ضربات أميركية تلاحق «القاعدة» في اليمن لليوم الرابع على التوالي

التنظيم الإرهابي هاجم نقطة أمنية في أبين وقتل 5 جنود

يمني يسير إلى جوار غرافيتي لطائرات الدرون الأميركية... رسم على جدار في صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يسير إلى جوار غرافيتي لطائرات الدرون الأميركية... رسم على جدار في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

ضربات أميركية تلاحق «القاعدة» في اليمن لليوم الرابع على التوالي

يمني يسير إلى جوار غرافيتي لطائرات الدرون الأميركية... رسم على جدار في صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يسير إلى جوار غرافيتي لطائرات الدرون الأميركية... رسم على جدار في صنعاء (إ.ب.أ)

تواصلت لليوم الرابع على التوالي الضربات الجوية الأميركية ضد مواقع وتجمعات لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب باليمن، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية، في الوقت الذي قتل فيه 5 جنود يمنيين في هجوم للتنظيم استهدف نقطة تفتيش في محافظ أبين جنوب اليمن أمس.
وقال مسؤولون حكوميون يمنيون: «قتل 5 جنود وأصيب آخرون بجروح في هجوم لمسلحي القاعدة على نقطة تفتيش شمال بلدة شقرة بمحافظة أبين»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وذكرت المصادر ذاتها أن «مسلحي القاعدة سيطروا على النقطة الواقعة أعلى تلة العرقوب في الطريق المؤدي إلى مدينة لودر» ثاني أكبر مدن محافظة أبين.
ووسط هدوء في وتيرتها بالمقارنة مع يومي الخميس والجمعة الماضيين، استهدفت الضربات الأميركية مواقع في محافظتي البيضاء (وسط) وشبوة (جنوب) أمس، بعدما استهدفت أول من أمس موقعين في مدينة أحور التابعة لمحافظة أبين (شمال شرقي عدن)، في الوقت الذي شنت فيه ما لا يقل عن 30 غارة يومي الخميس والجمعة وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، التي قالت إنها تشن الضربات بالتنسيق مع الحكومة اليمنية. وتشير آخر الإحصاءات (غير الرسمية) التي قدرتها وكالات الأنباء، إلى مقتل ما لا يقل عن 22 قتيلاً خلال الغارات حتى أول من أمس.
وقالت مصادر أمنية إن طائرات أميركية استهدفت فجر الأحد بخمس غارات «مناطق جبلية، وهي يشبم والمحضرة والمسحاء في مديرية الصعيد بشبوة، فيما قصفت الطائرات الأميركية مجدداً قرية جاعر في مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء وأخرى استهدفت قرية الغيل». كما طال القصف الجوي، بحسب المصادر ذاتها، «قرية يكلا في البيضاء».
وقالت مصادر قبلية إن التنظيم «أفرغ كثيراً من المنازل التابعة لأعضائه في جميع المناطق التي استهدفت إلى مناطق جبلية في شبوة والبيضاء بعد الضربات الأميركية».
وكان السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر قال لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن تشن حالياً حملة قوية على «القاعدة» و«داعش» في اليمن، «هدفنا تحطيم هاتين المنظمتين الإرهابيتين اللتين لم تجلبا لليمن سوى الموت والخراب، والإيغال في القتل وإلحاق الأذى ببقية دول العالم، ومن ضمنه الولايات المتحدة. ونؤكد أن حربنا عليهما تسير بلا هوادة»، مضيفاً أن بلاده لن تفوت أي فرصة متاحة للقضاء على الإرهاب في اليمن.
وصعدت واشنطن منذ بداية عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب من ضرباتها ضد التنظيم في اليمن، ويقترب عدد الضربات المعلن عنها على الأقل خلال الشهرين الأخيرين من مجمل ضربات واشنطن ضد التنظيم نفسه في اليمن خلال أكثر من عام كامل.
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، عد باحثان يمنيان تحدثت معهما «الشرق الأوسط» التحركات الأخيرة تصعيداً كبيراً من واشنطن تجاه التنظيم الإرهابي.
وقال براء شيبان، الباحث في منظمة «ريبريف» البريطانية المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب: «أسلوب ترمب من خلال هذه العمليات يسير نحو التصعيد مع القاعدة، ويريد الظهور أمام الرأي الأميركي العام بأنه جاد في هذه الناحية».
ويرى الباحث السياسي اليمني نجيب غلاب أن السياسة الأميركية في عهد ترمب وضعت «القاعدة» و«داعش» أولوية في حروبها الخارجية، «وأصبحت الحرب مفتوحة وأكثر صرامة وحسماً والبحث عن إنجاز سريع قد يقود إلى فشلها، وهذا يتطلب تركيز الهجمات والتنسيق مع الشرعية والتحالف العربي لتكون النتائج إيجابية لا سلبية وخادمة للإرهاب القاعدي وإرهاب الحوثية».
ويضيف غلاب أن هدف تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الأساسي يتمثل في إسقاط الدول وبناء مناطق تكون قواعد لها لتصدير الإرهاب ونشر الخراب وفرض شريعة الغاب باسم «الشريعة الإسلامية»، ويتهمها بأنها «تتفق مع الحوثية بأن اليمن موطن لتصدير ولاية السيد العلم لتحكم العالم كما يدعي العقائديون الحوثيون وهم المتحكمون الفعليون بمسار الحركة، وهي ولاية لا يمكن فرضها إلا بالحروب والعنف والقهر»، ويقول إن أمن اليمن والإقليم والسلم والأمن الدولي يتطلب محاربة الإرهاب الحوثي وإرهاب القاعدة، معللاً بأنهما تستندان على الماضي لتبرير القتل والحرب وإذلال الناس والقضاء على الحرية وإدمان الرصاص والدم وتبريره بالجهاد، وآليات العمل واحدة، وإن اختلف التنفيذ والتبرير والتسويق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.