يعمد موظفون يابانيون بملامح جدية وملابس العمل الرسمية إلى التدرب على حركات رياضية للحفاظ على لياقتهم البدنية واندفاعهم في العمل، في ممارسة ليست بالنادرة في اليابان.
وبدأت شركة «أدوك إنترناشونال» للمعلوماتية، الواقعة في ضاحية طوكيو، قبل 3 سنوات، تطبيق هذه الطقوس المعروفة باسم «راجيو تايسو»؛ ما ترجمته الحرفية: الجمباز الراديوي، وهي تمارين تجرى في بادئ الأمر عبر الاستماع لبرنامج يجمع بين نغمات البيانو والتعليمات، ويبث عبر قنوات الراديو الوطنية منذ عشرينات القرن الماضي، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويوضح كليفتون لاي، وهو موظف في قسم الموارد البشرية: «اخترنا الـ(راجيو تايسو) لأنها سلسلة التمارين الأبسط التي يمكن تنفيذها»، مضيفاً: «أكثرية اليابانيين، والأشخاص الذين كبروا في اليابان، باتوا معتادين على هذا النوع من الحركات، وليست لديهم أي مشكلة في القيام بها».
وللانطلاق في يوم العمل، صباحاً أو بعد الظهر، بإيجابية، يُقبل الموظفون على هذا التمرين الرياضي المقتضب.
ويشير لاي إلى أن «القيام بهذا التمرين صباحاً عند الوصول إلى العمل، أو بعد استراحة الظهر، أي في وقت لا يكون تركيزنا كاملاً على العمل، يجعلنا أكثر استعداداً».
وبدأت ممارسة «راجيو تايسو»، العائدة إلى ما يقرب من قرن، في شركة تأمين أميركية. وقد انتشرت سريعاً في أنحاء اليابان في أماكن العمل والمدارس.
وتخصص قنوات «إن إتش كاي» التلفزيونية الرسمية للإذاعة والتلفزيون 3 دقائق يومياً من هوائها لهذه الأنشطة، مقدّمة أشكالاً مختلفة من الممارسات الرامية إلى تعزيز قوة العضلات، والتحكم بالإعاقة، أو الحفاظ على اللياقة في سن متقدمة.
هذا البث الذي يعتبره منتقدوه ذا طابع عسكري، منع مؤقتاً من جانب الحلفاء إثر خسارة اليابان في الحرب العالمية الثانية، قبل أن يعاد العمل به سنة 1951.
واليوم، بالاستناد إلى استطلاعات للرأي وبيانات أخرى، تقدّر جمعية للترويج لـ«راجيو تايسو» عدد اليابانيين الذين يمارسون هذا النشاط يومياً بـ28 مليون شخص.
وتنظّم شركة «تويوتا» اليابانية المصنعة للسيارات نسختها من هذا النشاط على طريقتها. وفي شركة «سوني»، يُدعى العاملون على اختلاف درجاتهم الوظيفية إلى جلسة تليين عضلات جماعية عند الساعة الثالثة بعد الظهر، غير أنها ليست إلزامية.
هذه التمارين الرامية لتعزيز الاندفاع تجاه الشركة، وهي من القيم الأساسية في المجتمع الياباني، من شأنها أيضاً الحفاظ على صحة الموظفين، وإبقائهم في صفوف الشركة لسنوات أطول.
ويذكر كينيشيرو أسانو الذي يهتم بمتابعة الوضع الصحي لموظفي شركة «فوجيكورا» للتجهيزات أن «التركيبة السكانية اليابانية تسجل شيخوخة سريعة، وعدد الأطفال إلى تناقص، وهذا خطر كبير جداً على الشركات».
ويقول: «الحفاظ على الموظفين بصحة جيدة يمثل استراتيجية مهمة في الشركات؛ الصحة بحد ذاتها تسمح بتحقيق إدارة فضلى للشركة».
ولدى «فوجيكورا»، ثمة مساحة للراحة تسمح بالقيام بتمارين رياضية، فيما تُخصص غرفة لإجراء اختبارات صحية.
ويقول أسانو: «تسجيل الوزن يومياً، وقياس ضغط الدم، واحتساب عدد الخطوات ومستوى التعب، كلها بيانات تسمح بمعرفة ما إذا كانت صحة الموظف في الاتجاه الصحيح. وبالتالي، إعطائه معلومات ونصائح تتلاءم مع وضعه».
واعتمدت شركة «راكوتن» العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية طريقة أخرى، وهي مكاتب عمل قابلة للتعديل، لترك الخيار لكل موظف بالعمل واقفاً أو جلوساً. وقد وضعت 12 ألفاً منها في مقرها في طوكيو.
ويقول المهندس ليو شاولو: «أتعب بسرعة عندما أبقى جالساً لفترة طويلة، لذا من الجيد التمكن من الوقوف من وقت إلى آخر».
ويؤكد أستاذ المعلومات السلوكية في جامعة «واسيدا» في طوكيو أن مسألة الصحة في العمل يجب أن تكون أولوية للشركات، محذراً من أن «النقص في التمرين خلال الأسبوع قد يؤدي إلى أمراض القلب والسكري ومشكلات أخرى»، حتى لو تمت ممارسة أنشطة رياضية خلال نهاية الأسبوع.
الحصص الرياضية تشق طريقها إلى مكاتب العمل في اليابان
للحفاظ على لياقة الموظفين واندفاعهم في العمل
الحصص الرياضية تشق طريقها إلى مكاتب العمل في اليابان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة