أكد يوسف الشاهد، رئيس الوزراء التونسي، أن الحكومة أوفت بقسم كبير من تعهداتها التي تضمنتها «وثيقة قرطاج»، الموقعة نهاية أغسطس (آب) من السنة الماضية، موضحا أنها لا تزال متمسكة بتنفيذ كل بنود الوثيقة، ولن تخرقها، خصوصا أنها قطعت شوطا مهما في تنفيذها، وتعمل حاليا على تجاوز التحديات المطروحة أمامها.
وركز الشاهد، في خطابه أمام البرلمان أمس، على ملفات الأمن والفساد والاقتصاد، معتبرا أن الحرب على الإرهاب لا يمكن خوضها بالسلاح والعتاد فقط، بل تحتاج أيضا إلى الثقافة والفكر والمعرفة، واعتماد استراتيجية وطنية قوية في مكافحة الإرهاب.
وأضاف رئيس الحكومة في الجلسة البرلمانية المخصصة للتصويت على منح الثقة إلى عضوي الحكومة الجديدين، أحمد عظوم وزير الشؤون الدينية، وعبد اللطيف حمام وزير الدولة المكلف التجارة، أن أول رهان عملت حكومة الوحدة الوطنية على تحقيقه هو الحرب على الإرهاب، مبرزا أنها أوفت بوعودها.
وبخصوص حملة التشكيك التي تقودها المعارضة من خلال انتقاداتها المتكررة للوضع الاقتصادي والاجتماعي، وإشارتها إلى تطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي في المجال الاقتصادي، أكد رئيس الحكومة أن بلاده تسير في الطريق «الصحيح»، لكن وضعها الاقتصادي ما زال «صعبا»، آملا في انتعاش قطاع السياحة هذا العام، قائلا في هذا السياق: «نحن على السكة الصحيحة، لكن الوضع صعب، لأن النمو (الاقتصادي) متعطل منذ 6 سنوات، ولأنه ما زال عندنا أكثر من 600 ألف عاطل عن العمل، ولأن وضع المالية العمومية ما زال دقيقا وما زال حرجا»، مشددا على أنه «على قدر ما نجحت بلادنا في مسارها السياسي وانتقالها الديمقراطي، فإنها أخفقت في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتنمية».
وأوضح يوسف الشاهد، في خطابه، أن تحسن الوضع الأمني «ينعكس بصفة فورية ومباشرة على الوضع الاقتصادي»، خصوصا السياحة والاستثمار، ولفت إلى «عودة إنتاج ونقل الفوسفات إلى نسب قياسية قريبة من سنة 2010». كما توقع يوسف الشاهد ارتفاع عدد السياح في 2017 «بنسبة 30 في المائة ليصل إلى 6.5 ملايين»، داعيا البرلمان إلى «رفع العراقيل التشريعية والإدارية» التي عطلت «إنجاز المشاريع (الكبرى) في القطاعين العام والخاص»، وشدد في هذا السياق على المصادقة على «قانون الطوارئ الاقتصادية» الذي ينتظر تطبيقه على ثلاث سنوات.
وخلال تدخلات نواب البرلمان، انتقد حمة الهمامي، النائب عن تحالف الجبهة الشعبية المعارض، التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة، وقال إنه أكد مدى استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها الحكومة، ووصفه بأنه دليل على الارتباك، خصوصا بعد إلغاء وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة وإلحاقها برئاسة الحكومة، بعد رفض المرشح خليل الغرياني للحقيبة الوزارية عوضا عن عبيد البريكي المقال.
وأضاف الهمامي أن الحكومة لا تريد أن تعترف بخضوعها لإملاءات صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى بيع مساهماتها في المؤسسات العمومية، وإيقاف الانتدابات في القطاع العام، والفوضى في مختلف الصناديق الاجتماعية، واعتبرها دلائل دامغة على الإملاءات الخارجية.
وفي مجال مقاومة الفساد، قال الشاهد إن الحكومة أنهت مشروع قانون «من أين لك هذا؟»، وسيتيح آليات مساءلة لأي عضو في الدولة عن مصادر أمواله وإجباره على التصريح بمكاسبه حتى لا يتعرض للمساءلة. وأكد في السياق ذاته الاستعداد للتصديق على قانون الإثراء غير الشرعي، الذي سيخضع له رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضاؤها والبرلمان، والسلطة القضائية وجميع كبار الموظفين العموميين، ورجال الأمن والجمارك، بالإضافة إلى أعضاء المجالس المنتخبة وأعضاء الهيئات الدستورية المستقلة ورؤساء الأحزاب، وهو ما سيضيق الخناق على كل أشكال سوء التصرف والإثراء غير المشروع.
وأوضح الشاهد أن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تتمتع بصلاحيات كافية في التقصي عن شبهات الفساد، واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الهياكل المعنية، كما تم منحها صلاحية جمع المعلومات وحشد الوثائق والمعدات والاستنجاد بالسلطات لتنفيذ عملها، مشددا على أن الحرب على الفساد «تحتاج للأسلحة والعتاد اللازم للانتصار عليه».
لكن خطة الحكومة لمقاومة الفساد لم تسلم من انتقاد المعارضة، حيث اعتبر عمار عمروسية، من تحالف الجبهة الشعبية، أن الحكومة تدعي مقاومة الفساد والإرهاب، لكنها في الواقع لا تفعل إلا القليل، على حد قوله.
وفي المقابل، دعا حسين الجزيري، النائب عن حركة النهضة الداعمة لحكومة الشاهد، إلى منح الحكومة الفرصة حتى تتمكن من العمل وتنفيذ برامجها. واعتبر الخلافات بين السياسيين عائقا ضد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
الشاهد: الوضع في تونس ما زال صعباً
المعارضة لا ترى أثراً للإصلاحات... وتتهم الحكومة بالخضوع لإملاءات صندوق النقد
الشاهد: الوضع في تونس ما زال صعباً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة