يتباهى سكان منطقة الهوارية أعلى نقطة مطلة على أوروبا في القارة الأفريقية بأنهم من أوائل من روض الكثير من الطيور المهاجرة سواء منها التي تمر نحو أوروبا بعد قضاء فترة راحة في جبالها أو التي تعشش لديها وتحمل فراخها وتقصد أماكن أخرى.
ويقيمون لهذا الغرض مهرجان الساف الذي بلغ هذه السنة دورته الخمسين وهو ما يشي بعراقة هذا المهرجان وانطلاقته المبكرة في الاحتفال بعالم الجوارح التي لسكان الهوارية معها أكثر من حكاية.
المهرجان انطلق يوم 29 يونيو (حزيران) الماضي ويتواصل إلى غاية الثاني من شهر يوليو (تموز) الحالي وبرمج مجموعة هامة من الأنشطة الثقافية والبيئية والسياحية. وتتميز هذه الدورة كسابقاتها بعروض طائر الساف والبرني بفضاء نادي البيازرة وهي فرصة سنوية يتبارى فيها أصحاب التجربة في ترويض الساف على استعراض مؤهلات كل طائر ودرجة انقضاضه على الفرائس وغالبا ما يتباهى الأهالي بتلك الطيور ويصطحبونها لأكثر من فضاء عام كدلالة على نجاحهم في ربط علاقة قوية بطائرهم المحبب.
واختارت جمعية مهرجان الساف بالهوارية، المنظمة لهذه التظاهرة السنوية، أن تحمل البرمجة طابعا سياحيا حيث سيتم تنظيم مسابقات للدراجات الهوائية والتسلق على الحبال وجولة بحرية جبلية، علاوة على تنشيط سيؤمنه مجموعة من شباب الجهة العارفين بمجاهل وأسرار المغاور التي تعود إلى العهد البونيقي.
وفي هذا الشأن، قال الحبيب المرنيسي رئيس جمعية مهرجان الساف بالهوارية إن هذه التظاهرة الثقافية المميزة تأسست منذ سنة 1967 وأصبح أهالي الهوارية يمارسون هواية الصيد بطيور «الباز» أو «الساف» أبا عن جد منذ قرون مضت وأشار إلى المهرجان يساهم في إضفاء الكثير من الحركية على مدينة الهوارية إذ يقبل عليها زوار من مختلف المدن التونسية ومن بعض البلدان العربية التي لها تقاليد في مجال التعامل مع الطيور الجارحة وتتمتع بعملية الصيد.
وتتمثل طريقة الصيد في إطلاق الفريسة في الهواء وعادة ما يكون طيور «السمان» التي تحبذها الطيور الجارحة لتلاحقها هذه الطيور في الجو وتمسك بها في الفضاء في وقت قياسي، وكلما كانت حركات الساف رشيقة وثابتة كلما نال استحسان هيئة التحكيم بين البيازرة.
وأكد المرنيسي على أن المهرجان مناسبة سنوية يحتفى فيها بالطيور الجارحة وهي عادة قديمة يحافظ عليها معظم أهالي المدينة بهدف المحافظة عليها وتكريسها ميزة أساسية من ميزات المنطقة ورمز لها وتراثها، حتى أنه تم نصب تمثال لطائر «الساف» بوسط المدينة. للتأكيد على احتفاء المنطقة بهذا الطائر.
ولمن لا يعرف طائر «الساف» ميزة هذا المهرجان، فهو من الطيور الجارحة المهاجرة التي تمر عبر مدينة الهوارية قاصدة جزيرة صقلية الإيطالية القريبة وهي عادة ما تكون قادمة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وتحتل الهوارية المرتبة الثانية من حيث عدد أسراب الطيور الجارحة المهاجرة سنويا.
ويقع اصطياد هذا الطير خلال موسم الصيد بطريقتين مختلفتين الأولى بواسطة الشباك الثابتة والثانية من خلال الشباك المتحركة في جبال «شيشو» وجبل الهوارية.
وينطلق صياد الطائر الذي يطلق عليه اسم «البياز» في ترويض الطائر وفق تمارين محددة يتدرب من خلالها «الساف» على الصيد.
وتتواصل هذه التمارين إلى حد استئناس الطائر بمدربه والمحيط الجديد، ومع انتهاء موسم الصيد يقع إطلاق سراحه ليبقى بجبل الهوارية. ومن خصائص هذا الطائر أنه يرتاح كثيرا إلى الشخص طيب الرائحة ويجلس مطمئنا فوق يديه بينما ينفر نفورا شديدا من الرائحة الكريهة، وهو ما يجعل العلاقة بين الطائر ومروضه غالبا ما تكون ذات خصوصية.
عروض صيد شيقة بطائر الساف في مهرجان الهوارية
علاقة مميزة بين طائري الساف والبرني ومروضهما
عروض صيد شيقة بطائر الساف في مهرجان الهوارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة