الأمن اليمني يحصي قتلى «القاعدة» في تسع محافظات

ملاحقة التنظيم على محورين وتحسب لعمليات انتقامية

جنود يمنيون في مدينة عزان إثر استعادتها من تنظيم القاعدة (أ. ف. ب)
جنود يمنيون في مدينة عزان إثر استعادتها من تنظيم القاعدة (أ. ف. ب)
TT

الأمن اليمني يحصي قتلى «القاعدة» في تسع محافظات

جنود يمنيون في مدينة عزان إثر استعادتها من تنظيم القاعدة (أ. ف. ب)
جنود يمنيون في مدينة عزان إثر استعادتها من تنظيم القاعدة (أ. ف. ب)

أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عزمها حصر قتلى تنظيم القاعدة في تسع محافظات، وأوضحت الوزارة في بيان صحافي أنها أمرت الأجهزة الأمنية بالعاصمة صنعاء وتسع محافظات أخرى بإعداد قوائم تفصيلية عن قتلى تنظيم القاعدة، تتضمن معلومات عن أسمائهم وأعمارهم وجنسياتهم وتواريخ وأماكن مقتلهم، وتشمل المحافظات أمانة العاصمة، وأبين، ولحج، وصنعاء، وشبوة، والبيضاء، وحضرموت، والضالع، ومأرب.
وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن سبعة مسلحين يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة، قتلوا على يد قوات الجيش في مدن بجنوب البلاد، أمس، فيما توقع مسؤول محلي عمليات انتقامية لتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء المحاذية للعاصمة صنعاء. وشددت السلطات في عدد من المحافظات المحيطة بمناطق القتال إجراءات المراقبة لمنع فرار المسلحين إلى مناطقهم. وأوضح موقع الجيش اليمني الإلكتروني أن المسلحين السبعة قتلوا في عملية لقوات الجيش والأمن، في محافظتي أبين وشبوة، ونشر الموقع، نقلا عن مصدر عسكري، أسماء القتلى وهم: حسين فرج، وفواز صالح الحرازي، وأبو البتار العولقي، ومهدي مصلح الشيباني، وقاسم الردفاني، وعمر الكثيري، ورشاد النهمي.
وأكدت باريس أن السلطات اليمنية اعتقلت مواطنين فرنسيين بشبهة انتمائهما إلى تنظيم القاعدة وذلك أثناء محاولتهما مغادرة الأراضي اليمنية عن طريق أحد مطارات البلاد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومين نادال إن «فرنسا تؤكد توقيف مواطنين اثنين في اليمن»، مشيرا إلى أن باريس «تتعاون بشكل وثيق مع السلطات اليمنية في مكافحة التنظيمات الإرهابية الناشطة على أراضيها».
وأضاف أن «تجنيد مواطنين أجانب يشكل على هذا الصعيد مصدر قلق بالغ وهو موضع تعاون بين الأجهزة المختصة».
وكانت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) ذكرت أن الفرنسيين اللذين اعتقلا هما من أصل تونسي وكانا ضمن خلايا تنظيم القاعدة في حضرموت (جنوب شرق) وجرى القبض عليهما خلال محاولتهما مغادرة الأراضي اليمنية من أحد المنافذ الجوية، مشيرة إلى أنهما يدعيان مراد عبد الله عباد وطه العيساوي، وكلاهما في الـ30 من العمر.
ويأتي التأكيد الفرنسي إثر إعلان السلطات اليمنية مقتل سعودي وخبير متفجرات داغستاني (روسي) من تنظيم القاعدة في محافظة شبوة (جنوب) أول من أمس.
وشهدت العاصمة اليمنية أمس استنفارا أمنيا لمواجهة أي اعتداءات يمكن أن ينظمها تنظيم القاعدة، وذلك غداة استهداف حراسة دار الرئاسة ومحاولة اغتيال وزير الدفاع.
والتقى وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد وجهاء مناطق حررها الجيش من عناصر «القاعدة» في محافظة شبوة الجنوبية ووعد الأهالي بتقديم المساعدات اللازمة لهم.
وأكد بيان صدر عن وزارة الداخلية أن قوات الأمن، لحماية صنعاء من أي «أعمال إرهابية محتملة»، «أحاطت العاصمة بعدد من الإجراءات والتدابير الاحترازية في مناطق الحزام الأمني المحيط بأمانة العاصمة وكذا داخل العاصمة نفسها». وذكر البيان أن القوى الأمنية «قامت بتكثيف تواجد الخدمات الميدانية وحواجز التفتيش والنقاط الأمنية ومضاعفة أعداد الجنود المكلفين بحماية المرافق الحكومية والمنشآت الحيوية مع إعطاء اهتمام خاص لحماية المصالح الأجنبية ومقرات السفارات وأماكن سكن الدبلوماسيين». وشددت الوزارة على أنها «تعمل ليل نهار وعلى مدار الساعة لضبط أي عناصر أو تحركات مشبوهة حفاظا على أمن العاصمة».
ويخوض الجيش منذ 29 أبريل (نيسان) حربا ضد تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة في مدن بجنوب البلاد، وسيطر على معاقل التنظيم في كل من شبوة وأبين، أبرزها المحفد وعزان، وميفعة، وتمكن من قتل عشرات المسلحين، بينهم قيادات أجنبية، فيما لم يعرف عدد قتلى الجيش خلال هذه العمليات. وخاض الجيش معركته مع «القاعدة» عبر محورين، المحور الأول محور أبين بقيادة قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن محمود أحمد الصبيحي، والمحور الثاني محور شبوة، بقيادة وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وشارك في هذه الحرب رئيس جهاز الأمن القومي اللواء الدكتور علي الأحمدي، وقائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن أحمد سيف محسن اليافعي.
وعلى صعيد ذي صلة، شددت السلطات في كل من محافظتي حضرموت والبيضاء إجراءات ملاحقة العناصر المسلحة التي فرت من مناطق القتال. وتوقع محافظ محافظة البيضاء القريبة من العاصمة صنعاء، الظاهري أحمد الشدادي، رد فعل انتقاميا من هذه العناصر يستهدف معسكرات الجيش والأمن، ودعا المواطنين إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة للخلايا الإرهابية. وقال الشدادي في تصريحات: «إنه من غير المستبعد أن تلجأ العناصر المتطرفة بعد سيطرة الجيش على معاقلهم في شبوة وأبين إلى دفع الإرهابيين الفارين والخلايا الموجودة في البيضاء إلى تنفيذ عمليات انتقاما من المواقف الشعبية الرافضة للفكر والممارسات الإرهابية المأجورة لتجار الموت والدمار».
وفي حضرموت، أعلن عدد من القبائل وقوفهم إلى جانب الجيش واستعدادهم لمنع تسلل العناصر الإرهابية الفارة من محافظة شبوة. واتفق مشايخ القبائل في مديرية الضليعة المحاذية لشبوة، على العمل جنبا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية في المديرية لمنع تسلل أي عناصر إرهابية إليها، وإلقاء القبض على من يتمكن منهم من الوصول إلى المديرية.
وفي منطقة الحوطة بمحافظة شبوة، قال وزير الدفاع اليمني لأهالي ووجهاء مناطق حررها الجيش من «القاعدة» إن الدولة «ستولي احتياجات ومتطلبات المواطنين اهتماما مميزا بعد القطيعة التي تسببت بها العناصر الضالة لفترة طويلة»، وذلك بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.
وفي تصريحات نشرها في وقت سابق موقع وزارة الدفاع، أشاد وزير الدفاع اليمني «بالمآثر البطولية التي اجترحها المقاتلون من منتسبي القوات المسلحة والأمن وأبطال اللجان الشعبية والمتعاونين».
وأكد الوزير على «استمرار الحملة في ملاحقة ما تبقى من عناصر الإجرام والشر حتى يتم استئصال هذا الورم السرطاني الخبيث من جسد وطننا».
بدوره، دعا محافظ البيضاء الظاهري أحمد الشدادي في تصريح نشره موقع وزارة الداخلية، المحافظة «خاصة المديريات التي يشتبه بتواجد الخلايا الإرهابية فيها»، إلى «تعاون أكثر فاعلية مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة لأفراد تلك الخلايا الفارة من جحيم المعارك في محافظتي أبين وشبوة تفاديا لأي ردود فعل انتقامية».
وفي جانب ذي صلة، تجول محافظ أبين جمال ناصر العاقل، ومحافظ لحج أحمد عبد الله المجيدي، ووكيل الجهاز المركزي للأمن السياسي لمحافظات عدن ولحج وأبين اللواء ناصر منصور هادي، أمس، ميدانيا إلى المواقع التي دارت فيها الأعمال القتالية ضد معاقل العناصر الإرهابية الضالة بمديرية المحفد بمحافظة أبين.
وخلال الزيارة ألقى قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن محمود أحمد سالم الصبيحي كلمة أشار فيها إلى أن زيارة محافظي أبين ولحج تأتي دعما لصمود المقاتلين في مواقع الشرف والبطولة بعد أن جرى تطهير المديرية من عناصر الإرهاب ومن يسمون بأنصار الشريعة وتنظيم القاعدة، مؤكدا أن المقاتلين الأبطال يتمتعون بمعنويات عالية بعد أن دكوا أوكار الإرهابيين وطهروا المناطق التي كانوا فيها.
من جهته أكد محافظ أبين جمال العاقل أن «المقاتلين حققوا انتصارا كبيرا بدحر عناصر الإرهاب من مديرية المحفد، وتطهير كل أوكارها، حيث أصبحت المديرية محررة من تلك العناصر، وغدت محافظة أبين كاملة تتأهب نحو البناء والتنمية بعد قضائها على المخربين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».