تعلن رائحة تقطير «الزهر» في منطقة نابل التونسية، عن قدوم فصل الربيع؛ إذ إن الكثير من العائلات تعتبر الانخراط في جمع زهرات الأرنج وتقطيرها، من بين العلامات المهمة على حلول شهر الأحلام. فلا يكاد يخلو منزل عائلة من آلة التقطير التقليدية بخرطومها الطويل المؤدي إلى قارورة بلورية يطلق عليها سكان المنطقة اسم «الفيشكة».
واحتفالا بهذه الزهرة؛ ينظم مهرجان الزهر الذي بدأ هذه السنة في 7 أبريل (نيسان) الحالي وينتهي اليوم (الأحد). تستحوذ مدينة نابل على نحو 90 في المائة من إنتاج زهرة الأرنج، وخلال أيام المهرجان وزعت المدينة نحو ألف شجيرة على الحاضرين، في محاولة لتوسيع مساحات زراعة شجيرات الأرنج.
وتفوح روائح تقطير الزهر والورد المختلفة ونبتة «العطرشية» من معظم منازل منطقة نابل، التي تحتفظ بتقاليد راسخة في هذا المجال. ويذكر السكان أن الأندلسيين الذين قدموا إلى تونس هم من جلبوا معهم هذه الشجرة منذ أكثر من 500 سنة.
وشجرة «الأرنج»، أو كما يطلق عليها في مناطق أخرى «النارنج» هي التي تنتج زهرات ناصعة البياض، ثم تحصل عملية التقطير بعد قطفها مباشرة خلال ساعات الصباح الأولى كي لا تذبلها أشعة الشمس.
ويقدر عدد الأشجار المنتجة للزهرات في منطقة نابل بنحو 120 ألف شجرة، وهي قادرة على إنتاج ما بين 1000 و1200 طن من الزهر سنوياً. ويُستخرج من أزهار الأرنج لدى تقطيرها ماء الزهر، كما تستعمل الثمرة لاستخراج زيت «النيرولي» الذي يستعمل في إنتاج أجود وأثمن أنواع العطور في العالم. وتصدر منتجات روح الزهر إلى أسواق عالمية، خصوصاً إلى مدينة غراس «Grasse» الفرنسية، وإلى الولايات المتحدة، إلى جانب الأسواق المحلية. ويساهم تصدير زيت «النيرولي» إلى الخارج، في توفير ما قيمته 6 ملايين دينار تونسي (نحو 2.4 مليون دولار) سنويا. وتزحف عائلات تونسية كثيرة من جميع مدن تونس إلى ولاية محافظة نابل خلال موسم تقطير الزهر للتزود بنبتة الزهر أو بماء الزهر.
في هذا الشأن، قال نبيل المرزوقي، من سكان مدينة نابل: إن العائلات تعودت على اللجوء إلى شجرة النارنج في العمليات الصحية، وذلك من خلال عملية غلي الأوراق واستعمالها لتخفيض الحرارة، وكذلك استخراج معجون من ثمرة الأرنج ومن الورق الأبيض للزهر الذي يساهم في تخفيض نسبة السكر في الدم. كما أن ماء الزهر يستعمل في إضفاء نكهة خاصة على الأطعمة، خصوصاً الحلويات. ويؤكد المرزوقي أن عمليات التقطير تتوزع إلى نحو 60 في المائة من إنتاج الزهر. ويوفر الطن الواحد من الزهر نحو كيلوغرام واحد من زيت «النيرولي» وقرابة 600 لتر من ماء الزهر.
مدينة نابل التونسية تعبق برائحة تقطير الزهر
في احتفال سنوي توزع خلاله نحو ألف شجيرة من الأرنج على الحاضرين
مدينة نابل التونسية تعبق برائحة تقطير الزهر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة