، استنفاراً أمنياً على حدودها مع العراق، تحسباً من تسلل عناصر تنتمي للتنظيم تسعى لنقل عملياتها خارج العراق.
والكويت واحدة من الدول التي واجهت أحداثاً إرهابية على صلة بتنظيم داعش، وتمكنت أجهزة الأمن الكويتية من تفكيك خلايا على صلة بهذا التنظيم، كما نجحت في إحباط عمليات إرهابية جرى التخطيط لها من قبل أفراد كويتيين خارج البلاد.
وقال مساعد وزير الخارجية الكويتية لشؤون التنمية والتعاون الدولي السفير ناصر الصبيح أمس (الأحد)، إن بلاده قدمت مقترحاً للمؤتمر التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الذي يُعقد اليوم، يؤكد «أهمية إعادة تأهيل العائدين من التنظيمات الإرهابية ومناطق النزاع وإعادة دمجهم في المجتمع». الصبيح قال قبل مغادرة وفد الكويت المشارك في مؤتمر واشنطن، إن «الكويت قدمت مقترحاً في هذا الشأن بهدف وضع آليات تعمل على إعادة تأهيل ودمج هؤلاء المقاتلين في مجتمعاتهم بعد خضوعهم لمحاكمات عادلة».
وأضاف أن المشاركين في الاجتماع الدوري الذي سيعقد في واشنطن سيناقشون آخر تطورات الحرب ضد «داعش» وسبل الحفاظ على استمرار منع تمويل عناصره وحرمانه من مصادر التمويل الذاتي. وأضاف أن الاجتماع ستشارك فيه مجموعة دعم الاستقرار للقضاء على «داعش»، ومجموعة الاتصال الاستراتيجي للتحالف ضد «داعش»، ومجموعة منع تدفق المقاتلين الأجانب، ومجموعة عمل مكافحة تمويل «داعش»، بالإضافة إلى اجتماع سيعقده المديرون السياسيون وكبار المسؤولين على هامش الاجتماع. وقال إن التنظيمات الإرهابية بدأت بالانحسار بعد تحرير مدينة الموصل في شمال العراق، مؤكداً حرص الكويت على المساهمة في عملية مساعدة النازحين وإعادة تأهيل المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي في العراق.
وأفاد الصبيح بأن مساهمة الكويت تأتي لمساعدة النازحين في العودة لأراضيهم في أقرب وقت ممكن، وكذلك للتخفيف من معاناتهم من خلال توفير جميع المستلزمات الحياتية لهم. وأوضح أن «مسألة إعادة تأهيل المناطق المحررة تحتاج لقوات عسكرية لتطهير الأراضي المحررة من الألغام والأجسام المتفجرة ليتم العمل بعدها على تأهيل البنى التحتية، لا سيما المدارس والمراكز الصحية والمرافق الحيوية العامة». وقال إن التعاون والتنسيق المشترك بين جميع الدول أسهم في الحد من تدفق المقاتلين للتنظيمات الإرهابية وتحقيق النجاح على أرض المعركة.
وأعرب السفير الصبيح عن الأمل في أن يخرج المؤتمر بنتائج وآليات تدعم جهود التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا والعراق لتجنب إعادة جميع المشاهد البشعة.
يذكر أن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش تألف عام 2015 بعد سيطرة التنظيم على مساحات كبيرة من سوريا والعراق ويضم أكثر من 70 دولة إلى جانب 12 دولة عربية.
ويقول المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد مناع، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «إعادة تأهيل العائدين من النزاعات المسلحة هي ما عملته الولايات المتحدة مع كثيرين من معتقلي سجن غواتيمالا، ولذلك فكثيرون ما زالوا تحت نظر الجهات الأمنية في دولهم للتأكد من أنهم لن يعودوا للانخراط في المنظمات الإرهابية».
ومضى مناع يقول: «تأهيل هؤلاء لا يأتي بالضرورة قبل قضائهم فترة ربما لا تقل عن نصف العقوبة القانونية في السجن، مما يعني مخاصمتهم قضائياً».
ويضيف: «باعتقادي أن تخفيف العقوبة يهدف إلى تشجيع كثير من المغرر بهم والمندفعين عاطفياً للتخلي عن طريق الإرهاب والتهيؤ للاندماج في المجتمع».
وتصنّف الكويت باعتبارها واحدة من الدول الرئيسية التي تقع في «مرمى» تنظيم داعش الإرهابي، وشهدت الدولة الخليجية مواجهات متكررة مع هذا التنظيم، وقد رفعت الكويت من أهبة الاستعداد لمواجهة مخاطر محتملة لتدفق مقاتلين ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي إلى أراضيها، بعد دحر التنظيم في العراق. ومطلع هذا الشهر، وعشية هزيمة «داعش» في الموصل، كشف عن وثيقة تطالب فيها وزارة الداخلية الكويتية قادة الأجهزة الأمنية بإلغاء إجازاتهم واستدعاء أفراد ورفع حالة التأهب في مراكز الحدود والمطارات وأمن المنشآت الحيوية والمباحث والأمن العام لاتخاذ جميع التدابير لمواجهة مخاطر محتملة.
وتقول أنباء إن المخاوف الكويتية تنبع من معلومات حصلت عليها الأجهزة الأمنية تفيد بإمكانية «انسياب» العناصر المنتمية لتنظيم داعش عبر الحدود الكويتية - العراقية، وذلك بعد الهزيمة التي مني بها التنظيم في العراق يوم 29 يونيو (حزيران) الماضي.
كما رجحت المصادر أن تفرض الكويت رقابة مشددة على الشخصيات المعروفة بتعاطفها مع «داعش»، أو التي وردت ضمن قوائم المتهمين بالإرهاب.
وقبل عام من هذا التاريخ (4 يوليو/ تموز 2016)، أعلنت الكويت تفكيك خلايا إرهابية كانت إحداها تخطط لتفجير مسجد في منطقة حولي، وأخرى كانت تستعد لعمل إرهابي لم يكشف عن مضمونه، ونجحت السلطات الأمنية الكويتية في الإيقاع بـ«أبو تراب الكويتي» المسؤول عن تشغيل حقول النفط والغاز لدى تنظيم داعش، ووالدته مسؤولة التعبئة الفكرية لدى التنظيم الإرهابي، واللذين تمت استعادتهما من محافظة الرقة السورية، التي تخضع لتنظيم داعش، وكانت والدته مسؤولة عن تجنيده مع أخيه الذي قتل في عملية قتالية في العراق.
وتمكن جهاز الأمن الكويتي بالتعاون مع أجهزة أمنية متعددة من استعادة أبو تراب واسمه علي محمد عمر العصيمي (28 عاماً) مع والدته حصة عبد الله محمد (مواليد 1964) التي كانت تعمل في إحدى المدارس بوزارة التربية في الكويت قبل التحاقها بتنظيم داعش وإقناع ولدها الأصغر عبد الله محمد عمر (مواليد 1991)، للانضمام للتنظيم الإرهابي حتى قتل بإحدى المعارك الإرهابية بالعراق.
السلطات الأمنية الكويتية كشفت أن العصيمي عمل لدى تنظيم داعش في الرقة مسؤولاً عن تشغيل حقول النفط والغاز، وعملت الأم أيضاً في التدريس لزوجات وأبناء المقاتلين الإرهابيين وتحفيزهم نفسياً وفكرياً، بحسب وزارة الداخلية الكويتية.
كما فككت أجهزة الأمن العام الماضي خلية تتألف من كويتيين اثنين؛ أحدهما من «منتسبي وزارة الداخلية»، ضبطا مع سلاحين من نوع كلاشنيكوف وذخائر، واعترفا بالتخطيط لشن هجمات في البلاد، وفقاً لوزارة الداخلية. ولفتت إلى أن هذين الموقوفين، تلقيا مساعدة من شخص خليجي وآخر من جنسية آسيوية.
وذكرت مصادر أمنية أنه تم إخلاء سبيل أحد المتهمين في هذه الخلية. وقالت المصادر إن النيابة العامة أخلت سبيل المتهم عبد الله مبارك محمد (كويتي الجنسية - مواليد 1992 - من منتسبي وزارة الداخلية)، والمتهم بحيازة أسلحة وأعلام تنظيم داعش الإرهابي، بعد أن أحيل إلى النيابة قبل أكثر من أسبوع. وفي 17 أبريل (نيسان) الماضي، تسلمت الكويت من الحكومة الفلبينية مواطنها حسين الظفيري المتهم بالانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي والتآمر لتنفيذ عمليات إرهابية في الفلبين والكويت.
وتم القبض على الظفيري وزوجته السورية في 25 مارس (آذار) الماضي بعد تلقي معلومات من الكويت والولايات المتحدة بأنهما على صلة بالإرهاب، لكن الحكومة الفلبينية لم تعلن عن إلقاء القبض عليهما إلا في السادس من أبريل الماضي. وقال وزير العدل الفلبيني إن الظفيري وزوجته متهمان بتصنيع القنابل والانتماء لتنظيم إرهابي، وكانا يخططان لتنفيذ تفجيرات في الكويت. وأضاف أن الظفيري، الذي يستخدم اسمي شهرة هما «ورش الكويتي» و«أبو مسلم الكويتي»، «تردد أنه قد تورط في تصنيع متفجرات وربما تخطيط عملية ضد الكويت».
يذكر أن المحاكم الكويتية أصدرت أحكاماً بالسجن بحق عدد من الأشخاص أدينوا بالانتماء إلى تنظيم داعش أو تمويله أو بالقتال في صفوفه في سوريا والعراق. وفي يونيو 2015، فجر عضو في التنظيم نفسه في مسجد الإمام الصادق في الكويت، مما أدى إلى مقتل 26 شخصاً.
الكويت تستبق مؤتمر واشنطن ضد «داعش» بالدعوة لاستيعاب المقاتلين العائدين
محلل كويتي لـ«الشرق الأوسط»: تأهيل عناصر التنظيم الإرهابي لا يعني فرارهم من المحاسبة
الكويت تستبق مؤتمر واشنطن ضد «داعش» بالدعوة لاستيعاب المقاتلين العائدين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة