في الوقت الذي يحاول فيه تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» العودة بعملية فاشلة بلحج اليمنية، قتلت طائرة أميركية من دون طيار 4 عناصر يشتبه في انتمائهم للتنظيم في مديرية مودية شمال محافظة أبين فجر أمس (الأربعاء).
وجاءت الغارة الأميركية بعد أقل من 48 ساعة على هجوم نفذه مسلحو التنظيم على المقر المؤقت للسلطة المحلية في محافظة لحج، بعد تفجير سيارتين مفخختين، غير أن قوات الأمن اليمنية التابعة للحكومة الشرعية تصدت للهجوم وقتلت 10 من المسلحين المهاجمين الذين كان بعضهم مزودا بأحزمة ناسفة ويهدفون إلى تفجيرها داخل المقر، فيما قتل 6 من الجنود و4 مواطنين في الهجوم.
وقد اعتبر مراقبون يمنيون أن الهجوم فاشل «دليل أن (القاعدة) خسرت فيه 10 من مقاتليها، على العكس من هجماتها السابقة التي كانت تكبد قوات الأمن أو الجيش عددا كبيرا من المجندين في كل هجمة بواسطة انتحاري واحد».
وتصاعدت حدة العمليات الأمنية والعسكرية ضد عناصر تنظيم «القاعدة في جنوب اليمن» في الآونة الأخيرة، في وقت يحاول التنظيم العودة إلى الواجهة عبر بعض العمليات الإرهابية والتي كان آخرها الهجوم الفاشل على مقر السلطة المحلية بمحافظة لحج (شمال عدن).
وأعلنت قوات «النخبة الحضرمية»، أمس، اعتقال «أبو علي السياري» وهو قيادي بارز بتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الذي يعتقد أنه سعودي من أصل يمني، حيث جاءت عملية اعتقاله في ضوء مداهمة، جرى خلالها اعتقال 3 مسلحين من عناصر التنظيم وقتل اثنين آخرين.
وكثفت السلطات الأمنية اليمنية، أخيرا، هجماتها على معاقل تنظيم «القاعدة» في المناطق التي يعتقد أن لديه وجودا فيها، وتمكنت هذه القوات من تطهير بعض أحياء العاصمة المؤقتة عدن ومدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، وعدة مدن في محافظة أبين، وبالتزامن مع ذلك، ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، كثفت واشنطن ضرباتها الجوية على مواقع افتراضية لعناصر تنظيم «القاعدة» في أبين ومحافظات البيضاء وشبوة وخلفت مقتل العشرات من قادة وعناصر التنظيم.
ويقول الخبير اليمني في شؤون الإرهاب والجماعات الإسلامية، سعيد عبيد الجمحي، إن تنظيم «القاعدة» بدأ يستشعر أنه يدخل مرحلة جديدة، وأكثر صعوبة، انطلقت فيها اليد الأميركية لاستهداف التنظيم بشكل غير مسبوق، ودخل الأميركيون في مواجهة ميدانية ضد التنظيم في اليمن، وهناك قناعة بأن السلطة الشرعية، قد منحت القوات الأميركية الحرية المطلقة وأوكلت الحرب على التنظيم في اليمن للأميركان. ويضيف الجمحي لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم لم يستطع الوصول إلى أهداف أميركية، وعاجز عن ابتكار أساليب جديدة لنقل معركته إلى الأراضي الأميركية، ولذا قام بتعويض هذا، من خلال استهداف حلفاء أميركا»، ثم يؤكد: «أعتقد أن المعركة ضد (القاعدة) دخلت في مرحلة تكسير العظم».
ويرى خالد الشيباني، رئيس المركز العربي لحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب (آشا)، أن «ما يحدث في المكلا وأبين وشبوة والبيضاء من ملاحقة لأعضاء تنظيم (القاعدة) من قبل قوات مكافحة الإرهاب، يأتي بعد انتعاش (القاعدة) بشكل كبير جدا في بعض المناطق الواقعة في جنوب اليمن، حيث استطاعت أن تحصل على أسلحة ودعم مادي عبر عدد من المنافذ البرية والبحرية، وقامت أيضا بسلب ونهب واستغلت الانفلات الأمني الموجود في عدد من المحافظات اليمنية لتنتعش وبشكل كبير».
ويضيف الشيباني أن الضربات الأخيرة أوجعت «القاعدة»، خصوصا في شبوة، المكلا، أبين والبيضاء و«ضربت التنظيم في العمق؛ إذ أصبحت قوات مكافحة الإرهاب تتابع تلك القيادات بشكل مستمر وبشكل مضاعف، خصوصا بعد العملية التي حدثت في البيضاء وراح ضحيتها جندي أميركي». ثم يمضي الشيباني مؤكدا أن العمليات ضد تنظيم «القاعدة» «ستسمر خلال الفترة المقبلة وستكون أكثر شراسة، وهذا قد يجعل هذا التنظيم يخرج كل ما لديه لأجل الدفاع عن البقاء والاستمرار في الهجمات، فالحرب على الإرهاب، هذه المرة في اليمن والمنطقة ستكون حاسمة وقاضية». ويستمر في التأكيد على أن «الضربات العسكرية التي حدثت لـ(لقاعدة) في أبين وشبوة قتلت الكثير منهم وجعلت عددا منهم يفر بواسطة دراجات نارية إلى محافظات عدن وأبين ولحج وتعز، وهذا ما سيجعل الحرب على الإرهاب وعلى التنظيم تتوسع وبشكل كبير».
ولا يستبعد رئيس «آشا» أن تلجأ «القاعدة» «رغم الإنهاك، الذي يعتريها من خلال هذا التضييق عليها، إلى الانتقام بطرق مختلفة من رموز أمنية لإضفاء نوع من الانتصار ورغبة في الانتقام من العمليات العسكرية المستمرة، فقد أصبحت محشورة في الزاوية، وتريد أن تدافع بمخالب قطة ولو تخويفا لأجل البقاء لتسجيل أي انتصار انتقاما من العمليات العسكرية التي حصدت وبشكل كبير عددا من قيادات تنظيم (القاعدة) الخطرين»، ويردف أن إنهاك «القاعدة» غير مكتمل، فهي تنتعش في مواضع أخرى، نتيجة الحرب الدائرة في اليمن «كون هذا التنظيم يقتات من الأزمات ويتغذى منها ويصبح ذا قوة فهو يستطيع من خلال الأزمات جمع التمويل والتواصل مع أفراده وإعادة ترتيب الصفوف وهذا ما يفعله التنظيم أكثر من مرة، لكن في الوقت الراهن وبعد تغيير إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب لسياسة مكافحة الإرهاب في المنطقة فستكون الحرب على الإرهاب، خصوصا (القاعدة في اليمن)، أكثر ضراوة وحاسمة، وستشمل عددا من المحافظات في جنوب اليمن وشماله».
درون أميركية تطيح 4 عناصر من «القاعدة» في أبين
درون أميركية تطيح 4 عناصر من «القاعدة» في أبين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة