متظاهرون في سيدي بوزيد يعطلون أول جلسة للتعريف بالدستور التونسي الجديد

جمعة يعقد مؤتمرا صحافيا بعد غد بمناسبة مرور 100 يوم على تنصيب حكومته

متظاهرون في سيدي بوزيد يعطلون أول جلسة للتعريف بالدستور التونسي الجديد
TT

متظاهرون في سيدي بوزيد يعطلون أول جلسة للتعريف بالدستور التونسي الجديد

متظاهرون في سيدي بوزيد يعطلون أول جلسة للتعريف بالدستور التونسي الجديد

عطل متظاهرون في مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية أول جلسة للتعريف بالدستور التونسي الجديد على خلفية المطالب العالقة في مجالي التنمية والتشغيل.
وكان من المقرر أن تعقد هذه الجلسة مساء أول من أمس للتعريف بالحقوق الدستورية وبمختلف مضامين الدستور.
وقال عطية العثموني، الناشط السياسي من سيدي بوزيد لـ«الشرق الأوسط» بأن عبارة «ارحل» رفعت من جديد في وجوه تسعة من أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان)، وأن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي حول وجهته نحو منزل والي (محافظ) سيدي بوزيد بعد تلقيه معلومات أمنية حذرته من الاقتراب من معهد الدراسات التكنولوجية الذي كان يفترض أن يعقد فيه أول اجتماع للتعريف بالدستور.
وأضاف العثموني أن شعارات كثيرة رفعت بالمناسبة من بينها «يا شهيد ارتاح... سنواصل الكفاح» و«أعداء الشهداء... النهضة والنداء» و«أحسن واحد في الكفاح... ابن العامل والفلاح» و«التشغيل استحقاق... يا عصابة السراق». ولفت الانتباه إلى أن الشعار الأخير كان من بين الشعارات التي رفعت قبل سقوط النظام السابق.
وعزا العثموني ما جد من أحداث إلى البطء والتعطيل الكبير الذي عرفته معظم مشاريع التنمية في المنطقة، وتراجع الكثير من القيادات السياسية عن وعودها بتوفير الشغل للعاطلين عن العمل، مشيرا إلى أن مطالب التنمية والتشغيل تزامنت مع اتهامات لنواب البرلمان بالتطبيع مع إسرائيل.
يذكر أن مظاهرة التعريف بالدستور التونسي تلتئم بدعم من برنامج الأمم المتحدة للتنمية، وتشمل كل ولايات (محافظات) تونس، وانطلقت في الأول من مايو (أيار) الحالي بمقر المجلس التأسيسي، وتتواصل إلى غاية أول يونيو (حزيران) المقبل.
في غضون ذلك، من المنتظر أن يعقد رئيس الحكومة التونسية مؤتمرا صحافيا بعد غد (الأربعاء) لتقديم أهم ما أنجزته حكومته خلال المائة يوم الأولى من تنصيبها، ويجيب عن قضايا سياسية وأمنية واقتصادية.
وحسب بيان من رئاسة الحكومة، سيتطرق جمعة إلى برامج الإصلاح التي اتخذتها الحكومة، ومدى تقدم تحضيرات عقد مؤتمر الحوار الاقتصادي يوم 28 مايو الجاري، ومن ثم مصارحة التونسيين من جديد بواقع الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، وحقيقة المساعدات الأجنبية.
على صعيد متصل، دعا حكيم بن حمودة وزير الاقتصاد والمالية التونسي، إلى دعم مبادرة الاكتتاب الوطني التي تنطلق اليوم 12 في تونس. وقال في تصريح لوسائل الإعلام بأن هذه العملية ستمكن من توفير مبلغ 500 مليون دينار تونسي على الأقل (قرابة 312 مليون دولار) لخزينة الدولة. وأضاف أن الدراسات الأولية توقعت ضعف هذا المبلغ.
على صعيد آخر، نفى عبد السلام الزبيدي، المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة التونسية بشدة ما نشر بشأن إدلاء مهدي جمعة بحوار لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، كما نفى بصفة جازمة أن يكون رئيس الحكومة التونسية قد تطرق لمسألة التطبيع مع إسرائيل.
وكانت الصحيفة الإسرائيلية قد نقلت عن مصدر رفيع المستوى في الحكومة التونسية قالت: إنها التقته في السويد، أن تونس «ستسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل». كما نشرت تصريحات نقلتها عن وزيرة السياحة آمال كربول قالت فيها «إنها غير مستعدة للتخلي عن أي فرصة من أجل جذب السياح إلى تونس حتى لو جاؤوا من إسرائيل».
يأتي هذا التكذيب الرسمي بعد يومين فقط من تعذر تصويت البرلمان التونسي على لائحة سحب الثقة من وزيرة السياحة ورضا صفر الوزير المكلف الأمن على خلفية السماح لـ61 سائحا من حاملي جوازات السفر الإسرائيلية خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بدخول التراب التونسي، وفق تراخيص استثنائية من وزارة الداخلية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة التونسية تسعى خلال الفترة المقبلة، إلى توجيه الهجوم على كبريات وكالات الأسفار العالمية من خلال الاستفادة القصوى من جلسة المساءلة البرلمانية للحكومة، والتسويق للنمط الديمقراطي، الذي باتت عليه تونس من خلال العلاقة بين السلطتين التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان).
وتشير مصادر برلمانية تونسية إلى أن المساءلة في البرلمان لا يمكن قراءتها على أساس «خطأ مرتكب» بل يجب النظر إلى ما حصل بمثابة «إجراء دستوري يكرس الديمقراطية، وأن البرلمان من حقه طرح الأسئلة والحكومة مطالبة بالرد عليها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.