على مدار عقود اتسم النظام الإيطالي بالهشاشة مقارنة بباقي دول مجموعة السبع الكبار، أو حتى بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث يطغى عليه حكم الائتلافات المتعارضة، وفي وقت تتعرض فيه الدول الكبرى لتقلبات سياسية كبيرة تكاد تعصف بالشكل المعتاد للنظم السياسية، تخطو روما نحو إجراء انتخابات مبكرة وتغيير قواعد الانضمام للبرلمان.
ورغم هذه التقلبات فإن الخطر الرئيسي الذي يجب على إيطاليا أن تخشى منه ليس السياسة ولا توافد اللاجئين، وإنما الديون.
وأمس حذر رئيس البنك المركزي الإيطالي إغناتسيو فيسكو من أن ارتفاع الدين العام في إيطاليا يمثل «عامل خطورة كبيرة» يجب أن يتغلب عليه الساسة بصورة أقوى.
ويبلغ حجم الدين العام لإيطاليا أكثر من 132 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو بذلك أكثر من ضعف الحد في منطقة اليورو، وهو 60 في المائة. وقد أخفقت الحكومات المتعاقبة في الإيفاء بتعهداتها بخفض الدين العام.
وقال فيسكو في خطابه السنوي: «لا يجب إرجاء البدء في خفض دائم وملموس لحجم الديون بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي» مضيفا: «الديون المرتفعة عامل خطورة كبيرة فهي تُشكل المعيشة الاقتصادية في البلاد».
وأضاف أنه إذا استطاعت الدولة زيادة فائضها الأساسي، وهو الفائض في الحسابات الحكومية من دون الفوائد على الديون إلى 4 في المائة، فإن معدل الدين بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي سوف ينخفض لأقل من مائة في المائة «خلال نحو عشرة أعوام».
وكان الفائض الأساسي قد بلغ العام الماضي 1.5 في المائة وتعتزم الحكومة زيادة النسبة إلى 3.8 في المائة بحلول عام 2020، ولكن مصداقية الإيفاء بهذه الالتزامات محل شك.
وتأتي تحذيرات فيسكو في الوقت الذي تتجه فيه الأحزاب الرئيسية الإيطالية للتوصل لاتفاق بشأن قانون انتخابي جديد، يمهد الطريق أمام إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، ما قد يمثل عائقا أمام الموافقة على قانون الموازنة للعام المقبل.
وعزز اتفاق غير نهائي جرى التوصل إليه بين الأحزاب الرئيسية في إيطاليا، حول تعديل قواعد التصويت في الانتخابات، من فرص إجراء انتخابات مبكرة هذا العام، وهو ما قد تكون له آثار سلبية على الاقتصاد.
وأبدى كل من الحزب الديمقراطي الحاكم و«حركة النجوم الخمسة»، وحزب «فورزا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني، و«الرابطة الشمالية» اليمينية المتشددة، استعدادهم لاعتماد قانون انتخابات على «النمط الألماني».
ويتعين إجراء الانتخابات قبل مطلع العام المقبل، وكان الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا تعهد بمعارضة دعوات تبكيرها إلا إذا تم تغيير النظام الانتخابي الحالي المعيب.
وتجدر الإشارة إلى أن إيطاليا بها قواعد انتخابية مختلفة لغرفتي البرلمان، ما يزيد من احتمالات أن تكون النتائج غير حاسمة. ويتضمن الإصلاح المستلهم من ألمانيا نظام تصويت نسبي مع اشتراط عتبة 5 في المائة للفوز بمقاعد.
ووفقا لتقارير صحافية، فإن الإصلاح سيضع نهاية للأحزاب الأصغر، ويقود إما لحكومة موالية لأوروبا يقودها الحزب الديمقراطي وفورزا إيطاليا، أو حكومة تشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي بقيادة النجوم الخمسة والرابطة الشمالية.
خطر الديون في إيطاليا يطغى على أخطار الهشاشة السياسية
خطر الديون في إيطاليا يطغى على أخطار الهشاشة السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة