مساعٍ ألمانية لتسوية دبلوماسية في اليمن

ملفات المنطقة على طاولة محادثات محمد بن زايد وميركل

الشيخ محمد بن زايد والمستشارة ميركل خلال زيارتها أمس للعاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
الشيخ محمد بن زايد والمستشارة ميركل خلال زيارتها أمس للعاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
TT

مساعٍ ألمانية لتسوية دبلوماسية في اليمن

الشيخ محمد بن زايد والمستشارة ميركل خلال زيارتها أمس للعاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
الشيخ محمد بن زايد والمستشارة ميركل خلال زيارتها أمس للعاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)

بدأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس زيارة رسمية إلى العاصمة الإماراتية، حيث أجرت محادثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تطرقت إلى قضايا المنطقة خصوصاً ملفات اليمن وسوريا وليبيا، إضافة إلى جهود البلدين في محاربة التطرف والجماعات الإرهابية والتنسيق فيما بينهما في دعم أسس الاستقرار والأمن في المنطقة.
وعقب وصولها إلى أبوظبي قادمة من السعودية، كشفت ميركل أنها تعتزم العمل بوسائل دبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع الدائر في اليمن وأنها تحظى في ذلك بدعم من الرياض. وقالت ميركل، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية، إنه لا يمكن حل النزاع اليمني عسكريا، مضيفة أن ما يبعث على السرور هو «مراهنة السعودية أيضا على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة». وذكرت المستشارة الألمانية أنها تحدثت عن النزاع اليمني بصورة مكثفة (أول من أمس) الأحد في جدة مع وزيري الدفاع والداخلية السعوديين. وقالت إن «ألمانيا عرضت دعم عملية الأمم المتحدة بإمكانياتها الدبلوماسية الخاصة... وسنقوم الآن بالترتيبات اللازمة مع الأمين العام للأمم المتحدة». وأوضحت أنها أجرت قبل جولتها مشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول الوضع في اليمن.
بدوره، رحب الشيخ محمد بن زايد، في بداية اللقاء، بزيارة المستشارة الألمانية، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي في إطار علاقات الصداقة التي تربط بين البلدين. وجرى خلال اللقاء استعراض مجمل العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والشراكات القائمة بين البلدين، في الوقت الذي أحاط ولي عهد أبوظبي المستشارة الألمانية برؤية الإمارات تجاه منطقة آمنة ومستقرة ومزدهرة.
وتم تبادل الحديث حول التطورات في النظام الدولي وانعكاساته وضرورة التواصل والحوار بين اللاعبين الدوليين الأساسيين لإيجاد تفاهمات إيجابية تدعم السلم والاستقرار في العالم. وأكد الشيخ محمد بن زايد أن الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد رئيس الإمارات، تعطي العلاقة مع ألمانيا أهمية خاصة وتحرص على تطويرها وتعزيزها ودفعها إلى الأمام في المجالات كافة بما يصب في مصلحة البلدين والشعبين، ويدعم الجهود المشتركة لبناء موقف إماراتي - ألماني فاعل ومؤثر في التعامل مع مصادر عدم الاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.
ودعا الشيخ محمد بن زايد إلى مشاركة ألمانية أكبر في دعم الاستقرار والتنمية لما تحمله ألمانيا والمستشارة من ثقل دولي ورأي مؤثر واطلاع واسع على تطورات المنطقة والعالم. وأشار ولي عهد أبوظبي خلال اللقاء إلى أن العلاقات بين الإمارات وألمانيا عريقة وراسخة وتستند إلى شراكة وثيقة تعبر عن إيمان البلدين، بأهمية كل منهما للآخر وضرورة توفير الأطر المؤسسية، والتي يمكن من خلالها التشاور والحوار والتفاهم والعمل المشترك بشأن سبل وآليات تعظيم المصالح المشتركة واستثمار إمكانيات التعاون الكبيرة لمزيد من التقارب على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية وغيرها.
ويشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين والذي بلغ 16 مليار دولار تزايدا مستمرا، في ظل ما يتوافر للتعاون الاقتصادي والتجاري بينهما من إمكانيات ومحفزات كبيرة خصوصا في مجال التكنولوجيا والفضاء والطاقة المتجددة والسياحة وغيرها من المجالات.
وجاء في تقرير وكالة الأنباء الرسمية أن الإمارات تعد مركزا تجاريا وماليا مهما في المنطقة والعالم وتعمل على بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة ولديها بيئة مثالية لجذب الاستثمارات الخارجية في ظل ما تتميز به من انفتاح واستقرار ومنظومة تشريعات عصرية، إضافة إلى قيم التعايش والتسامح وقبول الآخر الراسخة فيها وهذا يشجع الاستثمارات الألمانية للعمل على الساحة الإماراتية، ويساعد على فتح أسواق منطقة الخليج العربي أمام المنتجات الألمانية، حيث تعد الإمارات بوابة تجارية واقتصادية أساسية لدخول أسواق المنطقة.
وبمناسبة الزيارة، عقد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي وكيل وزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة الألماني وماثياس ماشنيغ، اجتماعاً، حثا خلاله على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين والفرص المتاحة لدى الجانبين، واستكشاف مجالات أوسع للتعاون وتحديدا في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة والخدمات اللوجيستية والتجارية. وشهد اللقاء نقاشا مفتوحا بين ممثلي الجهات الحكومية والقطاع الخاص من الجانبين حول أبرز الفرص المطروحة للاستثمار في المرحلة المقبلة في مختلف المجالات وأبرزها الطاقة التقليدية والمتجددة والبنية التحتية والخدمات المصرفية والخدمات اللوجيستية إضافة إلى الفرص الاستثمارية المترتبة على استضافة دبي لمعرض «إكسبو 2020».
وأكد وزير الطاقة الإماراتي حرص بلاده على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع ألمانيا لما يمثله الجانبان من مراكز رئيسية في حركة التجارة والأعمال الدولية، فضلا عن وجود كثير من الجوانب والمقومات المشتركة بينهما والتي تشكل أساسا صلبا لعقد شراكات استثمارية واعدة في مختلف القطاعات والمجالات. وأشار المزروعي إلى أن المرحلة المقبلة تتوفر على مزيد من فرص النمو في العلاقات الثنائية الإماراتية - الألمانية، مشيرا إلى أن العدد الكبير والتنوع في قطاعات الشركات المشاركة في اجتماع أمس يعكس مدى اهتمام الجانبين بتنمية وتطوير العلاقات الثنائية وتنويعها بما يخدم الأهداف والمصالح الاستراتيجية للبلدين الصديقين.
ويبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وألمانيا نحو 8.9 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من عام 2016، حيث حلت ألمانيا في المركز الرابع بين الدول المصدرة إلى الإمارات.
من جهة أخرى، نقلت وكالة «رويترز»، عن المستشارة الألمانية قولها أمس إنها تأمل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الست في النهاية من إتمام اتفاق للتجارة الحرة وإنها ستناقش الموضوع مع ولي عهد أبوظبي. وقالت قبيل اجتماعها مع ولي عبد أبوظبي: «سأتحدث إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بشأن هذه المسألة، الموضوع المطروح الآن هو كيفية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين المنطقتين».
وأبلغت ميركل الصحافيين خلال جولة إلى السعودية وأبوظبي بأن العلاقات الاقتصادية بين المنطقتين بحاجة لتعزيزها، وقالت إنها ناقشت الموضوع أيضا خلال زيارتها للسعودية. وخلال زيارتها لمدينة جدة «أوضحت أن اتفاقا للتجارة الحرة مع دول الخليج ستكون فيه مصلحة كبيرة من وجهة النظر الأوروبية»، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم عرضا جديدا للاتفاق لكن دول مجلس التعاون الخليجي لم ترد بعد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.