«سيرو» وليد حب الطعام والشمس

أطباق المشرق العربي تحت سقف واحد بقلب لندن

مطعم أنيق من وحي المشرق العربي
سلطة التفاح
أطباق مميزة تدخل فيها البهارات الشرقية
مطعم أنيق من وحي المشرق العربي سلطة التفاح أطباق مميزة تدخل فيها البهارات الشرقية
TT

«سيرو» وليد حب الطعام والشمس

مطعم أنيق من وحي المشرق العربي
سلطة التفاح
أطباق مميزة تدخل فيها البهارات الشرقية
مطعم أنيق من وحي المشرق العربي سلطة التفاح أطباق مميزة تدخل فيها البهارات الشرقية

لائحة طعام تضم أكثر من 100 مكون و20 نوع بهار من حول العالم، قام بتجميعها كل من باري هيلتون وزوجته باتريسيا خلال سفرهما الدائم وحبهما الكبير لبلاد المشرق العربي.
قصتهما مع الأكل لافتة وشغفهما ببلاد الشام جميل ترجماه من خلال افتتاح مطعم «سيرو» Ceru في منطقة «ساوث كينزينغتون» بوسط لندن، وهذا المطعم يمكن وصفه بكلمة واحدة «فريد» لأنه بالفعل فريد من نوعه من حيث المبدأ والأسلوب والأطباق، والفكرة بحد ذاتها جميلة وغريبة ولا تشبه سواها.
ديكور المطعم يذكرك بالتصاميم الشرقية والشمال أفريقية، أرائك بنقوشات الأرابيسك وطاولات خشبية تحيط بها كراسي من الخشب، مطبخ مفتوح ترى فيه كيفية تحضير الأطباق المميزة، وطاولة كبيرة الحجم وعالية تتوسط المكان تطل على المطبخ مباشرة مخصصة لنحو عشرة أشخاص.
جلسات جميلة في الخارج مع أرائك بنفس التصميم مدفأة، تصل حرارتها إلى نحو 35 درجة مئوية.
وقال باري هيلتون لـ«الشرق الأوسط»: «لم أعد أتذكر عدد الأيام والليالي التي أمضيتها وأنا أتذوق ألذ أطباق بلاد المشرق العربي خلال أسفاري الكثيرة إلى لبنان وسوريا وتركيا وشمال أفريقيا... وشجعني لوفانت كايابيليفان وهو صديق التقيته في تركيا على تحقيق حلمي وافتتاح مطعم خاص بي يعكس حبي لتلك الأطباق المنكهة بالبهارات».
وهكذا حصل وافتتح هيلتون مع زوجته التي تشاطره نفس الاهتمام مطعمهما الأول الذي يشبههما بشكل كبير، فهو يمزج الأناقة وطريقة التقديم الجميلة والبهارات الخاصة والأطباق التي تفوح منها رائحة المشرق.
تعتمد الأطباق على المنتجات الطازجة التي يؤتى بها من المزارع المحلية في بريطانيا، أما بالنسبة لخلطات البهارات فيختارها صاحبا المطعم (باري إنجليزي وزوجته باتريسيا من شرق أوروبا) بنفسهما من شتى أقطار العالم الشرقي وهذا ما يضفي نكهات فريدة من نوعها على الأطباق.
اللائحة مقسمة ما بين أطباق أولية مثل السلطات وألذها سلطة القرنبيط وسلطة الفاصوليا مع الفلفل وسلطة البنجر وسلطة التفاح مع الرمان وجربنا كل هذه الأطباق ولا يمكن وصفها إلا بالرائعة لأنها تحوي على الكمية اللازمة من الليمون وزيت الزيتون.
أما بالنسبة للمقبلات مثل الحمص والباذنجان والمحمرة فكلها تم التفنن بها لتكون مميزة عن تلك التقليدية وتقدم مع خبز أسمر يصنع في المطعم أيضا، واللافت أيضا هو أن جميع الأطباق تتوافق مع الذين يعانون من الحساسية على الغلوتين وهذا الشيء مهم جدا لأن نسبة الذين يعانون من «السيلياك» آخذة في الانتشار بشكل كبير.
أما بالنسبة للأطباق الرئيسية فهناك عدة خيارات: سمك ولحم أحمر ودجاج، جربنا الستيك مع البهارات والرمان والدجاج المشوي مع العدس الأسود وكلاهما أكثر من رائع، وجربنا أيضا الكفتة الإيرانية مع صلصة الرمان والفلافل المحشوة بالجبن.
أما بالنسبة للحلوى فكلها مستوحاة من الحلويات الشرقية ولكن تم التصرف بوصفاتها من خلال إضافة نكهات جديدة إليها تجعلها ألذ وأكثر عصرية. ومنها طبق الآيس كريم بنكهة البقلاوة والهال و«موس الشوكولاته» تقدم في أقداح من الفضة تشبه تلك التي يقدمها بها الشاي في تركيا، ولا تفوتوا عليكم تذوق البقلاوة التي تحضر خصيصا للمطعم يستبدل فيه السكر بالعسل الطبيعي مما يجعلها خفيفة وصحية أكثر من تلك التقليدية التي نجدها في البلدان العربية.
وتقول باتريسيا هيلتون إنها لطالما أحبت البلدان الشرقية وما تزخر به من أطباق وتجد بأن المطبخ الشرقي غني ولكن مشكلته هي عدم التأقلم مع العصر فبقيت الأطباق على حالها إن كان من حيث طريقة التقديم أو النكهة وهذا ما أرادت تغييره في مطعمها، فاختارت أطباقا معروفة من مختلف بلدان المشرق العربي وحولتها إلى أطباق عصرية والأهم من ذلك صحية لأنها أرادات أن يتلذذ الزبائن بالأكل دون الشعور بالشبع بسبب الإفراط في استخدام السمن والمواد الدهنية الأخرى.
وأخيرا يجب الإشارة إلى أن الأسعار أكثر من جيدة وهذا الشيء من شبه المستحيل إيجاده في مطاعم تقدم المنتجات عالية الجودة. ولهذا السبب أعتقد بأن «سيرو» سيكون عنوانا ناجحا للعرب والأجانب.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».