أقام مجلس «خبراء القيادة» الإيرانية أول اجتماعاته، أمس، بعد رحيل الرجل الثاني في إيران علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وشهد الاجتماع انتقادات وجهها رئيس المجلس أحمد جنتي إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني حول الأوضاع الاقتصادية وعدم شفافية الحكومة مع الشعب، كما حذر من عودة «الفتنة» مرة أخرى إلى البلاد، وبالتزامن مع ذلك قال روحاني إن حكومته ستقدم تقريراً مفصلاً عن الاقتصاد خلال الأسابيع المقبلة. كما أعرب عن رفضه للانتقادات الأميركية حول انتخابات رئاسية غير حرة في إيران، مطالباً الحكومة الأميركية بإعادة النظر في الانتخابات الأميركية.
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، أول من أمس، قد اتهم أطرافاً بشكل غير مباشر بتشجيع الدول الغربية على ممارسة الضغوط الاقتصادية وتطبيق العقوبات، من خلال الكشف عن مواطن الضعف في الاقتصاد الإيراني، وطالب خامنئي المسؤولين بالتركيز على نقاط القوة بدلاً من التطرق إلى هشاشة الوضع الاقتصادي، إن أرادوا إبعاد سيناريو الهجوم عن إيران.
إلى ذلك، استغل جنتي، الذي يعد أحد أبرز وجوه التيار المحافظ، اجتماع مجلس «الخبراء»، أمس، لتوجيه انتقادات لاذعة لسياسة إدارة روحاني الاقتصادية.
وطالب جنتي، حسن روحاني، بتقديم تقرير عن الوضع الاقتصادي وتطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوِم» إلى الشعب الإيراني، وفي كلام موجه إلى روحاني الذي حضر الاجتماع وضع جنتي أمامه خيارين؛ أن يعلن خطوات حكومته من أجل تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم» أو إن تعذر ذلك «تقديم الاعتذار إلى الشعب وإعلان الأسباب وراء عدم حدوث ذلك».
ودخل مصطلح «الاقتصاد المقاوم» إلى الأدبيات السياسية الإيرانية لأول مرة في سبتمبر (أيلول) 2010، بعدما استخدمه المرشد الإيراني في تعليق له على العقوبات الدولية ضد إيران، واقترح خامنئي حينها تبنِّي سياسة تعتمد على الموارد الداخلية ضد العقوبات الدولية، وفرضت التسمية نفسها بقوة منذ أول خطاب لخامنئي، عقب إعلان التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1»، في يوليو (تموز) 2015، وكان المرشد الإيراني حينذاك اعتبر الاتفاق النووي ذريعة للتغلغل في دوائر صنع القرار عبر الانفتاح الاقتصادي، مشدداً على ضرورة مواصلة سياسة «الاقتصاد المقاوم» كخيار إيراني لمواجهة العقوبات الدولية.
وقال جنتي في الاجتماع السنوي الثاني لمجلس خبراء القيادة: «إن إحدى مآسينا أننا لا نقدم تقريراً للشعب الإيراني»، منتقداً المشكلات السياسية والثقافية في إيران والبطالة، وفقاً لما نقلته عنه وكالتا «مهر» و«إيلنا».
ورداً على تصريحات جنتي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن حكومته ستقدم تقريراً مفصلاً في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة، حول الخطوات التي اتخذها في إطار سياسة الاقتصاد المقاوم.
ويشكل الاقتصاد المقاوم صخرة يتعثر أمامها طموح روحاني لتشجيع دخول الاستثمار الأجنبي والتعاون الاقتصادي الإيراني مع الدول الغربية، لتحسين الوضع الاقتصادي.
وذكر روحاني أنه سيواصل سياسة الاقتصاد المقاوم «لأنه قوة للنظام»، وذلك في إشارة إلى خطاب خامنئي، أول من أمس، حول ضرورة إظهار نقاط القوة في النظام بدلاً من نقاط الضعف.
وتساءل جنتي عن الجهة المسؤولة عن الأزمات الحالية الداخل الإيراني قائلاً: «مَن الذي يجب أن يكون مسؤولاً مقابل كل ذلك؟ قضايانا السياسية في محلها، وقضية الفتنة في محلها».
وطالب بعدم التقليل من شأن ما اعتبره «فتنة» داخل إيران، وقال: «الفتنة لم تنطفئ في إيران والبعض يسعى وراءها».
وتشير تسمية «الفتنة» لدى المحافظين على التيار الإصلاحي والحركة الاحتجاجية التي أطلقها المرشحان السابقان مير حسين موسوي ومهدي كروبي، بعد إعلانهما رفض نتائج الانتخابات الرئاسية (2009)، التي فاز بها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية.
في السياق ذاته، أفاد جنتي بأن «أهل الفتنة لديهم مناصب في النظام»، ودعا أعضاء مجلس خبراء القيادة إلى أن يتحدثوا للإيرانيين عن «الفتنة» خلال خطب الجمعة.
وضمن تصريحاته شدد جنتي على ضرورة فرض الرقابة على الانتخابات الإيرانية المقبلة من قبل أعضاء مجلس خبراء القيادة. ووصف انتخابات مجالس البلدية التي تجري في كل المدن والقرى الإيرانية بـ«الكارثة»، لأنه «لا يعرف كيفية النظر في أهلية المرشحين»، ومن المقرر أن تجري بموازاة الانتخابات الرئاسية انتخابات مجالس شورى البلدية.
يُشار إلى أن جنتي يرأس لجنة «صيانة الدستور»، التي تدقق في أهلية المرشحين لمختلف الاستحقاقات الانتخابية في إيران.
وخلال الأيام الأخيرة، أعرب كل من نائب الرئيس الإيراني الأول إسحاق جهانغيري، ونائب رئيس البرلمان علي مطهري، عن تخفيف خامنئي القيود عن التيار الإصلاحي والتوصل إلى مخرج سياسي في قضية كروبي ومير حسين موسوي.
في غضون ذلك، أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أنه «لا يملك أيّ من ضباط وقادة الحرس الثوري الحق في التدخل السياسي والحزبي في الانتخابات»، وشدد جعفري في بيان مقتضب نشرته وكالة أنباء مخابرات الحرس الثوري (تسنيم) على أن الحرس الثوري سيأخذ وصايا المرشد الأول (الخميني) وأوامر المرشد الحالي (خامنئي) حول عدم الدخول إلى الانتخابات بعين الاعتبار، مطالباً الأجهزة الرقابية في الحرس الثوري بملاحقة ذلك «بدقة ومحاسبة المتجاوزين من دون أي اعتبار».
وخلال الأيام الأخيرة، ظهر قائد الحرس الثوري الأسبق محسن رضائي. وكان روحاني الأسبوع الماضي خلال مؤتمر اللجان التنفيذية للانتخابات طالب المسؤولين الإيرانيين بالاحتجاج على تدخلات المؤسسات العسكرية في الانتخابات، وإظهار التدخل للعلن إن حصل ذلك.
وكي لا يتأخر روحاني عن اللاعب الأول في المشهد السياسي للتيار المحافظ هذه الأيام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وجَّه رسالة إلى الحكومة الأميركية وطالبها بإصلاح قانون الانتخابات في أميركا، وخلال الأيام القليلة الماضية نشر موقع أحمدي نجاد رسالة موجهة إلى ترمب، واستخدم نبرة ودية لمطالبة ترمب بإصلاح النظام السياسي الأميركي، وإعادة النظر في الانتخابات.
وكان روحاني يرد على سياسيين أميركيين اعتبروا الانتخابات الرئاسية الإيرانية «غير حرة»، وقال روحاني إن الانتخابات الإيرانية «حرة ونزيهة وتنافسية وديمقراطية»، مضيفاً: «أعتقد أن من يريدون نقد الانتخابات الإيرانية يجب عليهم أن ينظروا لانتخاباتهم الأخيرة».
وتابع روحاني: «الانتخابات الأميركية الأخيرة شهدت احتجاج الجانبين، وحتى الرئيس الحالي قبل انتخابه شكَّكَ في سلامة الانتخابات، من أجل ذلك يجب على الأميركيين أن يتنبهوا لانتخاباتهم أكثر».
ضغوط على روحاني للكشف عن الأداء الاقتصادي لحكومته
الرئيس الإيراني يرفض الانتقادات الأميركية للانتخابات الرئاسية
ضغوط على روحاني للكشف عن الأداء الاقتصادي لحكومته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة