بعد انتقادها التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، السبت الماضي، طالبت الأحزاب السياسية، وبخاصة تلك التي تقف في صف المعارضة، بإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، والعودة إلى الحوار بعد اعتراف عدد من الأحزاب بانتهاء صلاحية «وثيقة قرطاج»، التي تشكلت على أساسها حكومة الوحدة الوطنية.
ووقعت على وثيقة قرطاج خلال الصيف الماضي ستة أحزاب سياسية، من بينها حزب النداء وحركة النهضة، علاوة على ثلاث منظمات نقابية، هي نقابة العمال، وجمعية رجال الأعمال ونقابة الفلاحين. وكان حزب الاتحاد الوطني هو أول حزب سياسي يعلن انسحابه من وثيقة قرطاج، بحجة انتهاء صلاحيتها.
في هذا الصدد قال سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، إن وثيقة قرطاج «أصبحت من دون معنى، وتم تجاوزها بالكامل بعد أن تبين أن دعوة الأحزاب للمشاركة في الحوار السياسي كانت صورية، واستعملت فقط لتمرير أجندات سياسية، ولدفع مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة إلى الانخراط في هذا المسار السياسي بعد إشراك نقابة العمال وجمعية رجال الأعمال».
في السياق ذاته، اعتبر كل من الحزب الاشتراكي وحزب العمل الوطني الديمقراطي، وهما من الأحزاب اليسارية، أن «وثيقة قرطاج» دخلت طي التاريخ، بعد الانحراف الذي حصل في أسلوب الحكم وهيمنة الحزبين الرئيسيين (النداء والنهضة) وانفرادهما بتقرير مصير البلاد، وتخلص الحكومة من التزاماتها تجاه الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج».
ومواصلة لهذه الهجمة الشرسة على الائتلاف الحاكم، دعت «جبهة الإنقاذ» (تحالف سياسي معارض يقوده حزب مشروع تونس وحزب الاتحاد الوطني الحر) إلى الدخول في جولة جديدة من الحوار السياسي، تؤسس لمرحلة جديدة، بعد أن استنفدت «وثيقة قرطاج» كل مراحلها. في هذا السياق، قال رضا بلحاج، وهو من القيادات المنشقة عن حافظ قائد السبسي في حزب النداء، لـ«الشرق الأوسط»، إن توجهات الحكومة الحالية تتناقض مع مبادئ «وثيقة قرطاج» التي تشكلت على أساسها حكومة الوحدة الوطنية، مبرزا أنها لم تعد تستجيب لتطلعات التوافق الوطني الذي تأسس قبل نحو سبعة أشهر، على حد تعبيره. ودعا بلحاج إلى الدخول في توافق وطني يؤسس لمرحلة سياسية جديدة، والاتفاق بشأن عدد من البرامج الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الخوصصة، والتعامل مع أزمة الصناديق الاجتماعية، وعدد من الملفات الاجتماعية الصعبة، وأضاف موضحا، أن هذا التوجه يستدعي فتح حوار تشارك فيه مختلف الأطراف التي ساهمت في «وثيقة قرطاج»، إلى جانب أطراف سياسية لم تشارك سابقا في تلك المفاوضات.
وسجل مراقبون للوضع السياسي غياب ممثلي حزب حركة مشروع تونس، الذي يتزعمه محسن مرزوق، عن هذا الاجتماع الذي عقدته جبهة الإنقاذ، وقد فاجأ هذا الحزب السياسي الساحة السياسية بإصداره بيانا أكد فيه تمسكه بوثيقة قرطاج، ودعا إلى ضرورة تغليب مصلحة الوطن على مصلحة الأحزاب. كما دعا حكومة يوسف الشاهد إلى تفادي أسباب التوتر والخلافات مع المنظمات النقابية ومراجعة سياستها الأحادية.
وبشأن مآل هذه «المواجهة» السياسية الجديدة وتأثيرها في العلاقة بين الائتلاف السياسي المشكل لحكومة الوحدة الوطنية مع أحزاب المعارضة، أوضح جمال العرفاوي، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماع العاجل الذي عقده حزب النداء وحركة النهضة، إثر صدور ردود الأفعال المناهضة للتعديل الوزاري، قطع الطريق أمام الطامحين للوصول إلى سدة الحكم، مؤكدا على المصلحة المشتركة التي تربط بين الحليفين السياسيين الأساسيين لتجاوز مرحلة الشك التي يمر بها كلاهما.
أحزاب المعارضة التونسية تدعو إلى جولة جديدة من الحوار السياسي
بحجة انتهاء صلاحية «وثيقة قرطاج» التي تشكلت على أساسها الحكومة
أحزاب المعارضة التونسية تدعو إلى جولة جديدة من الحوار السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة