ألغام بحرية حوثية تهدد الملاحة الدولية في باب المندب

تقرير أميركي يدق ناقوس الخطر... والجيش اليمني يشدد على الحاجة لتطهير سواحل المخا والخوخة

مقاتل من الجيش اليمني يحمل رشاشه عند ميناء المخا بعد تحريره من الانقلابيين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش اليمني يحمل رشاشه عند ميناء المخا بعد تحريره من الانقلابيين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

ألغام بحرية حوثية تهدد الملاحة الدولية في باب المندب

مقاتل من الجيش اليمني يحمل رشاشه عند ميناء المخا بعد تحريره من الانقلابيين الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش اليمني يحمل رشاشه عند ميناء المخا بعد تحريره من الانقلابيين الشهر الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي حذر فيه المكتب الأميركي للمخابرات البحرية السفن التجارية من مخاطر عرقلة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، أكد الجيش اليمني أهمية سرعة التحرك لتطهير هذه المناطق من الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية من أجل الحفاظ على سلامة الملاحة المحلية والإقليمية والدولية.
وقال تقرير صادر عن «المكتب الأميركي للاستخبارات البحرية» إن الاعتداءات التي تستهدف السفن في مضيق باب المندب، وخصوصاً التجارية منها تحفز جهات فاعلة أخرى على التدخل، مبيناً أن البحرية الأميركية ستتولى بالضرورة الدور القيادي في أي جهد يرمي لحماية حرية مرور السفن.
من جانبه، أوضح اللواء محسن خصروف، رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن خطورة هذه الألغام شديدة على الملاحة البحرية وحركة السكان المحليين في المخا والخوخة وغيرهما من مناطق الساحل الغربي الذين يعتمدون على الصيد ويستخدمون القوارب الصغيرة لنقل البضائع، مشيراً إلى المخاطر الأخرى التي تستهدف الملاحة الدولية. وأضاف: «هذا الأمر يضع الجيش الوطني اليمني وقوات التحالف أمام مسؤولية كبيرة لتأمين السواحل، وفي هذه الحالة يكون الجيش اليمني بحاجة إلى مساعدة فنية ومعدات كشف الألغام البحرية لتطهير الساحل بالكامل». ويرى خصروف أن الانقلابيين عمدوا إلى تلغيم منطقة باب المندب القريبة من ميناء المخا خشية قيام قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن أو البحرية اليمنية بعمليات إنزال في هذه المنطقة وهو ما لم يحدث، على حد تعبيره.
ولفت رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش اليمني إلى أن ميناء المخا أصبح منفذاً هاماً لمحافظة تعز المحاصرة ومحافظات يمنية أخرى إلى جانب ميناء عدن، وقال: «لذلك التعجيل في تطهير الساحل من هذه الألغام يعد مسؤولية وطنية وإنسانية، ولا يملك الجيش اليمني مثل هذه الأجهزة، ولذلك فإن مساعدة دول التحالف والدول الكبرى مطلوبة في هذا المجال».
ووفقاً لتقرير «المكتب الأميركي للاستخبارات البحرية»، فإن إغلاق مثل هذا الممر المائي أمام السفن التجارية من شأنه أن يؤدي إلى زيادات كبيرة في تكاليف الطاقة الإجمالية وأسعار النفط العالمية.
ويكتسب مضيق باب المندب الذي يصل عرضه إلى 25 كيلومتراً أهمية كبيرة للملاحة العالمية، إذ من خلاله تمر السفن التجارية من خليج عدن إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى قناة السويس والبحر المتوسط، وهو من الممرات المزدحمة لنقل النفط في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. ويعبر منه يومياً أكثر من 60 سفينة تجارية، كما ينقل من خلاله نحو 3 ملايين و300 ألف برميل نفط يومياً.
وكانت الميليشيات الانقلابية في اليمن قد شنت هجمات عدة بالقرب من باب المندب، كان آخرها الشهر الماضي عندما هاجمت فرقاطة سعودية، واستهدفت قبلها سفينة إغاثية إماراتية، كما تعرضت سفينة أميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 لمحاولة استهداف فاشلة.
واعتبر اللواء محسن خصروف أن ما قاله قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، في الآونة الأخيرة عن وقوع مضيق باب المندب تحت سيطرة الشيعة ووصفه لذلك بالإنجاز الوطني، يعد بمثابة إدانة لإيران. وأردف خصروف: «سليماني في حديثه تحدث أن هؤلاء ذوي الأشكال البشعة والملابس الرثة (في إشارة إلى الحوثيين) تمكنوا من إنجاز ما لم يستطع إنجازه أصحاب البشرة البيضاء في الشام أو لبنان، وأصبح باب المندب تحت السيطرة الشيعية، وهذا يدين إيران بشكل واضح ومحدد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».