كان 2002 هو آخر عام يشهد مباراة بين ناديي آرسنال وتشيلسي في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. وفي الحقيقة، كانت هذه المباراة بمثابة نقطة فاصلة في تاريخ الناديين. وقد اختار لاعب آرسنال السابق توني آدامز، الذي كانت هذه آخر مباراة له قبل الاعتزال، لاعب تشيلسي الشاب آنذاك جون تيري، الذي شارك كبديل، لكي يواسيه ويقول له بعض الكلمات التي تخفف عليه آثار الهزيمة. ويشير آدامز إلى تلك المرحلة الفاصلة في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان «سوبر» قائلاً: «قلتُ له إن وقته سيأتي ولكن هذا كان وقتنا». وفي الواقع، كان آدامز محقّاً تماماً فيما قال.
ويمثل نهائي 2002 نقطة المنتصف تماماً بين ثلاثة عقود من كرة القدم في العاصمة الإنجليزية سيطر آرسنال على الجزء الأول منها، في حين هيمن تشيلسي على الجزء الثاني تماماً. وخلال الخمسة عشر عاما السابقة لتلك المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي، كان آرسنال هو المسيطر، مع بعض النجاحات القليلة بعد هذا التاريخ، على كرة القدم الإنجليزية بقيادة جورج غراهام وأرسين فينغر. وكان آرسنال آنذاك على بعد أيام قليلة من الحصول على اللقب الرابع للدوري الإنجليزي الممتاز خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى حصوله على عدد من بطولات الكأس المحلية. وفي ذلك الوقت، لم يكن تشيلسي قد فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز منذ خمسينات القرن الماضي، ولكن لم يكن هناك انطباع بأن تشيلسي في وضع يسمح له بأن يكون قوة كروية كبيرة في كرة القدم الإنجليزية.
وكان آرسنال يتفوق بقوة على تشيلسي في ذلك الوقت. وجاء فوز آرسنال على تشيلسي عام 2002، بهدفين رائعين بتوقيع كل من لاعب خط الوسط راي بارلور ونجم وسط فريق «المدفعجية» والمنتخب السويدي فريدي ليونبيرغ، في وقت لم يحقق فيه «البلوز» أي فوز على آرسنال في مثل هذه المواجهات المهمة خلال عقد من الزمان، ربما مع وجود بعض الاستثناءات القليلة في بعض المباريات في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، لكن الأمور انقلبت رأساً على عقب منذ ظهور الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش في الصورة واستحواذه على تشيلسي في صيف 2003.
وفي الوقت نفسه، كان آرسنال يستعد لمغادرة ملعب هايبوري لينتقل إلى ملعب الإمارات الجديد ويتجه لتقليص النفقات ويعتمد على سياسة الضبط المالي، ومن هنا بدأ التحول. وخلال الخمسة عشر عاماً التالية منذ عام 2002، فاز تشيلسي بخمسة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز وتسع كؤوس، بما في ذلك الفوز باللقب الأهم والأغلى في تاريخ النادي وهو الفوز بدوري أبطال أوروبا. صحيح أن آرسنال كان لديه «الفريق الذي لا يقهر» في موسم 2003 / 2004، لكن منذ ذلك الحين لم يفز الفريق إلا بثلاث بطولات لكأس الاتحاد الإنجليزي، وهو ما لا يليق بفريق كبير مثل آرسنال.
لقد تغير وجه كرة القدم في العاصمة البريطانية لندن بفعل رجلين سيكونان حاضرين في ملعب ويمبلي الشهير مساء اليوم لمتابعة المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي، وهما الروسي رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي، والأميركي ستان كرونكي صاحب الحصة الأكبر في نادي آرسنال. وعندما استحوذ أبراموفيتش على تشيلسي، كان آرسنال ينظر إلى القوة المالية الكبيرة للملياردير الروسي على أنها «عدو آيديولوجي»، إن جاز التعبير، لكن آرسنال مرتبط الآن بملياردير أميركي، أدَّت قيادته الحكيمة وأسلوبه في الإنفاق إلى معاناة جمهوره بشكل كبير بسبب تراجع أداء ومستوى النادي!
لكن يبدو أن نهائي عام 2002 كان مختلفاً تماماً. وظل بارلور، الذي افتتح أهداف تلك المباراة بطريقة لن ينساها أبداً، يعشق بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، ويتذكر أن مباريات تلك البطولة كانت تعد بمثابة مناسبة عائلية عندما كان صغيراً، فقد كان يشاهدها مع شقيقيه، بينما كانت أمه تصنع السندوتشات وعصير البرتقال، وأبوه يحتسي بعض المشروبات. وعن ذلك يقول بارلور: «دائماً ما كانت المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي تتسم بالإثارة الشديدة، حيث كنا نلتف حول شاشات التلفزيون، ونعشق كل دقيقة من عمر المباراة»، ووصف بارلور هدفه في تلك المباراة بأنه «ربما أعظم لحظة في حياتي»، ويتذكر أنه طلب وهو على متن الطائرة العائدة من كارديف أن يحتسي الجعّة، لكن فينغر هدده بخصم أسبوع من راتبه إذا تجرَّأَ على تناول رشفة واحدة، لأنه يتعين على اللاعبين أن يكونوا في كامل تركيزهم من أجل الحصول على الثنائية والفوز في مباراتهم المهمة على مانشستر يونايتد في ملعب «أولد ترافورد» بعد أربعة أيام.
وفي النهاية، رأى بارلور أن تناول رشفة من الجعة لا تستحق خصم 30 ألف جنيه إسترليني منه، رغم أن ذلك لم يمنعه من الاحتفال الصاخب في عطلة نهاية الأسبوع فور وصوله إلى منزله. وبعد الفوز على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» بهدف دون رد وحصول بارلور على لقب أفضل لاعب في المباراة وحصول آرسنال على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، حمل فينغر اللاعب على كتفه وطالبه بأن يقول كلمة بتلك المناسبة، لكن اللاعب الإنجليزي أصابه الذعر ولم يتفوه بكلمة واحدة. وهنأ فينغر لاعبه على الأداء القوي الذي قدمه وبدا سعيداً، وهو يقول له السبب الذي جعل الأمور تسير على ما يرام، وقال وهو مبتسم: «لقد منعتك من شرب الجعة على متن الطائرة». لكن الأمور اختلفت بعد ذلك تماماً.
وعندما تنتهي المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي مساء اليوم ويحتفل نادٍ بالفوز ويندب النادي الآخر حظه بعد الخسارة، يكون الفريقان معاً قد حصلا على أكثر من نصف عدد بطولات كأس الاتحاد الإنجليزي التي أقيمت خلال الـ25 عاماً الماضية، حيث ستكون هذه البطولة هي رقم 14 للناديين معاً، فقد فاز آرسنال بسبعة ألقاب مقابل ستة لتشيلسي. (وإذا أضفنا الألقاب الخمسة التي حصل عليها مانشستر يونايتد خلال الفترة ذاتها، فيعني ذلك أن الأندية الثلاثة قد حصلت على 19 لقباً من آخر 25 بطولة).
ويرغب كل نادٍ في إضافة لقب جديد إلى بطولاته، وإن كان آرسنال في حاجة أكبر للفوز بذلك اللقب كمحاولة أخيرة لإسعاد الجمهور بعد موسم مخيب للآمال، في حين يسعى لاعبو تشيلسي بقيادة مديرهم الفني الإيطالي أنطونيو كونتي للحصول على الثنائية بعد فوزهم بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وبعدما واسى آدامز لاعب تشيلسي جون تيري قبل سنوات طويلة، فربما نرى مدافع تشيلسي المخضرم بعد نهاية المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي وهو يبحث عن لاعب شاب من آرسنال لكي يواسيه، وليكن مثلاً المدافع روب هولدينغ. ومن يعرف، فربما تكون المواساة في الجانب الآخر، فدائماً ما تكون مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي خارج التوقعات تماماً!
انطلاقة تشيلسي بدأت بعد الهزيمة أمام آرسنال قبل 15 عاماً
الفريقان يلتقيان مرة أخرى في نهائي كأس الاتحاد اليوم بعد أن تغير حال الكرة الإنجليزية
انطلاقة تشيلسي بدأت بعد الهزيمة أمام آرسنال قبل 15 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة