مرشحا الرئاسة المصرية يركزان على التكامل الإقليمي والحلول الاقتصادية العاجلة

السيسي يعد الأمن القومي العربي وحدة واحدة.. وصباحي ينشد الشراكة

مصري يشاهد حوارا تلفزيونيا للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في أحد مقاهي وسط القاهرة ليلة أول من أمس (أ.ب)
مصري يشاهد حوارا تلفزيونيا للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في أحد مقاهي وسط القاهرة ليلة أول من أمس (أ.ب)
TT

مرشحا الرئاسة المصرية يركزان على التكامل الإقليمي والحلول الاقتصادية العاجلة

مصري يشاهد حوارا تلفزيونيا للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في أحد مقاهي وسط القاهرة ليلة أول من أمس (أ.ب)
مصري يشاهد حوارا تلفزيونيا للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في أحد مقاهي وسط القاهرة ليلة أول من أمس (أ.ب)

استعرض مرشحا الرئاسة المصرية؛ قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي، على مدار الأيام القليلة الماضية أبرز ملامح برنامجيهما للرئاسة، وأظهرت مقارنة بين البرنامجين توافقا حول مسألتين أساسيتين، ارتكزتا حول أهمية دور الأمن القومي الإقليمي، والبحث عن حلول عاجلة لمعالجة المشكلات الاقتصادية الداخلية.
وأشار مراقبون إلى أن رؤية المرشحين، في إعلاء شأن هذين الملفين، تتوافق إلى حد كبير مع أولويات مصر خلال الفترة المقبلة، وخاصة عقب فترة من الاضطراب شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 نتيجة خلافات حادة بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية حول التوجهات الأساسية الواجب اتباعها للنهوض بالدولة.
والتقى المشير السيسي رؤساء تحرير الصحف المصرية أمس، ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» عنه قوله إن «الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وإن الجيش المصري على أهبة الاستعداد للتدخل لصالح الأمن القومي في الخليج العربي وفي جميع أنحاء الوطن العربي لو تعرض الأمن القومي للخطر، لكن بعد الحصول على موافقة الشعب المصري». كما أكد أنه يعتزم زيارة السعودية في أولى محطاته الخارجية حال فوزه في الانتخابات، التي تقام يومي 26 و27 من الشهر الحالي.
فيما واصل صباحي جولاته الميدانية أمس بعقد مؤتمر جماهيري في محافظة القليوبية، أكد فيه أن المنافسة (مع السيسي) لن تكون مستحيلة، كما يدعي البعض بأن النتيجة محسومة لصالح وزير الدفاع السابق، مشيرا إلى أنه سيعمل على حماية الفقراء وأنه سيستغني عن المعونة الأميركية الاقتصادية التي تقدم لمصر. كما أكد أن «ﻣﺼر هي قلب الأمة العربية وإﺧوﺍﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺩﻋﻤوﻧﺎ.. ﻭعلاقاتنا يجب ﺃﻥ ﺗﻘوﻡ على ﺷراكة ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ في الأمن ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ».
وقال الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المشير يدرك أهمية التعاون العربي في المرحة الراهنة ويضعه على أولوية برنامجه الانتخابي»، مشيرا إلى أن «تعاون الدول العربية الشقيقة مع مصر مقصود به في الأساس القضاء على الإرهاب وأفكاره التي باتت منتشرة في المنطقة؛ وليس فقط الدعم المالي، وهو ما تدركه أيضا الدول الخليجية».
وأشاد السيسي بدول الخليج والدعم الذي قدمته لمصر، مؤكدا أن الأمن القومي المصري دائما ما كان مرتبطا بأمن الخليج والأمن القومي العربي والعكس بالعكس. ولفت وزير الدفاع السابق إلى أن «الجيش المصري يمتلك الآن قوة تدخل سريع على درجة عالية من الكفاءة تجعله قادرا على التدخل عند تعرض البلاد للخطر داخل حدود الوطن وخارجه». وأضاف أن «هذه القوة قادرة على التحرك على الفور وبكفاءة عالية عندما يتعرض الأمن القومي المصري لخطر، لكن هذه القوة ليست بديلا عن الشرطة، لأن عمل الشرطة داخل أراضي الوطن، لكننا أنشأنا هذه القوة في ضوء ما حدث من تهديد للأمن القومي المصري بعد 25 يناير، لا سيما في مواجهة الإرهاب بسيناء».
وأضاف المرشح الرئاسي أن «هذه القوة تستطيع التدخل في الشرق والغرب والشمال والجنوب ثم خارج حدود الوطن»، مشيرا إلى أن هذه القوة شبيهة بقوة التدخل السريع التي تمتلكها الدولتان العظميان الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، ولكن بقوة أقل في الكفاءة. وأوضح السيسي أن قوة التدخل السريع المصرية لديها معايير للتدخل تقوم على أن يكون هناك حدود لاستخدام القوة، فهي لا تستخدم دبابة على سبيل المثال في مواجهة فرد، مؤكدا أن الجيش المصري هو جيش لحماية الأمن القومي المصري والعربي.
وكان السيسي قد ذكر في حوار تلفزيوني أجراه مساء أول من أمس أن مساعدات الدول الخليجية لبلاده التي تعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية بلغت أكثر من 20 مليار دولار خلال الفترة ما بعد 30 يونيو الماضي. وأضاف: «ما قدم لمصر كثير، وما سيقدم لمصر مهم وقد يكون كثيرا.. أنا واثق».
وتقدم السيسي بالشكر للعاهل السعودي والأشقاء السعوديين، مضيفا: «حفظ الله بلادكم»، وكشف عن أن «أولى زياراته الخارجية ستكون للمملكة العربية السعودية». كما وجه التحية والتقدير «لأشقائنا بالإمارات على دعمهم ومساندتهم»، وقال لهم إن «الشيخ زايد لم يمت»، وأكد السيسي أن «المصريين لن ينسوا من وقف إلى جانبهم ومن وقف ضدهم»، موجها حديثه لقطر، حيث قال: «لا تخسروا الشعب المصري أكثر من ذلك».
وأضاف قائد الجيش السابق: «أحترم وأقدر كل المواثيق والمعاهدات الدولية بما فيهم معاهدة السلام»، وعن تركيا قال: «تركيا هي من تغلق الباب لسلوكها تجاه مصر، وأحمل للشعب الجزائري كل احترام وتقدير». وقال السيسي: «إننا تواجهنا تحديات في كل قطاعات الدولة المصرية»، مشيرا إلى أن حجم الديون يصل إلى 1.7 تريليون جنيه ولا ينبغي أن يورث للأجيال المقبلة. وأضاف خلال حواره التلفزيوني أن «لدينا الإصرار والعزيمة لمواجهة التحديات، ولا بد من العمل حتى يعيش الجميع في وضع أفضل»، مشيرا إلى ميزانية البلاد، وأنه يجري سداد 200 مليار جنيه لخدمة الدين، و200 مليار جنيه للدعم، و208 مليارات جنيه للأجور؛ وفقا للموازنة.
وبالنسبة لبرنامجه الانتخابي، قال السيسي «برنامجي قائم على استراتيجية تتكون من عدة محاور متوازية»، موضحا أنه يمكن زيادة الظهير الصحراوي لكل محافظة مما يوفر ما بين 50 إلى 100 ألف فدان في كل محافظة؛ وتابع: «أستهدف استصلاح أربعة ملايين فدان، ونمتلك التربة الصالحة والمياه اللازمة للاستصلاح»، لافتا إلى أن برنامجه الانتخابي يتضمن 22 مدينة صناعية و26 مدينة ومركزا سياحيا وثمانية مطارات.
وأكد السيسي أن هناك برنامجا حقيقيا لتوفير الطاقة وسيجري تطبيقه بالقانون، مشيرا إلى أنه يحتاج دعم المصريين للآليات التي سوف يعمل عليها لحل مشكلة الطاقة، ولفت المشير إلى أن المؤسسة العسكرية استطاعت أن تحافظ على قيمها الأدبية والمعنوية في ظل انهيار الوضع الراهن بالبلاد على مدار سنوات طويلة، مؤكدا أنه لا عودة إلى ما قبل 25 يناير وما قبل 30 يونيو. وعن وجود تنظيم الإخوان في مصر، قال السيسي: «لن أسمح بوجود مكتب الإرشاد في ولايتي»، وأكد أن المجتمع الدولي متضامن مع الموقف المصري في مواجهة الإرهاب، وعلى الغرب أن ينتبه.
وعن رؤية الإدارة الأميركية للوضع في مصر، قال إن «الإدارة الأميركية كانت لديها رؤية للمشهد المصري.. والقانون الأميركي يلزمها بالتعامل مع الواقع»، وتابع: «سنتعامل مع الجميع من أجل مصلحة مصر، وأتصور أن الجميع يعلم مدى وطنيتي».
من جانبه، قال الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المشير يدرك أهمية التعاون العربي في المرحة الراهنة ويضعه على أولوية برنامجه الانتخابي»، مشيرا إلى أن «تعاون الدول العربية الشقيقة مع مصر مقصود به في الأساس القضاء على الإرهاب وأفكاره التي باتت منتشرة في المنطقة وليس فقط الدعم المالي، وهو ما تدركه أيضا الدول الخليجية». وأضاف السلمي أنه «تبين للجميع أن السيسي يتكلم عبر دراسة ورؤية واضحة لمشاكل مصر والمنطقة، كما أننا أمام شخص يتمتع بقدرة على حسم الأمور والتميز بين المهم والأهم، ويطرح حلولا واضحة ومدروسة نابعة من خبراء ومختصين». وعن دور الجيش في حال فوز السيسي بالمنصب، قال السلمي إن «السيسي ينظر إلى الجيش باعتباره مؤسسة وطنية، في إطار دولة مؤسسات نظامية، يشارك مثل غيره في تحمل المسؤولية للبحث عن حلول عملية قابلة للتنفيذ في كل المجالات».
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الاشتراكي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «برنامج السيسي يعاني غياب وجود خطة بإجراءات عاجلة على المدى المباشر والقصير للتخفيف من المشكلات الحادة؛ كالفقر أو البطالة. فهناك أماني كثيرة جدا، لكنها مؤجلة التحقق»، مضيفا أن «كل الأماني تتعلق بالأساس، ليس بإصلاح الخلل الداخلي، بل بتدفقات خارجية من مصدرين أساسيين، هما المصريون في الخارج ودول الخليج».
ورحبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بمواقف السيسي بخصوص الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة والقضايا العربية، خصوصا عندما ربط بين السلام الحقيقي والشامل في المنطقة وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وقال المتحدث باسم حركة فتح، أحمد عساف، في بيان صدر أمس، إن «هذه المواقف تعبير عن عمق الانتماء القومي للمشير السيسي، الذي وصفه الرئيس محمود عباس بأنه قائد وطني وقومي».
ومن جهتها، أعلنت «حركة شباب 6 أبريل» - الجبهة الديمقراطية، أنها ضد ترشح السيسي، ودعت أعضاءها للاختيار بين دعم صباحي أو المقاطعة. وقالت إنه بعد استطلاع آراء الحركة بشأن الانتخابات «ظهر جليا أنهم ضد السيسي، فمنهم من أيد صباحي ومنهم من يرى مقاطعة الانتخابات، ولذا تعلن أن الحرية لأعضائها في اختيار موقفهم من انتخابات الرئاسة».
من جهة أخرى، ﻗﺎﻝ المرشح المنافس ﺻﺒﺎﺣﻲ، ﺇﻧﻪ ﺗرﺷﺢ ﻣﻦ أجل الفقراء وأنه لولا ﺗﻔﺸﻲ ﺍﻟﻔﻘر ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻟﺤﻤل هذه المسؤولية التي وصفها بالكبيرة، مؤكدا أنه يجد ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻘدرة على الحكم. وعلى خطى السيسي، قال صباحي: «ﺇﻧﻪ ﻻ ﻭجوﺩ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺧوان ﺃﻭ ﺍلأحزاب الدينية ﺣﺎﻝ فوزه بالرئاسة»، مشيرا إلى أن «الدستور ﻳﻤﻨﻊ الأحزاب الدينية».
ﻭجدد ﺻﺒﺎﺣﻲ في تصريحاته أمس ﺘﺄﻛﻴده ﺃﻧﻪ ﻭﺣﻤﻠﺘﻪ ﺍﻻنتخابية يؤمنون بأن 25 يناير ثورة، ﻭ30 يونيو موجة لاستكمالها، مشيرا إلى أنه مع أهداف الثورة، موضحا أن المصريين اكتشفوا بعد تضحيات الشهداء ﺃﻥ النظام القديم ﻻ يزال يحكم، ﻭﻗﺎﻝ: «من حق المصريين بعد ثورتين أن تتحقق مطالبهم، ﻭﻧﺤﺘﺎﺝ لدولة ناجحة مكان الدولة الفاشلة». وأكد ﺻﺒﺎﺣﻲ ﺃﻥ الشعب هو الضامن لتنفيذ وعوده، لأنه لن يقبل برئيس يعيد سياسات الفساد والاستبداد.
وبشأن السياسات الخارجية، ﻗﺎﻝ ﺻﺒﺎﺣﻲ: «مصر هي قلب الأمة العربية وإخواننا في الخليج دعمونا، لكنهم كانوا يدافعون عن أمنهم أيضا، وعلاقاتنا يجب أن تقوم على شراكة مع دول الخليج في الأمن ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، مما يجعل هناك تكافؤا ﻣﻊ هذه الدول، ﻭﻧﺤﺘﺎﺝ لنموذج قريب ﻟﻤﺎ قدمته ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻣﻦ وحدة ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ لكل دولة، ﻭسنحافظ على العلاقات ﻣﻊ أميركا؛ لكننا لسنا متزوجين بأحد ﻭﻋﺼﻤﺘﻨﺎ ﻓﻲ أيدينا ولن نكون تابعين ﻭلن نقبل المعونة الأميركية الاقتصادية، ﻓﻠﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻬﺎ».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.