تسعى إيران وراء تحقيق أغراضها السياسية، وتعمل على استغلال حاجة مقاتلي تنظيم القاعدة في أفغانستان، وتدرك ماذا تفعل وفق عقل استراتيجي ورؤية كلية، خصوصا علاقتها مع القياديين في التنظيم الأم منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، واحتضانها لعدد منهم، أو السماح لهم بالمرور عبر أراضيها، وأخيرا دفع مقاتلين إلى ساحة القتال في سوريا على الرغم من الخلاف الحاصل بين تنظيم دولة العراق والشام (داعش) و«جبهة النصرة» اللذين يزعمان أنهما يحاربان نظام بشار الأسد.
ساعدت إيران على تسهيل عبور مقاتلين إلى مناطق الصراع في أفغانستان وباكستان، واحتوت عددا منهم خلال الهجمات الذي شنها الجيش الأميركي على أفغانستان بعد أحداث سبتمبر، خصوصا أن وجود «القاعدة» قد يلائم الإيرانيين لأنه يسمح لهم بأن يكون لهم عين عليها.
تمركز عدد من السعوديين الذي التحقوا بتنظيم القاعدة بعد التغرير بهم في المثلث الإيراني الباكستاني الأفغاني، حيث كانوا يتنقلون في القرى الحدودية التي تفصل شرق إيران مع باكستان وأفغانستان، من دون أن يتسببوا في أعمال إرهابية داخل الدولة الإقليمية.
ووفق معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن السعودي صالح القرعاوي كان موجودا في إيران منذ اندلاع العمليات القتالية بين قوات من حزب الله اللبناني وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي التي بدأت في 12 يوليو (تموز) 2006 في لبنان، إذ كشف عائدون من مناطق القتال عن لقاءات كانت يجريها القرعاوي مع إيرانيين داخل طهران، وعرض خرائط لمواقع نفطية في شرق السعودية، بغية التخطيط لاستهدافها في محاولة للزج بالسعوديين حتى يصبحوا أدوات تنفيذ لأعمال تخريبية تضر مصالح السعودية.
وكان محمد العوفي، وهو أحد التائبين الذين عادوا من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كشف في لقاء تلفزيوني سابق عن علاقة الاستخبارات الإيرانية بالمتمردين الحوثيين في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، واستعدادهم لمدِّهم بالمال والأسلحة اللازمة لتنفيذ العمليات الإرهابية.
واعترف أحد السعوديين خلال مثوّله أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض بسفره إلى إيران وتواصله عبر الإنترنت مع المسؤول الإعلامي لـ«القاعدة» في السعودية، والعمل على متابعة إصدارات مجلات التنظيم التي تنشر على الشبكة الإلكترونية، ثم انتقل إلى لبنان وانضم إلى حركة فتح الإسلام، وبعدها دخل إلى سوريا بجواز سفر مزور، وعمل على الإشراف في مكتب تنسيق دخول المقاتلين إلى العراق، وتسليم وتسلم مبالغ مالية 995 ألف يورو، و152 ألف دولار، لا سيما أنه سعى لربط حركة فتح الإسلام في لبنان مع تنظيم القاعدة في الشام والعراق.
وأوضح حسن أبو هنية، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن إيران تدرك ماذا تفعل، وبالتالي هناك عقل استراتيجي وفق رؤية كلية «والجميع يعرف أن إيران تعاونت مع أميركا على إسقاط طالبان ونظام صدام الحسين وكانت من أكبر المستفيدين من ذلك». وقال أبو هنية «عقدت إيران نوعا من التحالفات على الرغم من الآيديولوجية الفكرية مع تنظيم القاعدة الأم في أفغانستان، وكانت هناك علاقات بين (القاعدة) ومجموعة من القيادات في إيران، وكان تستر طهران على تلك الجماعات لخلق أسباب وشروط سياسية». وأضاف «إيران لها خبرة طويلة وكبيرة في إدارة ملف (القاعدة)، وتستطيع أحيانا أن توجه أو تتلاعب في هذا الأمر».
قيادات «التنظيم» تقر بمساعدة إيران ودعمها اللوجيستي
قيادات «التنظيم» تقر بمساعدة إيران ودعمها اللوجيستي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة