توقع محللون سياسيون أن تدخل قطر منحى خطيراً خلال الأيام المقبلة، في حال استمرت في تعنّتها وإفشالها لكل المساعي الدبلوماسية التي تقوم بها دول عدة، وتبنتها الكويت من المرحلة الأولى التي أعقبت إعلان الدول الأربع (السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين) مقاطعة الدوحة حتى تغير سياستها، وتوقف أعمال التحريض والتمويل للجماعات المتطرفة.
ولفت الخبراء إلى أن ما قامت به قطر من رد سلبي على مطالب الدول الأربع يقوض كل التحركات لإيجاد مخرج للحكومة القطرية، خصوصاً أن الكويت بحثت منذ اندلاع الأزمة عن إيجاد حل منطقي يرضي كل الأطراف، وهو ما لم تراعه الدوحة بعد تسريبها ومنذ الساعات الأولى لقائمة المطالب التي تقدمت بها الدول الأربع، التي استهجنت انعدام اللباقة واحترام المبادئ الدبلوماسية التي أبدتها الحكومة القطرية تجاه المساعي الكويتية المشكورة.
وقامت قطر بعد تسلمها المطالب، وفقاً للبيان المشترك للدول المقاطعة، بتسريب قائمة المطالب، وذلك بهدف إفشال جهود دولة الكويت الشقيقة، وإعادة الأزمة إلى نقطة البداية، وهو ما اعتبرته الدول الأربع استهتاراً واضحاً بكل الأعراف الدبلوماسية التي تستوجب احترام دور الوسيط، والرد عليه ضمن السياقات المتعارف عليها، وليس عبر وسائل الإعلام.
وأشار البيان، الصادر أول من أمس (الخميس) من الدول الأربع، إلى أن الحكومة القطرية عملت على إفشال كل المساعي والجهود الدبلوماسية لحل الأزمة؛ الأمر الذي يؤكد تعنتها ورفضها لأي تسويات، مما يعكس نيتها مواصلة سياستها الهادفة لزعزعة استقرار وأمن المنطقة، ومخالفة تطلعات ومصلحة الشعب القطري الشقيق.
وقال الدكتور فهد الشليمي، المحلل السياسي الكويتي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرد القطري على تحركات الحكومة الكويتية التي تلتزم الصمت في كل الحالات، وإن كان هناك استياء لا تصرح به، غير منطقي. وتابع أن جميع التحليلات السياسية تشير بشكل مباشر إلى أن الكويت ستغير مسارها، وتنضم للدول الأربع المقاطعة في حال استمر تعنت الحكومة القطرية وردها غير الدبلوماسي، الذي يفتقد حتى لأبسط المعايير في مثل هذه الحالات.
وأضاف الشليمي أن الكويتيين لم يتلمسوا أو يشاهدوا أي إيجابية من الحكومة القطرية التي لا تمتلك الخبرة السياسية، ولا يوجد لديها بعد نظر فيما قامت به من رد على الكويت، التي تعد النافذة التاريخية لها للدخول مرة أخرى ضمن مجلس التعاون الخليجي، لكن بهذا التعنت أراد القطريون إغلاق هذه النافذة، موضحاً أن قطر تدخلت في الشأن الكويتي منذ عام 2008، وهذا يندرج ضمن السياسة السلبية التي تنتهجها الدوحة مع دول المنطقة.
وتطرق الشليمي إلى الرد القطري، قائلاً إن الرد كان منذ أن سربت قطر قائمة المطالب، وهذا غير لائق في الدبلوماسية، وتحديداً في إطار المصالحات، لأن دبلوماسية المصالحة تعتمد على السرية، وعلى احترام الأطراف، فكان تسريب البنود بطريقة لا تتناسب، إضافة إلى أنه لا توجد مؤشرات حقيقية من الجانب القطري للتعامل أو التعاون بشكل إيجابي، وكان هناك تصعيد عبر الاتجاه إلى عدد من الدول الغربية والولايات المتحدة، وكانت محاولة مضادة، كما أن الإدارة القطرية لم تكن واضحة في سياستها، ولا توجد رؤية، وكان هناك ارتباك في الخطاب السياسي القطري، موضحاً أن هناك عدم معرفة من الجانب القطري بما يجري في المستقبل.
وتساءل الشليمي عن مركز الثقل في قطر، ومن يحكمها في الوقت الراهن: أهو تميم أم الوالد أم رئيس الوزراء السابق، إذ تتنقل بعض الأحاديث والمعلومات عن أن رئيس الوزراء السابق ووالد تميم هما من يمتلك التأثير الأكبر، وتحديداً في هذا الشأن، مشدداً على أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة على قطر إذا لم تتعامل بشكل جدي، وستعمد الدول المقاطعة إلى إخراج كل الملفات، التي تشمل كل الوثائق، من مكالمات وأوراق رسمية تثبت تورط قطر في كثير من الأعمال التخريبية.
وعن التحرك في المرحلة المقبلة، قال المحلل السياسي الكويتي إن التحرك سيعتمد على رفع قضايا ضد قطر لتمويلها للإرهاب، وستكون هذه القضايا من مواطني دول «العراق، وسوريا، وليبيا، ومصر»، إضافة إلى ملاحقة شخصيات قطرية لمساعدتها وتمويلها الإرهاب، وسيفتح ملف العمالة وحقوق الإنسان في قطر، وسيجمد بعض الأصول القطرية، وستدخل في هذه المرحلة في متاهة كبيرة. وكانت الدول الأربع (السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين) قد أصدرت، أول من أمس، بياناً مشتركاً بعد تسلم الرد القطري من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، تؤكد فيه أن تعنت الحكومة القطرية، ورفضها للمطالب، يعكس مدى ارتباطها بالتنظيمات الإرهابية. وتؤكد الدول الأربع على أن المطالب المبررة التي تم تقديمها جاءت نتيجة لممارسات الحكومة القطرية العدائية، ونكثها المتواصل لعهودها، خصوصاً اتفاق الرياض الذي وقعت عليه قطر في عام 2013، والاتفاق التكميلي وآليته التنفيذية في عام 2014، كما قدمت الدول الأربع الشكر والتقدير للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، على مساعيه وجهوده لحل الأزمة مع الحكومة القطرية، في إطار حرصه على وحدة الصف الخليجي والعربي.
وهنا قال نايف الوقاع، المحلل السياسي السعودي، إن كل المؤشرات تشير إلى أن الكويت، بعد هذا الرد، ستنضم للمقاطعة، وإلى السعودية، خصوصاً إذا وضعت الكويت بين خيارين، بين الدوحة والرياض، فهي بالتأكيد ستذهب في اتجاه الرياض، ليقينها بحجم الملف والقضية المتورطة فيها قطر، متوقعاً أن تدخل «سلطنة عُمان والأردن» في خط الوساطة.
وشدد الوقاع على أن الرد القطري يؤكد أنهم لا يضعون اعتباراً لأمير الكويت، ودوره في إيجاد مخرج سلمي لهم، فيما يقومون به من أعمال تخريبية ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهذا يبرر عدم الإجابة على وساطة أمير الكويت، فهو طبيعي من وجهة الحكومة القطرية، ويتماشى مع أفعالها، وهي ليس لديها الآن خيارات متعددة، سوى الموافقة على العقوبات والمقاطعة وإهانة دولة الكويت، على ألا تكشف ملفاتها السرية.
وأضاف أن هذا الرد من وجهة النظر القطرية، ومن وجهة نظر حساب الأرباح والخسائر، منطقي لأن رفض الوساطة، وعدم الركون للمصالحة وحلها، أكثر جدوى لقطر من كشف الملفات التي أوغلت في أعمالها التخريبية، وفي إلحاق الأذى بالأمن الوطني للسعودية على وجه الخصوص، وستتحمل قطر كل ما ينفذ ضدها في سبيل عدم الكشف عن حجم الجرائم التي ارتكبت ضد السعودية، والأمة العربية والإسلامية.
ولفت الوقاع إلى أن البيان السعودي الأول، الذي أشار إلى أن قطر ارتكبت انتهاكات جسيمة، يعني تعرض الوحدة الوطنية للمملكة للخطر، وتعرض الكيان السياسي للخطر، واللحمة الوطنية للخطر، إذ إن القضية ليست في الوساطة، ولكن في القضية المتهمة فيها قطر، وهي تمويل الإرهاب. وهنا، لا يوجد حل وسط سوى وقف تمويل الإرهاب، أو أنها ستعاقب بما يردعها عن القيام بمثل هذه الأعمال.
تعنت الدوحة قد يدفع بالكويت إلى المقاطعة
توقعات برفع قضايا ضد قطر لتمويلها الإرهاب
تعنت الدوحة قد يدفع بالكويت إلى المقاطعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة