جلسة مثيرة للبرلمان التونسي تستجوب وزيرين حول «التطبيع»

وزير الأمن أكد أن تونس تسمح للإسرائيليين بدخول أراضيها

رضا صفر الوزير المكلف بالأمن وآمال كربول وزيرة السياحة
رضا صفر الوزير المكلف بالأمن وآمال كربول وزيرة السياحة
TT

جلسة مثيرة للبرلمان التونسي تستجوب وزيرين حول «التطبيع»

رضا صفر الوزير المكلف بالأمن وآمال كربول وزيرة السياحة
رضا صفر الوزير المكلف بالأمن وآمال كربول وزيرة السياحة

بدأ المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان المؤقت) جلسة مثيرة للجدل، اليوم (الجمعة)، لاستجواب وزيرين في الحكومة الانتقالية حول «التطبيع مع إسرائيل»، بسبب السماح بدخول أكثر من 61 سائحا إسرائيليا إلى البلاد أبريل (نيسان) الماضي.
ويتعين الحصول على 131 صوتا من مجموع 217 نائبا في البرلمان لعزل أي من آمال كربول وزيرة السياحة، ورضا صفر الوزير المكلف بالأمن، اللذين يخضعان للاستجواب.
وصوت 81 نائبا مع عقد الجلسة علنا بينما صوت 63 ضد عقدها، وامتنع خمسة نواب، عن التصويت.
وفجر سماح السلطات التونسية لسياح إسرائيليين بدخول تونس لساعات، انتقادات واسعة، ودفع أكثر من 80 نائبا للتوقيع على «لائحة» لسحب الثقة من وزيرة السياحة والوزير المكلف بالأمن، في خطوة غير مسبوقة منذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق قبل ثلاث سنوات.
وقال النائب البرلماني فيصل الجدلاوي في الجلسة العامة «حتى تكون الأمور واضحة ليس صراعا بين أديان. اليهود مرحب بهم في تونس، ولكن لائحة اللوم هي ضد السماح بدخول سياح إسرائيليين». وأضاف: «لم ننجز ثورة للتطبيع مع الكيان الصهيوني».
من جهته قال الوزير المكلف بالأمن أمام البرلمان مدافعا عن قرار السماح بدخول سياح إسرائيليين «كيف لنا بعد الثورة أن نفرق بين الديانات.. الناس في الخارج يقولون لنا أنتم أنجزتم دستورا مميزا، فيتعين عدم ممارسة التمييز ضد أحد بسبب دينه».
وأضاف: «من الخطير القول إن الأمر يتعلق بالتطبيع.. القضية إدارية وإجرائية فقط».
ونفى الوزير اتهامات بعض النواب له بـ«التطبيع» مع إسرائيل، موضحا أن السلطات تكتفي بمنح السياح الإسرائيليين الذين يزورون تونس «رخص مرور دخولا وخروجا»، في إجراء معمول به منذ سنوات.
وردّ الوزير المكلف بالأمن قائلا: «نحن لا نتعامل مع وثائق إسرائيلية، ولم نتعامل مع جواز إسرائيلي، بل تعاملنا مع أشخاص تمّ تمكينهم من رخصة مرور دخولا وخروجا».
وأشار إلى أن تونس تمنح منذ سنوات «رخص المرور» للإسرائيليين الذين يحجون سنويا إلى كنيس الغريبة اليهودي في جزيرة جربة (جنوب) وعرب 48 الذين يشاركون في المؤتمرات الدولية بتونس، أو للسياح الإسرائيليين الذين يزورون البلاد ضمن رحلات سفن سياحية عالمية، ترسو بضع ساعات بموانئ سياحية تونسية.
وذكر بأن مسؤولا في ميناء حلق الوادي (شمال العاصمة) منع في مارس (آذار) الماضي 14 إسرائيليا من النزول من سفينة سياحية رست بالميناء، ما أدى إلى استهداف تونس بـ«حملة إعلامية» تتهم البلاد بـ«التمييز إزاء الدين اليهودي».
وأضاف أنه أصدر إثر هذه «الحادثة» مذكرة مكتوبة بتاريخ 11 أبريل الماضي، طلب فيها من مصالح الحدود التونسية منح «رخص مرور» للإسرائيليين في الحالات المعمول بها.
وتابع: «لا يمكن الطعن في أشخاصنا بالتطبيع، والتجني بهذه الطريقة خطير جدا».
وحث رئيس الوزراء المهدي جمعة المجلس التأسيسي على عقد جلسة مغلقة مع الوزيرين «لدواع أمنية».
ويخول الفصل 78 من النظام الداخلي للمجلس التأسيسي عقد جلسات مغلقة لكن أغلب نواب الأحزاب عارضوا هذا الخيار في جلسة اليوم.
وتأتي المساعي لعزل الوزيرين في وقت حساس، حيث تستعد تونس الأسبوع المقبل لاستقبال آلاف اليهود ضمن احتفال ديني في كنيس «الغريبة» بجزيرة جربة.
وكان رئيس الوزراء التونسي، قد حذر في وقت سابق، من «التشويش» على احتفالات «الغريبة»، قائلا إنه سيؤثر على نجاح باقي الموسم السياحي.
من جهته أفاد بيريز الطرابلسي، رئيس الطائفة اليهودية بتونس أمس (الخميس) أن نحو ألفي زائر من اليهود سيفدون على احتفالات «الغريبة» هذا العام.
وصرح الطرابلسي إنه من المتوقع أن يزور المعبد هذا العام ما بين 1500 و2000 زائر.
ويعد الرقم أقل من التوقعات التي رسمتها وزيرة السياحة آمال كربول في وقت سابق، كما لا يزال بعيدا عن عدد الوافدين على المعبد قبل الثورة، حيث يقدر في المتوسط بخمسة آلاف زائر.
وقال بيريز لوكالة الأنباء التونسية (وات) إنه كان يتوقع عددا أكبر من الزوار يتراوح بين 4000 أو 4500 زائر.
وتبادلت تونس فتح مكاتب اتصال مع إسرائيل 1996 قبل أن تقرر السلطات التونسية إغلاقه، احتجاجا على سياسة إسرائيل القمعية ضد الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وضغطت منظمات ذات توجه قومي عربي من أجل إضافة بند لتجريم التطبيع في الدستور التونسي الجديد لكن غالبية الأحزاب بالمجلس التأسيسي رفضت المقترح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.