مجلس الأمن يناقش الأزمة الليبية... ويحذر من تجدد النزاع

غوتيريش يشير إلى إمكانية إدخال بعض التعديلات على اتفاق الصخيرات لتخطي الجمود السياسي

مؤيدون لحفتر في إحدى المظاهرات التي نظمت في بنغازي قبل أيام (أ.ف.ب)
مؤيدون لحفتر في إحدى المظاهرات التي نظمت في بنغازي قبل أيام (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يناقش الأزمة الليبية... ويحذر من تجدد النزاع

مؤيدون لحفتر في إحدى المظاهرات التي نظمت في بنغازي قبل أيام (أ.ف.ب)
مؤيدون لحفتر في إحدى المظاهرات التي نظمت في بنغازي قبل أيام (أ.ف.ب)

خلص تقرير أعده أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وناقشه مجلس الأمن في جلسة علنية أمس، إلى احتمال تجدد النزاع على نطاق واسع في ليبيا، إلا أنه أشار إلى احتمال إمكانية إدخال بعض التعديلات على الاتفاق الليبي «لتخطي الجمود السياسي الراهن، والمضي قدما بالعملية الانتقالية».
وقال غوتيريش في تقريره إنه و«بالنظر إلى التقلبات التي تشهدها الحالة الأمنية في طرابلس، والقتال الدائر في منطقة الهلال النفطي وفي أماكن أخرى، فإن ليبيا معرضة لخطر تجدد النزاع على نطاق واسع»، معربا عن شعوره «بالجزع إزاء التصعيد العسكري المتجدد واستمرار حالة الجمود السياسي في البلد؛ مما يزيد الضغط على العملية الانتقالية وعلى المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي».
وأشار غوتيريش إلى أن المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني لا يزالان يعانيان قيودا تعوق قدرتهما على الحكم بفاعلية، وعلى توفير الخدمات الأساسية والأمن اللذين يحتاج إليهما السكان أمس الحاجة.
من جهتهم، أكد أعضاء مجلس الأمن، الذين استمعوا إلى كلمة مارتن كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، دعمهم للجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة، والرغبة في إقامة ليبيا آمنة وديمقراطية ومزدهرة وموحدة، حيث تسود سلطة الدولة وسيادة القانون، حسب ما قال السفير الإيطالي، سيباستيانو كاردي في مداخلته.
واقترح كوبلر على المجلس نقاطا عدة بشأن حل المسألة الليبية، أهمها إيلاء أهمية أكبر للأمن والاقتصاد والعملية السياسية، داعيا إلى وقف استخدام العنف للحصول على مكاسب قصيرة الأجل، والعودة إلى روح اتفاق الصخيرات، مشيرا إلى أهمية «الإنجازات التي تحققت فيما يتعلق بدحر (داعش) وتنامي إنتاج النفط، وموارد الميزانية التي أصدرها البنك الليبي»، لكنه قال في المقابل «إن روح التفاؤل والثقة التي خيمت على الصخيرات قد خفت كثيرا».
من جهته، أشار ماثيو ريكفورت، المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، إلى ما قاله سفراء الدول الكبرى إلى ليبيا (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) الأسبوع الماضي، بأن هناك فرقا بين الأعمال ضد التهديد الإرهابي، والأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التدهور في ليبيا، مشيرا إلى أنه من المهم الاعتراف بهزيمة «داعش» في سرت.
وذكّر تقرير الأمين العام جميع الأطراف بأنه لا يمكن أن يوجد حل عسكري للأزمة الليبية، وحث جميع الجهات المسلحة الفاعلة على ممارسة ضبط النفس، ولا سيما حماية المدنيين والموارد الطبيعية والهياكل الأساسية الوطنية في ليبيا. كما دعا «جميع الجهات الأمنية الفاعلة إلى المضي بتنفيذ الترتيبات الأمنية المؤقتة المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي»، مشددا «على ضرورة إحراز تقدم سريع في إنشاء قوات مسلحة وقوات أمن ليبية فاعلة تعمل في ظل رقابة مدنية». وفي هذا السياق، رحب غوتيريش «بالتقدم المحرز في تشكيل الحرس الرئاسي». كما دعا التقرير إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الليبية، مشددا على أن «الاتفاق السياسي الليبي لا يزال يحظى بتأييد غالبية الجهات الليبية والدولية، صاحبة المصلحة، باعتباره الإطار السياسي الوحيد للسير قدما بالبلد»، وأشار إلى أنه «أحيط علما بنشوء توافق في الآراء بشأن إدخال تعديلات محدودة على الاتفاق. وهذا يشكل فرصة لتخطي الجمود السياسي الراهن والمضي قدما بالعملية الانتقالية».
وأعرب غوتيريش عن قلقه «من العزل العمد للمنتخبين بالمجالس البلدية من مناصبهم في شرق ليبيا، والاستعاضة عنهم بمسؤولين غير منتخبين»، وطالب «بعودة الممثلين المدنيين المنتخبين»، معربا عن شعوره «بالجزع الشديد إزاء حالة حقوق الإنسان في البلد، وعدم إحراز تقدم في تحقيق المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني». كما أدان في السياق ذاته «استهداف المرافق المدنية، وبخاصة المستشفيات والمراكز الطبية»، وشدد على ضرورة محاسبة الجماعات المسلحة التي تواصل ارتكاب هذه الانتهاكات في جميع أنحاء البلد، مرحبا بالتزام المحكمة الجنائية الدولية بتوسيع نطاق التحقيقات ووضع ليبيا في قائمة أولوياتها في عام 2017.
وجاء في التقرير، أنه بعد شهور من الجمود السياسي، فإن الجهود الرامية إلى تيسير تنفيذ الاتفاق لا تزال متواصلة، حيث يعمل المجلس الرئاسي على توطيد سلطته، رغم الانقسامات الداخلية وصعوبة السياق الأمني. أما بخصوص الوضع الأمني، فقد أكد التقرير، أن «الحالة الأمنية العامة تدهورت إلى حد كبير خلال الفترة المشمولة بالتقرير، حيث تصاعدت الاشتباكات في طرابلس، والقتال في منطقة الهلال النفطي، وزادت التوترات في منطقة سبها»، مشيرا إلى «احتمال زيادة التصعيد العسكري بسبب المشاكل السياسية الهيكلية التي لم تحل إلى حد كبير، وتعدد العناصر المسلحة الفاعلة على أرض الواقع وما لها من مخططات متضاربة».
وقال التقرير أيضا إن مجلس النواب ظل منقسما؛ إذ لم يبلغ النصاب القانوني اللازم للتصويت على التعديل المقترح إدخاله على الإعلان الدستوري، الذي ستدمج بموجبه المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي في الإطار الدستوري، وستعجل أحكام الإعلان الدستوري. كما لم يتمكن أيضا مجلس النواب من التوصل إلى اتفاق بشأن تكوين الوفد الذي سيكلف بتمثيله في المحادثات مع الجهات المعنية الأخرى.
إلا أن التقرير أشار أيضا إلى أن المؤسسات الموازية ظلت قائمة، حيث واصلت «الحكومة المؤقتة» المتمركزة في البيضاء تأكيد سلطتها في شرق البلد، على الرغم من افتقارها إلى وضع قانوني في إطار الاتفاق السياسي الليبي. وبالمثل، واصلت حكومة الإنقاذ الوطني السابقة، غير المعترف بها، جهودها لإعادة تأكيد سيطرتها على مختلف أنحاء طرابلس، واستولت رمزيا على عدد من المباني الحكومية غير المشغولة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.