مادورو يطمح لتشكيل دستور جديد... والمعارضة الفنزويلية لن تطيع «هذا الجنون»

معارض للرئيس الفنزويلي يحمل شعار: «لا للدكتاتورية والاستبداد» (رويترز)
معارض للرئيس الفنزويلي يحمل شعار: «لا للدكتاتورية والاستبداد» (رويترز)
TT

مادورو يطمح لتشكيل دستور جديد... والمعارضة الفنزويلية لن تطيع «هذا الجنون»

معارض للرئيس الفنزويلي يحمل شعار: «لا للدكتاتورية والاستبداد» (رويترز)
معارض للرئيس الفنزويلي يحمل شعار: «لا للدكتاتورية والاستبداد» (رويترز)

رفضت الأغلبية المعارضة في البرلمان الفنزويلي أمس (الثلاثاء)، دعوة الرئيس نيكولاس مادورو إلى تشكيل جمعية دستورية كمخرج للأزمة التي تشهدها البلاد.
وصوت البرلمان ضد هذه الخطوة، مشيراً إلى أنه يتعين إجراء استفتاء قبل أي تجمع دستوري.
وصرح البرلماني خوان ماثيوس: «الفنزويليون لا يريدون دستوراً جديداً بل رئيساً جديداً». وأضاف: «من العبث أن يدعو مادورو إلى تشكيل جمعية دستورية في الوقت الذي يطالب الشعب في الشوارع بإقالته».
وأثارت حالة من الشد والجذب، مستمرة منذ أشهر بين الجمعية الوطنية (البرلمان) وإدارة مادورو، احتجاجات مناهضة للحكومة استنفدت قوى البلاد لقرابة شهر وأسفرت عن مقتل العشرات وإصابة واعتقال المئات.
وتواجه البلاد تضخماً هائلاً ونقصاً في الأغذية والأدوية.
ويريد مادورو من الجمعية الدستورية إعادة صياغة القوانين التي تحكم الهيكل السياسي للبلاد من أجل «إصلاح الدولة، وخصوصاً الجمعية الوطنية الفاسدة».
وتسيطر المعارضة على البرلمان الذي يضم مجلساً واحداً، ويتمثل هدفه المعلن في إقصاء مادورو عن السلطة.
ووصفت المعارضة الخطة بأنها الأحدث ضمن سلسلة من التحركات للتشبث غير القانوني بالسلطة من جانب الحكومة. وقتل ما لا يقل عن 30 شخصا وأصيب 500 آخرون وتم القبض على 1200 آخرين في الاحتجاجات شبه اليومية بأنحاء البلاد منذ 4 أبريل (نيسان).
*إدانات دولية
وشهدت فنزويلا الثلاثاء اشتباكات وإغلاقاً للطُرق احتجاجاً على مشروع الرئيس نيكولاس مادورو صياغة دستور جديد، مما فاقم الأزمة في هذا البلد، في حين تواصلت الإدانات الدولية.
فقد كررت واشنطن قلقها حيال الديمقراطية في فنزويلا بعد إعلان مادورو، وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية مايكل فيتزباتريك: «إننا نعتبره خطوة إلى الوراء».
وأضاف أن مشروع مادورو «بحسب المؤشرات الأولية لا يُشكّل جهداً حقيقياً نحو المصالحة الوطنية التي تحتاجها فنزويلا الآن».
واعتبر الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو، أنّ اقتراح مادورو صياغة دستور جديد «خاطئ» و«غير دستوري» وعملية «تزوير».
من جهته، اعتبر وزير خارجية البرازيل، ألويسيو نونيز، أنّ مبادرة مادورو «انقلاب»، قائلاً في رسالة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إنّ «الأمر يتعلّق بخرق جديد للنظام الديمقراطي بما يتعارض مع دستور البلاد».
ويأتي إعلان الرئيس الفنزويلي الاشتراكي عن نيته الدعوة إلى صوغ دستور جديد، بعد شهر تماماً على بدء موجة التظاهرات والعنف التي أدت إلى مقتل 28 شخصاً. ويُنظر إلى هذا الإعلان على أنه استفزاز من جانب التيار التشافي (نسبة إلى الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز).
* اشتباكات وقطع طرقات
فمنذ فجر الثلاثاء، أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية في كل أنحاء البلاد. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع في غرب العاصمة لإبعاد المعارضين.
وفي شرق كراكاس، تواجهت مجموعة من الرجال المجهولين الهوية كانوا ملثمين ومسلحين، مع الشرطة، وفقاً لشهود عيان وأشرطة فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وظُهراً، دعا زعماء المعارضة إلى فتح الطرق، لكنّ الكثير من الطرق كانت لا تزال مقطوعة في فترة ما بعد الظهر.
وفيما توعدت المعارضة بتنظيم تظاهرات احتجاج جديدة الأربعاء ضد مادورو، كان البرلمان وهو المؤسسة الوحيدة التي تشرف عليها المعارضة، يُناقش عواقب قرار مادورو مساء الثلاثاء.
وقال رئيس البرلمان خوليو بورغيس: «علينا أن نتحرك إلى الأمام، هذا الشعب لم يستسلم ولن يستسلم».
وكان الرئيس مادورو دعا الاثنين أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا في وسط كراكاس لمناسبة عيد العمال في الأول من مايو (أيار)، الدعوة إلى مجلس تأسيسي.

* الجمعية الدستورية المقترحة
بحسب مادورو، سيُكلّف المجلس التأسيسي صياغة دستور جديد ليحل محل دستور 1999. وهو مجلس يمثل أعضاؤه مختلف قطاعات المجتمع ولا ينتمون إلى أحزاب سياسية.
وأضاف الرئيس الاشتراكي أن قسماً من الأعضاء الـ500 للمجلس سيتم انتخابهم من قبل مختلف قطاعات المجتمع، وعلى سبيل المثال المتقاعدون والأقليات الجنسية وسيكون للمعوقين فيه ممثلوهم.
وتابع أن الأعضاء الآخرين «سينتخبون حسب نظام إقليمي مع طابع بلدي ومحلي».
وسيحل الدستور الجديد محل دستور 1999 الذي اعتمد بمبادرة من هوغو تشافيز الذي كان رئيسا من 1999 حتى وفاته في 2013.
وسارعت المعارضة إلى رفض مبادرة مادورو، معتبرة أنها استمرار «للانقلاب» الذي يقوم به الرئيس ضد البرلمان الذي تسيطر عليه.
وقال إنريكي كابريليس، أحد أبرز قادة المعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، على «تويتر» إنّ «مادورو يعزّز الانقلاب ويُعمّق الأزمة الخطيرة».
واعتبر كابريليس أنّ السلطة تسعى إلى «قتل الدستور» من خلال هذه المبادرة التي تُشكل «تزويراً»، داعياً مناصري المعارضة إلى «عدم إطاعة هذا الجنون».
وتتهم المعارضة التي تشكل الأكثرية في البرلمان منذ الانتخابات التشريعية في ديسمبر (كانون الأول) 2015، بالقيام بـ«انقلاب» منذ أن ألغت محكمة القضاء العليا (المحكمة العليا) سلطات البرلمان وحصانة النواب.
وأمام الانتقادات الدولية، اضطرت المحكمة إلى التراجع. لكن هذه المحاولة للقضاء على المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة، تسببت بموجة من الاحتجاجات أسفرت عن 28 قتيلاً منذ الأول من أبريل كما تقول النيابة.
تهدف السلسلة الحالية من احتجاجات المعارضة اليومية إلى الضغط على مادورو للتنحي. ويرغب المتظاهرون في إجراء انتخابات جديدة وإطلاق سراح السجناء السياسيين واحترام البرلمان وتوفير الغذاء والدواء بشكل أفضل للسكان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».