احتفل نيوكاسل يونايتد بصعوده للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم وسط جماهيره بعد فوزه 4 - 1 على عشرة من لاعبي بريستون نورث ايند الاثنين الماضي ليعود إلى دوري الأضواء بعد غيابه موسما واحدا. وبعدما قضى 348 يوما في الدرجة الثانية قاوم نيوكاسل الضغوط ليضمن مكافأة تزيد على مائة مليون جنيه إسترليني (127.92 مليون دولار)، كما يتمسك ببصيص الأمل في انتزاع اللقب من برايتون آند هوف البيون. وبعد عودة المدرب رافييل بينيتيز ونيوكاسل يونايتد إلى الدوري الممتاز، تبقى ثمة تساؤلات قائمة، مثل: هل جاء أداء الفريق وإنجازاته هذا الموسم دون المستوى المطلوب، أم أنها فاقته؟ والأهم من ذلك، ماذا سيحدث الآن؟
* لماذا تأخر التأكد من الصعود؟
بالنظر إلى أن بينيتيز، استثمر 55 مليون جنيه إسترليني في 12 لاعباً الصيف الماضي (وإن كان قد حقق 30 مليون جنيه إسترليني في صورة أرباح انتقالات بعد أن حصل على 85 جنيه إسترليني من فريقه الذي هبط حديثاً)، توقع الكثير من المحايدين صعود نيوكاسل يونايتد إلى الدوري الممتاز بحلول مارس (آذار) على أقصى تقدير. في المقابل، يعتقد من يعرفون طبيعة الـ«تشامبيون شيب» (دوري الدرجة الثانية) حق المعرفة أن بينيتيز حقق معجزة أثبت من خلالها استحقاقه راتبه البالغ 5 ملايين جنيه إسترليني.
ويشير أفراد هذا الفريق إلى أنه على امتداد المواسم الخمسة الماضية، نجح فريق واحد فحسب، بيرنلي، في ضمان الصعود التلقائي في العام التالي لهبوطه من الدوري الممتاز. ويعتبر المدرب كريس هويتون، الذي نجح في قيادة برايتون نحو الصعود هذا الموسم، وكذلك الفوز بدوري الدرجة الثانية مع نيوكاسل يونايتد عام 2010، من بين أولئك الذين يعتقدون أن دوري الدرجة الثانية أصعب بالتأكيد عما كان عليه منذ سبع سنوات، مع ارتفاع مستوى اللياقة البدنية للاعبين، وكذلك مستوى استعدادات المدربين تكتيكياً بفضل تطور تقنيات تحليل المباريات.
وزاد تعقيد التحديات التي واجهها نيوكاسل يونايتد؛ نظراً لأن الخصوم كانوا ينظرون إلى المواجهات التي يخوضونها على أرض استاد سانت جيمس بارك، الذي يتسع لـ52.000 متفرج، وكأنها نهائي بطولة للكأس، وبالتالي عمدوا إلى تحسين مستوى أدائهم بما يليق بذلك. علاوة على ذلك، مالت الفرق الزائرة إلى تكديس لاعبيها في الدفاع؛ الأمر الذي لا يتوافق مع تفضيل نيوكاسل يونايتد ومدربه للعب على الهجمات المرتدة.
* هل سيباع النادي قريباً؟
من الممكن ألا يطرأ أدنى تغيير على وضع النادي الحالي، وأن يبقى نيوكاسل يونايتد ببساطة في ظل ملكية مايك آشلي. ومع ذلك، أقرت مصادر رفيعة المستوى من داخل النادي بأن ثمة أطرافا أبدت اهتمامها بشراء النادي في الشهور الأخيرة. وإذا ما أنجز بالفعل بيع النادي لطرف جديد، فمن المتوقع أن ذلك سيجري على نحو مباغت وغير متوقع، تماماً مثل انتقال مانشستر سيتي إلى سيطرة إماراتية.
أما المشترون المحتملون، فثمة أقاويل تشير إلى أن دولة قطر مهتمة بشراء أحد أندية الدوري الممتاز. كما تشير شائعات إلى استمرار اهتمام جهات صينية بشراء النادي. ومن المعتقد أن آشلي من جانبه سيطلب مبلغا ضخماً، بينما يجد المشترون المحتملون نقاط جذب في النادي، على رأسها الاستاد الذي يسع 52.000 مشجع، وشعبية نيوكاسل يونايتد على الصعيد الدولي، والموقع المتميز للنادي بقلب المدينة داخل عاصمة إقليمية، بجانب - بالتأكيد - التحول الهائل الذي أحدثه بينيتيز داخل الفريق. جدير بالذكر، أنه رغم أن فريدي شيبرد، الرئيس السابق للنادي، ربما بالغ قليلاً عندما صرح بأن نيوكاسل يونايتد يعد ثامن أكبر ناد على مستوى العالم من حيث الشعبية، فإن الحقيقة تبقى أنه يحظى بشعبية واسعة لا يمكن إنكارها.
* هل سيستمر بينيتيز؟
يظل هذا علامة الاستفهام الكبرى. يذكر أنه في يناير (كانون الثاني) عندما رفض آشلي السماح لمدربه بشراء الجناح ولاعب خط الوسط اللذين كان يرغب بشدة في ضمهما إلى صفوف الفريق، لمح المدرب السابق لليفربول وريال مدريد أنه ربما يرحل عن النادي. المؤكد أن بينيتيز، الذي يحظى منذ أمد بعيد بإعجاب الكثير من الأندية، بينها وستهام يونايتد، لن يعاني نقصاً في العروض، لكن الواضح أن الأزمة التي اشتعلت بين الرجلين في يناير تلاشت منذ فترة بعيدة. وثمة أقاويل اليوم تشير إلى أن الرجلين استعادا التناغم في علاقتهما، مع عقدهما اجتماعي قمة منذ فترة قريبة لمناقشة صفقات الانتقالات، وسار الاجتماعان على نحو إيجابي. وعلى ما يبدو، استعاد المدرب سيطرته على صفقات شراء اللاعبين الجدد، مع تراجع نفوذ غراهام كار، كبير الكشافين لدى النادي الذي كان يتمتع في وقت مضى بنفوذ هائل ويحظى بثقة آشلي. ومع هذا، تبقى مخاوف متعلقة بحقيقة أن بينيتيز وآشلي نادراً ما يتحدثان على نحو مباشر.
من ناحية أخرى، من الواضح أن بينيتيز يحمل بداخله مشاعر عميقة حيال النادي والمدينة، وأن أكبر أمانيه الاستمرار مع نيوكاسل يونايتد والفوز ببطولة مع الفريق وإعادة النادي من جديد إلى بطولة دوري أبطال أوروبا ـ لكنه في الوقت ذاته ليس بشخص حالم، وسيختار بالتأكيد الرحيل إذا لم تسر الأمور على النحو الذي يرغب فيه. وتكمن المشكلة في ميل كل من آشلي والمدرب الإسباني نحو السيطرة. ورغم أن آشلي سبق أن أصدر توجيهات إلى مسؤولي النادي الصيف الماضي مفادها ضرورة تلبية كل ما يطلبه بينيتيز، فإن الوضع لم يعد بهذه الصورة الآن.
يمتلك بينيتيز مكانة أكبر من دوري الدرجة الثانية الإنجليزي لكرة القدم، لكن المدرب الإسباني ربما لم يسمع ضجيجا مشابها من قبل باستاد سانت جيمس بارك في ليلة الترقي بعد أن قاد نيوكاسل يونايتد للعودة للدوري الممتاز. والقليل من الملاعب الإنجليزية تشهد صخبا مثل ملعب نيوكاسل عندما تسير الأمور بشكل جيد، وكان هناك الكثير لدى المشجعين ليغنوا من أجله. وكانت سعادة بينيتيز واضحة؛ إذ سار بثقة حتى منتصف الملعب وحيّا الجماهير وضرب الهواء بقبضته بعد أن شاهد فريقه يسحق بريستون نورث إند 4 - 1. ولم تكن هتافات التشجيع موجودة طيلة الموسم في ظل تعثر نيوكاسل مع اقتراب الموسم من نهايته، لكن رغم هزيمتين وتعادل في المباريات الثلاث التي سبقت لقاء الاثنين، فإن الثقة لم تتبدد مطلقا عند المشجعين الذين يعرفون كيفية مساندة فريقهم. وفي ظل عثرات الأعوام القليلة الماضية عندما دخل مشجعو نيوكاسل كثيرا في خلافات مع مالك النادي والكثير من أسلاف بينيتيز فإن المدرب الإسباني البالغ عمره 57 عاما يستحق تقديرا رائعا لإبقائه على الجميع معا.
* ما مدى أهمية بقاء المدرب لمستقبل النادي؟
كثيراً ما يتردد القول بأنه ما من شخص يتعذر الاستغناء عنه، لكن جماهير نيوكاسل يونايتد ستخبرك بالتأكيد أنها تنظر إلى بينيتيز باعتباره الاستثناء لهذه القاعدة، ذلك أن مزيج الذكاء التكتيكي والبراعة في إدارة الأفراد والروح الدافئة الودودة الذي يتمتع به عاون في إعادة بناء الجسور التي كانت قد تهدمت سابقاً بين النادي وجماهيره والمدينة. وقد نجح بينيتيز في الاضطلاع بوظيفته على نحو ينم عن عزة نفس وسمو على نحو لم تعاينه جماهير النادي منذ أيام كريس هويتون في سانت جيمس بارك. وتشير سيرته الذاتية إلى أنه يملك القدرة على اجتذاب بعض أفضل العناصر على مستوى القارة الأوروبية إلى نيوكاسل يونايتد. ومع هذا، يظل السؤال: هل سيعمل آشلي من ناحيته على تيسير التحرك بهذا الاتجاه؟ من الواضح أن المدرب الإسباني نفسه غير واثق مما يخبئه له المستقبل، ذلك أنه قال مساء الاثنين في رده على سؤال حول ما إذا كان سيظل مدرباً للنادي بحلول أغسطس (آب): «لا أحد يدري. إنها كرة القدم. وأنا سعيد حقاً بوجودي هنا. وآمل أن نتمكن من إرساء دعائم شيء يضمن لنا المستقبل. وأنا على ثقة من أنه إذا اتخذنا الخطوات الصائبة، سنتمكن من إعداد كل العناصر كي تصبح قوة بما يكفي لخوض غمار الدوري الممتاز». وبالتأكيد، وصلت الرسالة الضمنية ما بين السطور إلى آشلي. وكان مدرب ليفربول وتشيلسي وريال مدريد الإسباني السابق قرر البقاء على رأس الإدارة الفنية للفريق عقب هبوطه إلى الدرجة الأولى الموسم الماضي، ووقّع معه عقدا لمدة 3 أعوام. وقد تسلم بينيتيز تدريب نيوكاسل في مارس 2016 في آخر 10 مباريات في الدوري، وعلى الرغم من عدم خسارته في ست مباريات على التوالي لم يتمكن في النهاية من إنقاذه من شبح الهبوط. ولحق نيوكاسل ببرايتون المتصدر والذي كان أول الصاعدين في منتصف أبريل (نيسان) الحالي.
* هل يحتاج الفريق لإصلاح؟
بالتأكيد. في الواقع، لقد اشترى بينيتيز لاعبين تحديداً بهدف الصعود إلى الدوري الممتاز، لكنه إذا أراد حقاً الحفاظ على النادي داخل الدوري الممتاز، ناهيك عن تحقيق حلمه بالعودة بنيوكاسل يونايتد إلى بطولة دوري أبطال أوروبا، فإن الأمر سيتطلب إجراء جراحة عاجلة بصفوف الفريق. وتتفق غالبية الآراء حول أن الفريق في حاجة إلى إضافة ستة لاعبين جدد على الأقل إلى صفوفه، على رأسهم قلب دفاع وظهير أيسر، ولاعب خط وسط مساك، ولاعب خط وسط مبدع وجناح، ولاعبان في خط الهجوم.
* من اللاعبون الذين يمكن شراؤهم؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال، لكن ثمة مؤشرات يمكن الاسترشاد بها على هذا الصعيد. الهولندي باس دوست، مهاجم سبورتينغ برشلونة الذي يتميز بقدرته على تسجيل أهداف وفيرة، والذي حاول بينيتيز استقدامه الصيف الماضي، وربما يتمكن من تحقيق ذلك الآن. إلا أن اللاعب الهولندي لن ينتقل بثمن هين. أما المصادفة أن كار أيضاً من المعجبين بدوست، وسبق أن عمد لسنوات إلى حث آشلي على شرائه. من بين الأسماء الأخرى المطروحة ذات الكلفة العالية لاعب خط وسط سوانزي سيتي غيلفي سيغوردسون، بينما يبدو من المحتمل عودة أندروس تاونسيند، من كريستال بالاس إلى نيوكاسل يونايتد. كما أبدى نيوكاسل يونايتد اهتماماً تجاه لاعبَي هال سيتي، سام كلوكاس المشارك في وسط الملعب وهاري ماغواير قلب الدفاع. وتشير بعض الأقاويل إلى أن بينيتيز يرغب كذلك في ضم مدافع ستوك سيتي ريان شوكروس، ولاعب ميدلزبره، بين غيبسون.
إلى الأمام قليلاً، جرى التناقش بالفعل حول ضم لاعب ليفربول دانييل ستريدج، في الوقت الذي أجرى نيوكاسل يونايتد بعض التحريات حول أندريه غراي، المهاجم الرئيس في صفوف بيرنلي. ولا يزال بينيتيز متحمساً للغاية تجاه لاعب خط وسط فولهام المبدع توم كايرني وفابيان ديلف من خط وسط مانشستر سيتي. في المقابل، فإن إصابة تمزق الرباط الصليبي التي تعرض لها مهاجم بورنموث كالوم ويلسون، ربما تكون قد أزالت اسمه من قائمة العناصر المحتملة التي قد يسعى نيوكاسل يونايتد لضمها إلى صفوفه.
وطالب بينيتيز، إدارة النادي بوضع مسودة عمل، لتمكينه من إنجاز تعاقدات مع لاعبين جدد، بعد قيادة الفريق إلى الدوري الممتاز لكرة القدم الاثنين. ودعا بينيتيز إدارة النادي إلى تخصيص ميزانية مالية للدوري الممتاز، وقال: «إن الوقت للعمل لتأسيس فريق قوي يحافظ على موقعه». ورأى المدرب الإسباني أن «الجميع الآن مشغولون بالاحتفالات بالصعود (إلى الدرجة الممتازة)، وهذا أمر بديهي. وسأعطي اللاعبين فترة راحة تمتد أياماً لهذه الغاية. لكن لا بد من العمل للمستقبل».
* من سيبقى من اللاعبين الحاليين؟
لاعب الوسط جونجو شيلفي والجناح مات ريتشي وقلب الدفاع كياران كلارك. ومن الممكن أيضا أن يطور إيزاك هايدن أداءه ليصبح لاعب خط وسط متألقا على مستوى الدوري الممتاز. كما أن حارس المرمى كارل دارلو يستحق بالتأكيد فرصة للمشاركة ـ وكذلك الحال مع المهاجم دوايت غيل خاصة في ظل الأهداف الكثيرة التي سجلها، وإن كان يبقى من الممكن أن يقدِم النادي على بيعه لجني أرباح من ورائه تسهم في تمويل صفقات شراء لاعبين آخرين. ومن المعتقد أن النادي سيشهد رحيل الكثير من لاعبيه.
* هل سيتمكن بينيتيز من إعادة نيوكاسل إلى أوروبا؟
لم لا؟ إن أوروبا تشكل الموطن الطبيعي للمدرب الإسباني، ونطاقا يشعر أن نيوكاسل تنبغي له المنافسة داخله. إلا أن الأمر برمته سيبقى معتمداً نهاية الأمر على آشلي ـ إلا إذا تم بيع النادي لمالك جديد.
نيوكاسل... ماذا بعد غياب موسم واحد في «دوري المظاليم»؟
بعد أن قاد المدرب بينيتيز فريقه للعودة إلى أضواء «الممتاز»
نيوكاسل... ماذا بعد غياب موسم واحد في «دوري المظاليم»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة