السلطات الألمانية تحظر مسجد «فصلت» في برلين

بعد حملة مداهمات ساهم فيها 460 شرطياً

رجال الشرطة الألمانية يصادرون مواد وأدلة من مسجد «فصلت» في برلين أمس («الشرق الأوسط»)
رجال الشرطة الألمانية يصادرون مواد وأدلة من مسجد «فصلت» في برلين أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السلطات الألمانية تحظر مسجد «فصلت» في برلين

رجال الشرطة الألمانية يصادرون مواد وأدلة من مسجد «فصلت» في برلين أمس («الشرق الأوسط»)
رجال الشرطة الألمانية يصادرون مواد وأدلة من مسجد «فصلت» في برلين أمس («الشرق الأوسط»)

بعد أكثر من شهرين على اعتداء الدهس في برلين، أصدرت السلطات الألمانية قراراً بحظر مسجد كان يتردد عليه منفذ الاعتداء، التونسي أنيس العامري. كما فتشت عدة عقارات، من بينها منازل ومقار شركات وكثير من الغرف في سجنين في برلين. ووصف أندرياس غايزل، وزير داخلية برلين، مسجد «فصلت 33» في حي موابيت البرليني بـ«عش للإرهابيين»، من أمثال التونسي أنيس العامري. وقال الوزير يوم أمس (الثلاثاء)، في مؤتمر صحافي أعقب حظر ومداهمة بيوت مؤسسي الجمعية، إن الإرهاب لا مكان له ببرلين. وشارك في حملة المداهمات، التي شملت 24 هدفاً، 460 شرطياً تدعمهم وحدات مكافحة الإرهاب. وجاء في بيان صحافي لشرطة برلين أن الحملة، التي بدأت في الساعة الساسة صباحاً، شملت مبنى المسجد المغلق في شارع بيرلبيرغر، و14 شقة، ومخزنين تجاريين و6 زنازين يقبع فيها مسؤولو الجمعية في سجني موابيت وتيغل. وداهمت الشرطة في الوقت ذاته هدفاً في رودرزدورف في ولاية براندنبورغ وهدفاً آخر في ولاية هامبورغ.
وكانت أحزاب المعارضة في البرلمان الألماني قد انتقدت حملات المداهمة «الاستعراضية» التي يشارك فيها هذا العدد الهائل من رجال الشرطة، ولا تسفر عن اعتقالات بسبب عدم كفاية الأدلة، كما حصل ذلك مع اعتقال جزائري نيجير بتهمة دعم الإرهاب في غوتنغن قبل أسبوع. وعزت الشرطة الاتحادية حملاتها الكبيرة بضرورات «إفزاع» الإرهابيين وتحجيم نشاطهم. وصدر قرار حظر جمعية ومسجد «فصلت 33» عن المحكمة الإدارية ببرلين، في ضوء تقرير للنيابة العامة في العاصمة. ويقضى القرار بمصادرة ممتلكات الجمعية ومطالبة البنوك المعنية بتزويد النيابة العامة بحركة حسابات الجمعية طوال الأشهر الستة الماضية. اعتبر وزير داخلية برلين حظر جمعية فصلت نجاحاً مهماً للحملة على الإرهاب في ألمانيا. وأضاف أنه أشارة إلى بقية المتشددين بأن التحريض على التشدد والكراهية لا مكان له ببرلين. وأعلن عن إجراءات متشددة ضد جمعيات أخرى مماثلة ببرلين، مضيفاً أن العاصمة ليست مكاناً «لمشعلي الحرائق» الدينيين.
وقال غايزل: «نتحدث اليوم عن مسجد فصلت، لكن عيننا تلاحق متشددين آخرين تجمعهم نفس الأهداف». وتحدث كمثل عن مسجد النور في حي «نوي كولن» البرليني، لكن دون الإشارة إلى قرار حظر محتمل أو وجود تحقيق سري حول نشاط هذا المسجد. وبرر الوزير غايزل حظر جمعية فصلت على أساس ملاحقة معظم أعضاء الهيئة الإدارية بتهمة دعم الإرهاب، وإدانة البعض منهم بتهمة التحضير لعمليات تهدد أمن الدولة. وأشار إلى أن 3 من أعضاء الهيئة الإدارية يقيمون الآن في السجون بتهمة دعم الإرهابيين، ورابعا تعرض للاعتقال رهن التحقيق بنفس التهمة، وخامسا (أصغرهم سناً) متهم بالتحضير لعمليات إرهابية تهدد أمن الدولة. وأكد الوزير أن قرار حظر «فصلت 33» تخطى جميع الحواجز القانونية، ولم يصدر إلا بعد أن انطبقت جميع شروط الحظر عليه. وكان منفذ عملية الدهس ببرلين، أنيس العامري، على صلة بقيادة جمعية فصلت. وقال تورستن أكمان، الوزير في وزارة داخلية برلين، إن قرار حظر جمعية «فصلت 33» رفع إلى المحكمة في فبراير (شباط) 2016. وعلل أكمان تأخر صدور القرار بمشكلات «إدارية» منها مرض الموظف المسؤول عن الملف. وأشار إلى أن الجمعية أغلقت أبواب المسجد في موابيت، وأفرغته من محتوياته، إلا أنها لم تعلن حل نفسها. وأضاف أن قرار الحظر سيجرد المسؤولين عن المسجد من إمكانية تشكيل جمعية أخرى باسم آخر بأسمائهم. من ناحيته، قال فينفريد فينزل، المتحدث الصحافي باسم شرطة برلين، إن الشرطة تعرف بالطبع أن الجمعية قد فرغت المسجد من محتوياته، لكن الهدف من مداهمته مجدداً هو التعرف على طرق وأساليب عمل الجمعية. واعتبر المداهمات الأخرى حملات لجمع الأدلة عن نشاط وأعضاء الجمعية، وخصوصاً عن مصادرها المالية. ومعروف أن الإرهابي أنيس العامري (24)، الذي نفذ عملية الدهس الإرهابية ببرلين التي أودت بحياة 12 شخصاً، كان من رواد «فصلت 33». كما صورته كاميرات الفيديو السرية خارجاً من المسجد قبل ساعات من تنفيذه العملية الإرهابية. ونفذ العامري الجريمة في سوق لأعياد الميلاد في قلب برلين، ونجح في الهروب وصولاً إلى إيطاليا، حيث أرداه شرطي إيطالي في محطة للقطارات في ميلانو. وسبق أن تعرض مسجد «فصلت 33» إلى حملتي مداهمة بتهمة دعم الإرهاب وجمع التبرعات للإرهابيين وتجنيد المتطوعين للحرب في سوريا والعراق إلى جانب تنظيم داعش. وأسفرت الحملتان عن مصادرة وثائق وكومبيوترات وأجهزة خزن معلومات إلكترونية وغيرها. وهو يخضع منذ أعوام إلى رقابة دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة)، وتصنف الشرطة 10 من رواده الأساسيين في قائمة «الخطرين»، وتتحدث عن سجلات إجرامية لعدد كبير من أعضائه من الشيشانيين والأتراك. ويمثل رئيس الجمعية عصمت د.، الذي يلقب نفسه بالـ«أمير»، أمام محكمة برلين بتهمة تجنيد الإرهابيين للقتال إلى جانب «داعش».
وكشف جو غرول، خبير الإرهاب في راديو برلين وبراندنبورغ، أن تحليل أجهزة خزن المعلومات الإلكترونية، كشف عن خطب تدعو صراحة إلى المشاركة في القتال و«قتل الكفار». كما عثرت الشرطة في هذه المواد على أفلام دعائية تمجد عمليات تنظيم داعش الإرهابي.
إلى ذلك، كشفت صحيفة «زود دويتشه»، الواسعة الانتشار، أن وزارة الداخلية في ولاية بافاريا أعدت حزمة جديدة من القوانين والإجراءات الرادعة للإرهاب. وتخطط الوزارة، من بين قوانين أخرى، إلى توسيع صلاحيات قضاة الولاية بما يتيح لهم الأمر بسجن الخطرين احترازياً لفترة غير محددة. ويفترض، بحسب هذه التغيرات، أن يستجيب القضاة بسرعة لطلبات الشرطة الخاصة بحبس المشتبه بهم وقائياً.
وجاء في الصحيفة، التي تصدر في عاصمة الولاية ميونيخ، أن وزارة الداخلية تتخطى بهذا الإجراء قانون مراقبة الخطرين بالقيود الإلكترونية. كما تعمل على تخطي القانون الألماني الذي يجيز الحبس الاحترازي لبضعة أيام فقط، ما لم يرتكب المتهم جناية ما تبرر استمرار حبسه. علما بأن ولاية بادن فورتيمبرغ تسعى أيضاً لتمديد فترة السجن الاحترازي لـ«الخطرين» إلى أسبوعين.
وعبر أولريش شيلينبيرغ، رئيس نقابة المحامين الألمان، عن قلقه من الحبس الاحترازي غير المحدد الذي يتعارض مع قوانين الحرية في الدستور الألماني. كما حذر أولف بروماير، رئيس «اتحاد قوانين الحرية»، من إساءة استخدام القانون لأغراض لا تتعلق بالإرهاب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».