خلافات الفيدرالي الأميركي تظهر للعلن... وتصدر الارتباك إلى المستثمرين

«التضخم الزئبقي» أبرز نقاط القلق... وتوقع تقليص ميزانية «الاحتياطي» قبل الخريف

يتوقع خبراء أن يبدأ الفيدرالي في تقليص ميزانيته في اجتماعه المقبل قبل أن يرفع الفائدة مجدداً  هذا العام (أ.ف.ب)
يتوقع خبراء أن يبدأ الفيدرالي في تقليص ميزانيته في اجتماعه المقبل قبل أن يرفع الفائدة مجدداً هذا العام (أ.ف.ب)
TT

خلافات الفيدرالي الأميركي تظهر للعلن... وتصدر الارتباك إلى المستثمرين

يتوقع خبراء أن يبدأ الفيدرالي في تقليص ميزانيته في اجتماعه المقبل قبل أن يرفع الفائدة مجدداً  هذا العام (أ.ف.ب)
يتوقع خبراء أن يبدأ الفيدرالي في تقليص ميزانيته في اجتماعه المقبل قبل أن يرفع الفائدة مجدداً هذا العام (أ.ف.ب)

أظهر محضر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الصادر مساء الأربعاء الماضي، وجود اختلاف كبير بين وجهات نظر الأعضاء. وأفاد المحضر بأن بعض الأعضاء يعتقدون أن عائدات السندات المنخفضة يمكن أن تكون نتاج «تباطؤ النمو على المدى الطويل»، بالإضافة إلى ميزانية المجلس الضخمة من السندات.
وذكر المحضر أن نيل كاشكاري، رئيس الاحتياطي بولاية مينابوليس، كان المعترض الوحيد خلال التصويت الشهر الماضي على قرار رفع معدل الفائدة، مؤكداً ضرورة الانتظار لمزيد من الإشارات حول اتجاه التضخم للمستوى المستهدف.
وأعرب بعض الأعضاء عن قلقهم إزاء تقلبات أسواق الأسهم إلى جانب أسعار الأسهم المنخفضة، وأن تحميل المخاطر للمستثمرين من الممكن أن يؤدي إلى خطورة على الاستقرار المالي.
وكان مجلس الاحتياطي بالولايات المتحدة قد اتخذ عقب اجتماعه يومي 13 و14 يونيو (حزيران) قراراً برفع الفائدة للمرة الخامسة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2015، والثانية في عام 2017. وأشار محضر اجتماع للجنة السياسة النقدية بمجلس الاحتياطي الاتحادي، إلى أن صانعي السياسة بالبنك المركزي الأميركي منقسمون بشدة حول توقعات التضخم وكيفية تأثيرها على التحرك المستقبلي لرفع أسعار الفائدة.
وأظهرت تفاصيل الاجتماع أيضاً أن بضعة مسؤولين أرادوا إعلان بدء عملية خفض محفظة المركزي الأميركي الضخمة من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بقروض عقارية بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل، لكن آخرين فضلوا الانتظار حتى وقت لاحق من العام.
وقال المركزي الأميركي في المحضر: «رأى معظم المشاركين أن الضعف الأخير في بيانات الأسعار يعكس عوامل شاذة... ورغم ذلك، أبدى بعض المشاركين قلقاً من أن التقدم قد تباطأ، وأن الضعف الأخير في التضخم قد يستمر».
وتساءلت اللجنة عن السبب في أنه لم يحدث تضييق للأوضاع المالية على الرغم من الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة، وقال البعض إن أسعار الأسهم مرتفعة. وتراجعت الأسهم الأميركية بعد نشر محضر الاجتماع، وارتفعت عوائد السندات الحكومية قليلاً، بينما صعد الدولار أمام سلة من العملات. ويشير تصويت الشهر الماضي بنسبة 8 أصوات مؤيدة لصالح رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية، مقابل صوت واحد رافض، وهو ثالث رفع للفائدة في ستة أشهر، إلى ثقة المركزي في نمو الاقتصاد الأميركي والتأثيرات التضخمية المحتملة لانخفاض البطالة.
وفي مؤتمر صحافي في ذلك الحين، وصفت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الانخفاض الأخير في معدل التضخم بأنه «مؤقت»، وأبقى المركزي الأميركي على توقعاته لزيادة أسعار الفائدة مرة واحدة هذا العام، وثلاث مرات العام المقبل.
ورغم ذلك، أبدى بعض صانعي السياسة منذ ذلك الحين قلقاً متزايداً بشأن الصعوبات التي يواجهها البنك المركزي في إعادة التضخم إلى المستوى الذي يستهدفه، البالغ 2 في المائة. وقالت وزارة التجارة إن المؤشر الذي يفضله البنك المركزي لقياس التضخم الأساسي تراجع مجدداً في مايو (أيار) إلى 1.4 في المائة، واستمر دون المعدل المستهدف لأكثر من خمس سنوات.
وفي محضر الاجتماع، قال بعض صانعي السياسة أيضاً إن ضعف التضخم يجعلهم «أقل ارتياحاً» تجاه المسار الحالي المستتر لرفع الفائدة. وجاء في المحضر: «أبدى هؤلاء المشاركون قلقاً من أن مسار الزيادات ربما يكون متعارضاً مع عودة مستدامة للتضخم».
وهناك مسألة أخرى أثارت جدلاً تتعلق بموعد بدء المركزي الأميركي تقليص محفظته الضخمة من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بقروض عقارية، البالغ قيمتها 4.2 تريليون دولار، وكيفية تأثير ذلك على قرارات رفع أسعار الفائدة في المستقبل. وفي اجتماع يونيو الماضي، أوضح الاحتياطي الاتحادي الخطوط العريضة لخطته هذا العام لخفض محفظته، لكنه لم يذكر إطاراً زمنياً محدداً. ويشكل خفض السندات والأوراق المالية الأخرى، التي تم شراء معظمها في أعقاب الأزمة المالية في 2007 - 2009 الفصل الأخير في تطبيع المركزي الأميركي للسياسة النقدية.

ميزانية الفيدرالي
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يبدأ البنك المركزي في تقليص ميزانيته العمومية في اجتماعه في سبتمبر (أيلول)، قبل أن يرفع الفائدة مجدداً في اجتماعه الأخير هذا العام في ديسمبر. ويتوقع المستثمرون أيضاً أن تحدث الزيادة التالية في الفائدة في ديسمبر المقبل. ومن المنتظر أن تعقد لجنة السياسة النقدية اجتماعها القادم لتقرير أسعار الفائدة في 25 و26 يوليو (تموز) الحالي.
وبحسب المحضر، فإن «العديد» من أعضاء لجنة السياسة النقدية كانوا يؤيدون بدء تقليص حجم الميزانية التي تصل إلى 4.5 تريليون دولار خلال «عدة أشهر».
وتتوقع الأسواق الإقدام على هذه الخطوة في سبتمبر الماضي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة أخرى في سعر الفائدة الأميركية قبل نهاية العام الحالي، رغم تفاؤل المجلس بأن معدل التضخم الضعيف سيرتفع. وذكر المحضر أن المعلومات التي تمت مراجعتها خلال اجتماع المجلس أظهرت أن أحوال السوق ما زالت تتحسن خلال الشهور الأخيرة، وتشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي كان ينمو بوتيرة أسرع خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام الحالي.
ومنذ اجتماع مجلس الاحتياط الاتحادي، منتصف الشهر الماضي، أظهرت بيانات الناتج المحلي أن الاقتصاد الأميركي سجل خلال الربع الأول من العام الحالي نموا أقوى من المتوقع. ويتوقع مجلس الاحتياطي تراجع وتيرة معدل تضخم أسعار المستهلك خلال العام الحالي ليصل عند أقل من 2 في المائة بدرجة ما على المدى القصير، ولكن أغلب الأعضاء يتوقعون استقرار المعدل في حدود 2 في المائة على المدى المتوسط.

الذهب يتذبذب:
وانخفض الذهب أمس الخميس بعدما أظهر محضر اجتماع لجنة السياسات النقدية بمجلس الاحتياطي الاتحادي انقسامَ واضعي السياسات بشأن توقعات التضخم وكيفية تأثيرها على الوتيرة المستقبلية لرفع أسعار الفائدة، وبحلول الساعة 08:20 بتوقيت غرينتش انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 1224.24 دولار للأوقية (الأونصة).
لكن المعدن الأصفر استعاد بعض مكاسبه، بعدما تراجع إلى أدنى مستوى في ثمانية أسابيع عند 1217.14 دولار للأوقية أول من أمس الأربعاء، وزاد الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم أغسطس 0.2 في المائة إلى 1223.70 دولار للأوقية.

مؤشرات تراجع الوظائف
ويترقب المستثمرون أيضاً مجموعة من البيانات الأميركية من المقرر أن تعلن خلال الساعات الحالية، منها تقرير «إيه دي بي» للوظائف وطلبات إعانة البطالة، ترقباً لأي مؤشرات قبيل إعلان بيانات الوظائف في القطاعات غير الزراعية مساء اليوم (الجمعة).
وأظهر تقريران منفصلان عن الوظائف الأميركية ضَعفاً أكثر من المتوقع، وانخفض معدل التوظيف بالقطاع الخاص بنحو 230 وظيفة في يونيو الماضي، ليصل إلى 158 ألف فرصة عمل مقارنة بمايو الماضي. في حين توقعت «رويترز» أن تصل فرص العمل في القطاع، خلال يونيو، إلى 185 ألف وظيفة.
في الوقت ذاته، ارتفعت إعانات البطالة بزيادة قدرها 4 آلاف شخص عن الأسبوع الأسبق، ليصل إجمالي إعانات البطالة في مايو إلى 248 ألف شخص، الأسبوع الماضي، وفقاً لتقرير وزارة العمل الأميركية الصادر أمس.
من جهة أخرى، أوضحت بيانات، أمس، تراجُع العجز التجاري الأميركي في مايو الماضي، حيث زادت الصادرات إلى أعلى مستوى في أكثر من عامين بقليل، لكن التجارة قد تواصل الضغط على النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام.

تحسن العجز التجاري
وقالت وزارة التجارة الأميركية إن العجز التجاري تقلص 2.3 في المائة إلى 46.5 مليار دولار. ولم يجر تعديل العجز التجاري لشهر أبريل (نيسان) الماضي وظل عند 47.6 مليار دولار. وتوقع خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم تراجع العجز التجاري إلى 46.2 مليار دولار في مايو. وبحساب معدل التضخم، يكون العجز التجاري تقلَّص إلى 62.8 مليار دولار من 63.8 مليار دولار في أبريل (نيسان). وزادت صادرات السلع إلى أعلى مستوى على الإطلاق في مايو بدعم من ارتفاع قياسي لصادرات النفط.
وزادت صادرات السلع والخدمات في مايو 0.4 في المائة إلى 192 مليار دولار وهو أعلى مستوى لها منذ أبريل 2015 بدعم من زيادة صادرات السلع الاستهلاكية مثل الهواتف الجوالة وغيرها من الأجهزة المنزلية.
وتراجعت واردات السلع والخدمات 0.1 في المائة إلى 238.5 مليار دولار في مايو. وانخفضت واردات الهواتف الجوالة وغيرها من الأجهزة المنزلية 0.9 مليار دولار وهو ما أسهم بالنسبة الأكبر في انخفاض قيمته 1.5 مليار دولار في واردات السلع الاستهلاكية.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.