بعد المعاناة التي مر بها جراء نزوحه من بلاده، ربما لم يعد لبرشنك حاج يونس سبب للاحتفال. لكنه مع ذلك ينكب هذا الشاب السوري على إعداد وليمة.
وتضم قائمة طعامه أطباق الحمص والمتبل، بالإضافة لأطباق لحم الضأن والدجاج التي عادة ما تقدم للضيوف على بعد نحو ألفي كيلومتر في موطنه سوريا الذي مزقه النزاع.
ولليلة واحدة هذا الأسبوع، استعرض الشاب السوري الكردي الذي فر إلى اليونان قبل نحو عام مهاراته في الطهي إلى جانب طاه يوناني في مطعم مزدحم بالعاصمة اليونانية أثينا احتفالا باليوم العالمي للاجئين الذي وافق أمس.
وبعيداً عن منح الرواد في 13 مدينة أوروبية فرصة لتجربة مذاق المطابخ في الشرق الأوسط وأفريقيا، فإن مهرجان أطعمة اللاجئين الذي بدأ في فرنسا وتدعمه مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، يأمل في الترويج للاندماج.
وفي أجواء قائظة، يجد يونس والطاهي اليوناني فوتيس فوتينوغلو بالكاد مساحة للتحرك فيما يعملان بلا كلل لإعداد قائمة طعام تضم 14 طبقاً يونانياً وسورياً في مطبخ صغير مكدس.
وتتضمن قائمة الطعام طبق داكوس وهو طبق سلطة يوناني بالشعير، بالإضافة إلى الطماطم والكوسة المقلية، وطبق الفريكة السورية المؤلف من القمح القاسي المحمص، فضلاً عن سيقان الخراف المطهية ببطء مع البرغل والدجاج المتبل بالطحينة واللبن والتوابل والكمون.
بدوره، قال فوتينوغلو: «الكمون يدخل في كل شيء». ويسأل فوتينوغلو يونس الذي يحدق فيه دون أن يفهم: «هل تريد الثوم؟ أو البصل؟ هل تريد ماء؟» وينتهي الأمر بالرجلين بالتواصل عن طريق إشارات اليد.
وبالإضافة إلى توفير متنفس لفترة قصيرة من المصاعب اليومية لحياة اللاجئين في اليونان يأمل يونس أن يجذب الطعام الانتباه إلى محنة عشرات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في اليونان.
وقال يونس: «أريدهم أن يتذكروا أنه لا يزال هناك لاجئون في كل مكان بأمس الحاجة للدعم والمساعدة»، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز» للأنباء.
وبدأ يونس الذي درس هندسة الكومبيوتر تجربة يده في المطبخ قبل خمسة أعوام مدفوعاً بالحاجة وليس بالشغف تجاه الطعام.
وفي الأعوام الأولى للحرب الأهلية، هرب من بلدة عامودا الشمالية الشرقية التي يغلب على سكانها الأكراد، إلى العراق حيث كان يأمل أن يجني ما يكفي من المال لدفع ثمن رحلته إلى أوروبا، وعمل في فنادق في بداية الأمر كنادل ثم كطاهٍ.
ووصل يونس في قارب من تركيا في مارس (آذار) العام الماضي، بعد أسبوع من بدء تطبيق اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة للحد من هروب اللاجئين إلى أوروبا، مما أدى لتأخير خططه للسفر شمالا إلى سويسرا أو هولندا.
ويقول إنه لا يشعر بالرغبة في الرحيل في بعض الوقت؛ لأنه يحب الناس في اليونان. وبغض النظر عما يحمله المستقبل فإن الرسالة التي يريد فوتينوغلو إيصالها واضحة.
وقال: «الظروف التي أجبرت (اللاجئين) على ترك موطنهم ومنازلهم وأسرهم... قد تحدث لأي منا... نحن هنا اليوم لنقول إنه من خلال الطهي وفي المطبخ لا توجد اختلافات. كلنا واحد... كلنا بشر».
في اليوم العالمي للاجئين... نازح سوري وطاهٍ يوناني على مائدة واحدة
حاج يونس فر من جحيم النزاع إلى مطابخ أثينا
في اليوم العالمي للاجئين... نازح سوري وطاهٍ يوناني على مائدة واحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة