الخرطوم: نجاح الحوار الوطني يمهد للاستثمارات

اتجاه لصياغة تشريعات وقوانين جديدة لتسهيل تدفق رؤوس الأموال

رئيس الوزراء بكري حسن صالح
رئيس الوزراء بكري حسن صالح
TT

الخرطوم: نجاح الحوار الوطني يمهد للاستثمارات

رئيس الوزراء بكري حسن صالح
رئيس الوزراء بكري حسن صالح

أعلنت الرئاسة السودانية أن أجواء البلاد أصبحت جاذبة للاستثمارات الأجنبية، نتيجة الاستقرار الذي تحقق بسبب الحوار الوطني، وعزمها سن تشريعات وقوانين جديدة وتعديل القوانين القائمة، بهدف تسهيل وتبسيط إجراءات الاستثمار وإزالة معوقاته.
وقال رئيس الوزراء بكري حسن صالح في كلمته للجلسة الافتتاحية لندوة محكمة الاستثمار العربية التي عقدت بالخرطوم أمس، إن الحوار الوطني الذي يشهده السودان أتاح مناخاً سياسياً ملائماً لجذب استثمارات الدول الشقيقة والصديقة للبلاد، مما يستدعي تشريع قوانين ملائمة لحاجة الاستثمار في البلاد.
واستضافت العاصمة السودانية ندوة تعريفية لمحكمة الاستثمار العربية ودورها في تنمية وتشجيع وحماية الاستثمارات العربية، تناولت عدة أوراق؛ من بينها «ورقة اتفاقية استثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية»، و«ورقة محكمة الاستثمار العربية نشأتها ونظامها ولائحتها، وتقييم تجربة المحكمة، وإجراءات التقاضي وإشكالات التنفيذ»، وورقة قدمتها وزارة الاستثمار السودانية لجذب وحماية الاستثمارات، ومعيقات الاستثمار ومعالجتها.
وأوضح صالح، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب النائب الأول للرئيس، أن بلاده تذخر بموارد ضخمة، مبرزاً أن الجهود السابقة التي بذلتها حكومته للاستفادة من الاستثمارات لم تؤدِ الغرض بالطريقة المثلى، إلى أن شهدت البلاد تدفقات استثمارية كبيرة في الآونة الأخيرة. واعتبر التحولات والتطورات التي قال إن البلاد تشهدها محفزاً للإعداد لإنشاء «محكمة عربية للاستثمار»، تراعي إزالة مخاوف المستثمرين. وأعلن أن حكومته ستكون من بين طليعة الدول التي ستعمل على تطبيق وتنفيذ متطلبات المحكمة في الجانب الاستثماري، ولتحقيق تطلعات المستثمرين.
وأشار صالح إلى ما سماه «الجهود» التي ظلت تبذلها حكومته الفترات الماضية، التي أدت إلى تحقيق «الاندماج بين الدول العربية»، باعتبار الاستثمارات العربية، قاعدة وركناً مهماً لتوفير المناخ والبيئة الملائمة والجاذبة للاستثمار، وضرورة لرفاهية شعوب المنطقة، وتستدعي صياغة قوانين وتشريعات تتوافق مع الاتفاقيات الدولية.
من جهته، قال وزير العدل عوض الحسن النور، إن السودان شهد أخيراً إقبالاً متزايداً من المستثمرين، مما يستدعي سن تشريعات جديدة وتعديل تشريعات أخرى مرتبطة بالاستثمار، والعمل على تسهيل وتبسيط الإجراءات وإزالة المعوقات، لإيجاد بيئة توفر المقومات المطلوبة لتدفق رؤوس الأموال وترقية وتشجيع الاستثمار. وأوضح الوزير في كلمته للجلسة الافتتاحية للندوة، التي نظمتها وزارته، أن السودان شهد في الفترة الأخيرة إقبالاً متزايداً من المستثمرين، بسبب توفر الأمن ووفرة الموارد وثروات بظاهر الأرض وباطنها، مما يقتضي سن تشريعات جديدة وتعديل تشريعات قائمة. وقال النور إن السودان بذل جهوداً على مدى سنوات لتحقيق الاندماج الإقليمي لاقتصادات الدول العربية، لإيمانه الراسخ بأن الاستثمارات العربية تمثل قاعدة مهمة وركناً للعمل الاقتصادي العربي المشترك، لتحقيق تبادل المنافع والمصالح بين الأقطار.
واعتبر النور توفر المناخ والبيئة الملائمة والجاذبة للاستثمار، ضرورة لتحقيق الرخاء والازدهار الاقتصادي، وتستدعي إيجاد قوانين وتشريعات متوافقة مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة، وآليات قضائية تقوم عليها كفاءات ذات تأهيل قانوني عالٍ وخبرة متواترة، للنظر في النزاعات التي تنشأ في الاستثمارات.
وأشار النور إلى أن اختيار قضاة المحكمة الخمسة من عدة دول عربية، باعتباره ضمانة لاستقلالها وحيدتها، ويعزز مساهمتها في إرساء العدل واستنباط المبادئ التي ترسخ للتطبيق القانوني السليم، يجعلها تحظى بمزيد من الثقة من قبل المستثمرين العرب والأجانب على قدم المساواة.
وأكد الوزير أن الورشة ستبحث أوراقاً من شأنها لفت الأنظار وفتح الآفاق للخروج بتوصيات، تتحول لخطط عمل لتحقيق ما سماه «غايات وأحلام الشعوب العربية في التكافل والوحدة والرخاء والازدهار».
وأنشأت محكمة الاستثمار العربية، إنفاذاً لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة العربية 2015، كآلية قضائية عربية لفض المنازعات الاستثمارية، وتضم 12 قاضياً أصلياً، من مختلف الدول العربية. وتعمل باعتبارها هيئة قضائية لفض المنازعات بين المستثمرين في الدول الأعضاء في الاتفاقية العربية لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.