دي ميستورا باقٍ في منصبه... و«جنيف» يراوح

لقاء المعارضة بغاتيلوف تناول المسائل الإنسانية ووقف إطلاق النار

رجل من ريف دمشق الشرقي يجمع أمتعته من منزله الذي دمره قصف الطيران الحربي على منطقة تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
رجل من ريف دمشق الشرقي يجمع أمتعته من منزله الذي دمره قصف الطيران الحربي على منطقة تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا باقٍ في منصبه... و«جنيف» يراوح

رجل من ريف دمشق الشرقي يجمع أمتعته من منزله الذي دمره قصف الطيران الحربي على منطقة تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
رجل من ريف دمشق الشرقي يجمع أمتعته من منزله الذي دمره قصف الطيران الحربي على منطقة تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)

أخيرا خرجت إشارات من الأمم المتحدة تدل على بقاء المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا في منصبه بعد أن شغلت هذه المسألة الوفود السورية والدبلوماسية الدولية المواكبة لمحادثات «جنيف 5» التي دخلت يومها السابع. وفي حين تراوح المحادثات حتى الآن، مكانها، من دون تحقيق أي اختراق جدي يذكر، وينشط نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف في جنيف من خلال التواصل مع الأطراف السورية كافة، أعلن فرحان حق، نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأخير «يدعم ممثله الخاص في سوريا، ولا يزال يواصل مهامه». كذلك قال أنطونيو غوتيريس، الثلاثاء، بمناسبة زيارته مخيم الزعتري في الأردن على هامش مشاركته في القمة العربية: إن دي ميستورا «يقوم بعمل مذهل، وقد نجح في جمع الأطراف السورية المتحاربة»، معربا عن أمله أن تكون المباحثات «خطوة أولى مهمة، (جنيف) في الطريق الشامل نحو الحل السياسي».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رسمية في جنيف، أن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت اتصل بالأمين العام ليستفهم منه عن مصير دي ميستورا، وليؤكد له الحاجة إلى ألا تتعطل الوساطة الأممية في الملف السوري. وكان رد غوتيريس أن المبعوث الخاص «يريد لأسباب خاصة أن يضع حدا لمهمته وأن يرتاح، ولكنه أبدى مؤشرات على الانفتاح على إمكانية استمراره لفترة في العمل على الملف السوري». من هنا، فإن المرجح أن يعمد إلى تمديد مهمته لفترة محددة ليرى الأمين العام ما إذا كان سيحصل على نتائج ملموسة في جولة المحادثات الراهنة أو في التي ستليها. وبحسب هذه المصادر، فإن مراوحة هذا الملف مكانه ستدفع الأمين العام إلى تعيين بديل عنه من أجل «توفير دينامية جديدة». وفي أي حال، فإن المصادر المشار إليها التي تتابع عن قرب «جنيف 5» أعربت عن «ارتياحها» لبقاء دي ميستورا في منصبه «في الوقت الحاضر»؛ لأن استمراره في مهمته يعني أنه «لن يحصل انقطاع في الجهود الدولية» رغم أنها لا تحقق خرقا في جدار الأزمة السورية.
وأمس، استمر نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف في اتصالاته الموسعة التي يجريها مع الأطراف المعنية، فالتقى المبعوث الدولي ووفد المعارضة على أن يلتقي الأطراف السورية وعددا من ممثلي الدول المؤثرة على الوضع في سوريا والموجودين في جنيف. وكان التقى أول من أمس وفد الحكومة ووفدي منصتي القاهرة وموسكو. ولم يكشف وفد الهيئة العليا الكثير عن تفاصيل لقائه مع غاتيلوف في مقر الأمم المتحدة. وقال سالم المسلط، الناطق باسم الوفد، إن الهيئة العليا «تتطلع بإيجابية» إلى اللقاء، وإن الطرف الروسي «يريد أن يتكرر هذا النوع من اللقاءات». وبحسب المسلط، فإن وفد الهيئة العليا حرص على إبلاغ غاتيلوف رسالة مزدوجة: فمن جهة، شدد على أنه قدم إلى جنيف من أجل «العمل بجدية» وفق الأجندة التي وضعها المبعوث الدولي. من جهة ثانية، شدد على أن وفد النظام «لا يقوم بأي خطوات فعلية وعملية»، وأنه «لا يتحدث إلا عن موضوع الإرهاب» لا بل إنه «رمى» سلة الإرهاب «ولم يعد يكترث لها».
أما الشق الثاني من اللقاء مع غاتيلوف، فتناول المسائل الإنسانية وموضوع وقف إطلاق النار. وشكا وفد الهيئة العليا من أن ما يتم الاتفاق بشأنه في آستانة لا يطبق ميدانيا. كما شكا من «انتهاكات النظام ومن الوجود الإيراني ومن التهجير القسري». ونقل المسلط عن غاتيلوف أن الاجتماع المقبل في كازاخستان «آستانة 4» سيلتئم في الأسبوع الأول من مايو (أيار)، وبذلك سيحل بعد أسبوعين من الاجتماع «التقني» الذي ستستضيفه طهران يومي 18 و19 أبريل (نيسان). وقالت مصادر دبلوماسية في جنيف لـ«الشرق الأوسط» أمس: إن اجتماع أستانة سيكون يومي 4 و5 مايو، وبالصيغة نفسها التي انعقد بها في المرات السابقة. وأفادت هذه المصادر بأن مجيء غاتيلوف إلى جنيف هدفه الأول «منع انهيار المحادثات»، وأن إحدى الوسائل لذلك هو الدفع باتجاه إنجاز تقدم في ملف الدستور وممارسة ضغوط على وفد النظام لقبول السير في هذا الملف «من أجل إظهار أنه منفتح على الحل السياسي». وبحسب هذه المصادر، فإن وفد النظام «يقاوم» وهو يقدم إلى حجتين: الأولى رسمية ومعلنة وقوامها أن الدستور مسألة تخص السوريين وحدهم وكتابته من صلاحياتهم. أما الثانية، فمفادها أن قبول السير في هذا النقاش، رغم أن وفد النظام قبله عندما قبل السلال الأربع: «يعني البحث في عملية الانتقال السياسي، وهو ما لا يريد أن ينجر إليه». وهذه النقطة بالذات هي التي يعنيها وفد المعارضة عندما يقول ويكرر أنه «لم يجد شريكا ملتزما بالحل السلمي الذي يعني عملية الانتقال السياسي».
من جانبه، وفي تصريح قصير للصحافة، اعتبر غاتيلوف عقب لقائه وفد الهيئة العليا، أن «الاستنتاج» الذي توصل إليه الطرفان هو الإعراب عن «التأييد المطلق لأن تكون لهذه الجولة «الخامسة» نتائج إيجابية واستمرار المناقشات حتى تحقيق هدفها بوحدة الأراضي السورية واستقلالها والدولة التعددية». ورغم الانتهاكات الصارخة لوقف إطلاق النار الذي رعته بلاده وتركيا بداية «ثم انضمت إليه إيران لاحقا» لأن غاتيلوف اعتبره «ما زال قائما». لكنه بالمقابل، اعترف بالحاجة إلى «دعم وانخراط كل الأطراف فيه». وكانت المعارضة المسلحة رفضت المشاركة في «آستانة 3» تحديدا بسبب انتهاكات وقف النار. ودأب المسؤولون الروس بدءا من الرئيس بوتين على التأكيد أنه لولا «آستانة» لما أتيحت الفرصة لمعاودة محادثات جنيف. وبحسب المسلط، فإن جولة آستانة المقبلة «هدفها التمهيد لنجاح ما يحدث هنا في جنيف». وربط المسلط بين تحقيق تقدم في احترام وقف إطلاق النار وبين قبول الفصائل المسلحة العودة إلى المشاركة في اجتماعات آستانة.
حقيقة الأمر، أن الشعور السائد حاليا في جنيف هو أن الوسيط الدولي في حاجة إلى «إنجاز» يمكن البناء عليه، وتبرير جولة محادثات مقبلة، ولا يمكن أن يتحقق من خلال ترك الحرية لكل طرف لأن يناقش الملف الذي يرغب في مناقشته. ولذا؛ تقول مصادر دبلوماسية غربية إنه «يتوجب على دي ميستورا أن يتوصل إلى ردود من الطرفين على المسائل التي نصت عليها «اللا ورقة» التي قدمها يوم السبت للوفود السورية كافة.
في هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن المندوبين الأميركي والتركي تدخلا بحزم، في اجتماع مع وفد الهيئة العليا، لدفعه إلى قبول تسلم «لا ورقة» المبعوث الدولي. وأمس، قال رئيس الوفد، نصر الحريري: إن اللقاء مع دي ميستورا الذي وصفه «ككل مرة» بـ«الجيد»، تركز على العملية الانتخابية «وهي إحدى السلال الأربع» وعن كيفية عمل هيئة الحكم الانتقالية بعد تشكيلها للتحضير للانتخابات المختلفة وفق منطوق القرار 2254، وانسجاما مع معايير الشفافية.
وأمل الحريري ألا تذهب هذه النقاشات سدى، وأن تكون «في إطار التقدم نحو العملية السياسية».
بيد أن الإنجاز المرتقب وفق مصادر دبلوماسية غربية في جنيف: «يتعين ترقب مؤشراته من الخارج» وتحديدا من واشنطن، وهي تؤكد أن الفراغ الأميركي موضع شكوى في كواليس قصر الأمم.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.