نشرت حكومة تيريزا ماي أمس كتابها الأبيض التي يتناول القوانين الأوروبية المدمجة في القانون البريطاني. ويأتي مشروع القرار في الكتاب تحت اسم «الإلغاء الكبير» من أجل إلغاء مادة من القانون تعود إلى 1972 وأتاحت دمج التشريع الأوروبي في القانون البريطاني. ومع انطلاق عملية بريكست رسميا، تستعد الحكومة البريطانية لمفاوضات طويلة الأمد على أمل التوصل إلى أفضل اتفاق في نظرها مع بروكسل، مع البدء في الوقت نفسه فصل القانون البريطاني عن التشريعات الأوروبية.
والهدف من مشروع القانون الجديد هو تحويل هذه التشريعات الأوروبية إلى قوانين محلية والاحتفاظ بالقوانين المفيدة منها مع إلغاء الباقي، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية.
وأكدت ماي أمام مجلس العموم الأربعاء أن «ذلك من شأنه أن يوضح الطريقة التي سنقوم بها بنقل الأحكام المهمة لمحكمة العدل الأوروبية». ويفترض أن تتم هذه العملية على مراحل لتفادي قفزة في المجهول على صعيد القضاء خصوصا أن الأمر يتعلق بـ19 ألف قانون أوروبي يتم تطبيقه في بريطانيا.
وأعلنت ماي أنها في رسالتها للاتحاد وفي مقابلتها أمس مع بي بي سي أنها تريد توقيع «شراكة وثيقة وخاصة تشمل تعاونا اقتصاديا وأمنيا». كما طالبت بأن تتم مفاوضات بريكست بالتوازي مع الاتفاق الجديد الذي سيربط بين بلادها والاتحاد الأوروبي. لكن رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الطلب وشددت على «ضرورة توضيح كيفية فك» الروابط التي نسجت على مدى 44 عاما قبل أي شيء.
البرلمان الأوروبي سيصوت خلال جلسة بحضور كامل الأعضاء في 5 أبريل (نيسان) في ستراسبورغ على نص ينص على «أن اتفاقا حول العلاقات المستقبلية (...) لا يمكن التوصل إليه إلا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وكان المجلس الأوروبي حذر من أن الاتحاد الأوروبي «سيعمل بشكل موحد وسيحافظ على مصالحه».
كما أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس الخميس ضرورة اتفاق بريطانيا على شروط انسحابها من الاتحاد الأوروبي قبل بحث الدول الأعضاء مسائل أخرى معها على غرار الاتفاقات التجارية. وقال هولاند: «أولا علينا أن نبدأ في بحث آليات الانسحاب، خصوصا على مستوى حقوق المواطنين والواجبات المنبثقة من الالتزامات التي قطعتها المملكة المتحدة»، ثم «استنادا إلى التقدم المنجز» يمكن فتح «مباحثات بشأن إطار علاقاتها المستقبلية» مع الاتحاد الأوروبي، بحسب بيان للرئاسة الفرنسية.
وتتوجه ميركل الخميس إلى فاليتا للمشاركة في مؤتمر الحزب الشعبي الأوروبي الذي يضم الأحزاب المحافظة. وسيكون ذلك مناسبة لعقد أول لقاء بين الأوروبيين بما أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس الوزراء الإسباني مريانو راخوي سيحضرون الاجتماع.
وسيعرض تاسك الجمعة مقترحات حول «توجهات المفاوضات» التي ستحدد بشكل عام الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها على صعيد الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا. وسيتم عرض هذه المقترحات على قادة الدول الـ27 الأعضاء خلال قمة في بروكسل في 29 أبريل.
وإذا كانت ماي وبروكسل مستعدتين للتوصل إلى اتفاق حول حقوق المهاجرين الأوروبيين، فإن فاتورة الخروج التي ستقدمها بروكسل إلى لندن لتسديد تكلفة التزامات قامت بها من قبل، يمكن أن تشكل نقطة خلاف قوية. وقالت ماي في مقابلة مع «بي بي سي» مساء الأربعاء: «ليس هناك طلب رسمي»، مضيفة أن بلادها «ستحترم التزاماتها». إلا أن وزير المالية البريطاني فيليب هاموند حذر في وقت سابق من أن لندن «لا تعترف بالمبالغ الهائلة أحيانا التي تم تداولها في بروكسل». وتقدر بروكسل أن الفاتورة ستتراوح بين 55 و60 مليار يورو.
وفي رسالة الخروج التي وجهتها ماي إلى تاسك، يبدو وكأنها تحاول لعب ورقة التعاون الأمني لترجيح كفتها في المفاوضات. وكتبت ماي في الرسالة «في الوقت الذي بات فيه الوضع الأمني في أوروبا أكثر هشاشة من أي وقت منذ نهاية الحرب الباردة، سيشكل أضعاف تعاوننا من أجل الازدهار وأمن المواطنين خطأ فادحا». وتابعت على «بي بي سي» أن هذه المسألة «مهمة بالنسبة إلينا وأريد أن أحافظ على التعاون نفسه لكنه سيكون ضمن الاتفاق الشامل». إلا أن كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي في محادثات البريكست غي فيرهوفشتات رفض هذه التهديد المبطن. ورد قائلا: «أمن جميع المواطنين من الخطورة والأهمية» بحيث لا يمكن أن يكون «موضوع مساومة».
ونشرت تيريزا ماي مقالا الخميس في سبع صحف أوروبية لتفسير انفصال بلادها عن الاتحاد الأوروبي معتمدة لهجة تصالحية قبل بدء مفاوضات الخروج الشاقة. وكتبت ماي في صحيفة «إيريش تايمز» «سنواصل تأدية دورنا في ضمان بقاء أوروبا قوية ومزدهرة ورائدة في العالم». وأضافت أن بريكست ليس محاولة «لإلحاق الضرر بالاتحاد الأوروبي أو أي من الدول الأعضاء فيه». لكنها جددت في الوقت نفسه التحذير من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق يمكن أن يؤثر سلبا على العلاقات الأمنية. وقالت إن «إقامة حواجز تجارية غير ضرورية سيكون مخالفا لمصالحنا المشتركة». وشددت في صحيفة «فرنكفورتر الغيماينه تسايتونغ» على التعاون الوثيق في شؤون السياسة الخارجية كالنزاعات في سوريا وأوكرانيا». وكتبت في المقال الذي ترجم إلى الألمانية «نعلم مدى أهمية هذه الشراكة والصداقة المستمرة بين بلدينا». وشددت ماي أيضا على التعاون الدولي مع إيطاليا في صحيفة «لاريبوبليكا» وأشارت إلى نحو 600 ألف مواطن إيطالي يعيشون في بريطانيا وثلاثة ملايين سائح بريطاني يزورون إيطاليا كل عام. وأضافت: «نقدر إلى حد كبير الصداقة بين بلدينا وشعبينا». في فرنسا، ركزت ماي في صحيفة «لو باريزيان» على أهمية «التعاون الأمني الوثيق» بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكتبت أن الجانبين «يواجهان التحديات الدولية نفسها والمتمثلة بالإرهاب والتطرف». ونشر المقال أيضا في صحف «ريشبوسبوليتا» البولندية و«الباييس» الإسبانية و«داغنز نايهتر» السويدية.
قال ديفيد ديفيز وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في الحكومة البريطانية أمس الخميس إن بلاده لم تكن تسعى لتوجيه تهديد لأوروبا بقولها إن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب سيضعف إذا ما غادرت التكتل من دون التوصل لاتفاق شامل. وجاء في رسالة ماي إلى دونالد تاسك «إن تعاوننا في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب سيضعف» إذا ما غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي من دون التوصل لاتفاق جديد بديل. وقال ديفيز لراديو هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «هذا ليس تهديدا. هذا تأكيد لحقيقة أن هذا سيكون ضارا لنا... إذا لم نتوصل إلى اتفاق. إنها حجة للتوصل لاتفاق». وأضاف: «نحن نسعى إلى اتفاق شامل يضم التجارة والأمن وجميع أوجه علاقتنا الحالية ويحاول الحفاظ على أكبر قدر ممكن من المزايا للجميع». ومضى بالقول: «أعتقد أن هذه وجهة نظر منطقية يجب إيضاحها وليست تهديدا بأي شكل من الأشكال».
خطوات شاقة تواجه بريطانيا في خروجها من الاتحاد الأوروبي
تنشر كتابها الأبيض لفصل 19 ألف تشريع أوروبي دمجت في القانون المحلي
خطوات شاقة تواجه بريطانيا في خروجها من الاتحاد الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة