دبلوماسي بريطاني: أساس الحل تنازل الحوثي ـ صالح عسكرياً و«الشرعية» سياسياً

شركلف قال لـ«الشرق الأوسط» إن الخطة الأممية لا تختلف ملامحها عن «مبادرة كيري»

السفير سيمون شركلف (تصوير: إقبال حسين)
السفير سيمون شركلف (تصوير: إقبال حسين)
TT

دبلوماسي بريطاني: أساس الحل تنازل الحوثي ـ صالح عسكرياً و«الشرعية» سياسياً

السفير سيمون شركلف (تصوير: إقبال حسين)
السفير سيمون شركلف (تصوير: إقبال حسين)

قال السفير البريطاني لدى اليمن، سيمون شركلف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ملامح الخطة الأممية الجديدة لم تتغير كثيرا عن نتائج محادثات الكويت ولا خطة الوزير الأميركي السابق كيري. النقطة الأساسية هي أن هناك تنازلات سياسية يجب أن تتم عبر الحكومة الشرعية، مقابل تنازلات عسكرية من الحوثيين وصالح، وولد الشيخ يحاول ترتيب التزامن والتراتبية في تطبيق هذه الخطة».
وأكد السفير أن هناك تساؤلات بشأن عمليات تهريب السلاح عبر ميناء الحديدة الحيوي الواقع على ساحل البحر الأحمر (غرب اليمن)، مطالبا بسرعة معالجة هذه المخاوف في أقرب وقت ممكن.
وفي الوقت الذي أشار فيه السفير إلى أن بريطانيا تدعم حق السعودية الكامل في الدفاع عن نفسها وعن أراضيها ومواطنيها، عبر عن القلق البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن استمرار إيران في تهريب السلاح إلى اليمن، مشيرا إلى أن ذلك مخالف لقرار مجلس الأمن «2216».
وكشف شركلف الذي التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قبل أيام، أن ملامح خطة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الجديدة لم تتغير كثيرا عما توصلت إليه مشاورات الكويت، وخطة وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، وأنها تتمحور عن تنازلات سياسية من الحكومة الشرعية، مقابل تنازلات عسكرية من قبل الحوثيين وصالح.
ويعتبر السفير الذي شغل المنصب حديثا نفسه محظوظا، لأنه زار اليمن أربع مرات خلال الفترة بين 2012 و2013، معترفا أن تحديات كثيرة تنتظره في هذا البلد المعقد، وهو ما جعله يستعد لها بقراءة كتاب «سافر إلى بلد القاموس»، على حد تعبيره.
وفي رده على سؤال حول فحوى لقائه مع الرئيس اليمني هادي قبل أيام، أوضح شركلف أن بريطانيا مهتمة كثيرا بسماع وجهات نظر الرئيس هادي حول الأوضاع السياسية والعسكرية في الداخل اليمني، وكذلك الاطلاع على ملاحظاته بشأن خطة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد الجديدة.
وأضاف: «نعم، التقيت الرئيس هادي مرتين، بريطانيا مهتمة بلقائه، لأنه يبقينا على اطلاع دائم بالأوضاع السياسية والعسكرية في البلاد، وكذلك نرغب في سماع آرائه عن خطة ولد الشيخ الأخيرة، الأمر المهم الذي نرغب في سماعه هو آراء الرئيس حول الوضع الحالي في اليمن والمفاوضات التي تدور حاليا خصوصا فيما يتعلق بالتسوية السياسية».
وفي حديثه عن الجهود البريطانية في الملف اليمني، قال شركلف إن «بريطانيا كعضو في مجلس الأمن، عقدنا جولتين من المفاوضات عن اليمن في نيويورك، والأربعاء المقبل سيقدم المبعوث الأممي ولد الشيخ إحاطة جديدة إلى مجلس الأمن عن الوضع في اليمن، ومن خلال الخماسية نبحث إيجاد آلية دولية لدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة، وبرأيي أن دورا أكبر يمكننا عمله مع جيران اليمن خصوصا السعودية والإمارات وعمان، ونستطيع القيام بعمل دبلوماسي قوي لحث الأطراف المختلفة على الجلوس مع بعض وتقريب وجهات النظر بينهم».
وشدد السفير البريطاني على أن بلاده تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن قيام إيران بتهريب السلاح لليمن، وقال: «هذا مخالف للقرار (2216)، وحظر الأسلحة على إيران. مستقبل اليمن يعتمد على حل سياسي، وعليه ندعو إيران إلى دعم هذا الحل السياسي».
وجدد سيمون شركلف دعم بلاده لحق السعودية الكامل في الدفاع عن نفسها وعن أراضيها ومواطنيها، وتابع: «السعودية واليمن بينهما روابط كبيرة جغرافياً وتاريخياً، (ويعيشون لقرون بجوار بعض وسيعيشون لقرون قادمة)، ولذلك مستقبل العلاقة بين الدولتين يجب أن يبنى على علاقات جيدة واحترام متبادل».
وأكد السفير، أن الوضع الإنساني في اليمن سيئ جداً، وبريطانيا كما الأطراف الأخرى تشعر بقلق لتدهور الوضع الإنساني، مطالبا السماح بدخول المساعدات الإنسانية ووصولها إلى مستحقيها.
وأردف: «نقوم بحشد الأصوات لدعم جهود الأمم المتحدة في هذا الإطار، ودعمنا آلية الأمم المتحدة للتحقق من السفن القادمة لليمن، بغرض تسهيل وصول الشحنات الإنسانية، في ظل وجود تساؤلات مشروعة خصوصا فيما يتعلق بتهريب السلاح عبر ميناء الحديدة، ولا بد علينا من معالجة هذه المخاوف بأسرع وقت ممكن، والأمم المتحدة جزء من هذه العملية، وآلية الأمم المتحدة في التحقيق والإشراف».
وأشار شركلف إلى صعوبة تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة كما طلب التحالف العربي والحكومة اليمنية لمنع التهريب، وقال: «الأمر ليس بتلك السهولة. المنطقة فيها نزاع ومن أجل أن تدير الأمم المتحدة ميناء الحديدة الأمر يحتاج إلى قرار دولي وقوات حفظ سلام دولية، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.