مشروع قانون في تونس لتمويل الأحزاب من الدولة

يربط حجم الدعم بنسب التمثيل... وإضراب عام في تطاوين ضد البطالة

مشروع قانون في تونس لتمويل الأحزاب من الدولة
TT

مشروع قانون في تونس لتمويل الأحزاب من الدولة

مشروع قانون في تونس لتمويل الأحزاب من الدولة

كشف الوزير التونسي المكلف العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية، أن الحكومة تعد مشروع قانون لتنظيم الأحزاب السياسية والجمعيات، سيتضمن تمويلها من الدولة. وتعهد أن يوفر المشروع «إطاراً قانونياً شفافاً يضمن الممارسة الحزبية».
وطلبت الحكومة من الأحزاب تقديم اقتراحاتها للمشروع الذي أكد بن غربية أنه سيقر التمويل العمومي للأحزاب «حسب تمثيلها في الهياكل الدستورية»، وهي إحدى النقاط التي أثارت جدلاً واسعاً، إذ طالبت مجموعة من الأحزاب بضرورة تكفل الدولة بتوفير التمويل من خزينة الدولة، بدل اللجوء إلى تمويلات قد تكون مجهولة المصدر أو بهدف التأثير على القرار السياسي.
واعتمدت تونس في تنظيم الحياة السياسية على قانون أصدره الرئيس السابق زين العابدين بن علي في عام 1988، لضمان سيطرة حزبه «التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل على المشهد السياسي، وخلق معارضة «رسمية». ولم يتجاوز عدد الأحزاب قبل الثورة تسعة، وكان معظمها موالياً للسلطة.
وكانت وزارة الداخلية تتولى منح تراخيص العمل السياسي. إلا أن هذه الصلاحية نقلت منها إلى رئاسة الحكومة. وعرفت تونس نتيجة لهذا التوجه السياسي الجديد طفرة قياسية في عدد الأحزاب، إذ تشكل أكثر من 200 حزب بعد الثورة في عام 2011.
وكان بن غربية أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة بصدد صياغة قانون جديد للأحزاب والجمعيات «يحافظ على منسوب الحرية ويدعم شفافية عمل الأحزاب السياسية والجمعيات، ويمكن الإدارة من أدوات قانونية لضمان التمويل العمومي للأحزاب حسب تمثيلها». وأشار إلى توجيه مراسلات إلى الأحزاب كافة لتقديم تقاريرها المالية المصادق عليها، إلى دائرة المحاسبات (دائرة حكومية للرقابة المالية) وإلى رئاسة الحكومة باعتبارها الجهة المشرفة على الحياة السياسية.
ورأى عضو المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» بلقاسم حسن، أن تونس في حاجة إلى «مزيد من تنظيم الحياة الحزبية وإرساء دعائم الشفافية، خصوصاً على مستوى تمويل الأحزاب، حتى لا تكون تحت سيطرة لوبيات المال المختلفة». وأضاف أن «حل إشكال تمويل الأحزاب من خلال توجه الحكومة نحو توفير التمويل من الخزينة العامة، سيضمن الاستقرار لتلك الأحزاب ويمنحها حصانة إضافية تجاه إغراءات المال والنفوذ».
إلى ذلك، قال رئيس «النقابة التونسية لمكاتب سبر الآراء» (استطلاعات الرأي) نبيل بلعم، إن الهيئة التي تشكلت في 2013 تعمل على إعداد مشروع قانون ينظم المهنة ويضع شروط الانتماء إلى هذا القطاع.
وتثير استطلاعات الرأي ذات الطابع السياسي جدلاً كبيراً في تونس بسبب نتائج مؤشرات الثقة في أطراف سياسية، أحزاباً كانت أم أشخاصاً، وحول أداء الفاعلين السياسيين ونيات التصويت في المحطات الانتخابية.
وأشار بلعم إلى أن مشروع القانون الجديد المنتظر إعلانه قبل نهاية الشهر، يركز على شروط الانتماء إلى القطاع وإجراء الاستطلاعات السياسية. ولم ينف وجود استطلاعات تجرى في إطار اتفاقية بين حزب معيّن أو شخصيّة معينة وأحد المكاتب في إطار سرّي. وأكد أن هذه الاتفاقيات «لا تتخذ منحى قانونياً، وهي غير مشمولة بالقانون الجديد»، إلا أنه اعتبر أن «عمليات الاستطلاع لمعرفة آراء عموم الناس من الضروري أن تتوافر فيها شروط عدة، بينها توافر موارد بشرية اختصاصية من مهندسي إحصاء، وآليات العمل لتحليل المعطيات على غرار البرامج المعلوماتية، وأيضاً استعمال المناهج العلمية الكيفية والكمية للحصول على المعلومات».
ورأى أن الحديث عن دور الاستطلاعات في التأثير على نتائج الانتخابات ونسب المشاركة فيها وتوجيه الرأي العام، «اتهامات لم يتم إثباتها علمياً». وأشار إلى «إمكانية تأثير المال السياسي وشراء الذمم على نتائج الانتخابات، وهذا أخطر من نتائج سبر الآراء».
من جهة أخرى، خرج آلاف من أهالي مدينة تطاوين (جنوب تونس) في مسيرة، أمس، للمطالبة بحل مشكلة البطالة الأكبر في منطقتهم على مستوى البلاد. وتجمع المتظاهرون في ساحة الشعب وسط المدينة التي تشهد احتجاجات منذ أكثر من أسبوعين. وانطلقوا في مسيرة طالبت السلطات بمشروعات تنموية وتوفير فرص عمل.
وشهدت المدينة إضرابات واعتصامات واحتجاجات شابتها عمليات قطع للطرقات من قبل المحتجين ومواجهات مع الأمن على مدى الأسبوعين الماضيين، مما عطل حركة النقل بين المدينة وبقية مدن البلاد. وفتح المحتجون الطرقات، أمس، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. لكنهم أعلنوا إضراباً عاماً غداً، مع الإبقاء على الاعتصام في وسط تطاوين. ويضغط أهالي تطاوين لدفع شركات النفط في منطقتهم إلى توظيف أكبر عدد ممكن من العاطلين وتخصيص نسب من العائدات المالية للشركات للتنمية المحلية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».