غموض «التفاصيل» يخيم على انطلاقة «جنيف 4»

التجاذبات حول تمثيل وفود المعارضة كادت تخرب الجلسة الافتتاحية

دي ميستورا يرحب بالوفود في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا يرحب بالوفود في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

غموض «التفاصيل» يخيم على انطلاقة «جنيف 4»

دي ميستورا يرحب بالوفود في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا يرحب بالوفود في جنيف أمس (أ.ف.ب)

نجح المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أمس، في تلافي انهيار محادثات الجولة الرابعة من «جنيف» قبل أن تبدأ، بأن أقنع أطراف المعارضة السورية بالجلوس في وفد واحد في الجلسة الافتتاحية التي تأخر انعقادها من الثالثة إلى السابعة مساء. وخصصت للمعارضة، التي جلست إلى يسار المبعوث الدولي، طاولة كبيرة لوفد الهيئة العليا، وطاولتان صغيرتان لوفدي منصتي القاهرة وموسكو. واقتصرت جلسة الافتتاح على كلمة المبعوث الدولي بحضور ممثلين عن أعضاء مجلس الأمن وعن مجموعة الدعم لسوريا.
وسعى دي ميستورا إلى إعطاء بعد تاريخي لكلمته مذكرا باللحظات التاريخية التي شهدها مقر الأمم المتحدة في جنيف، وتوجه إلى السوريين نظاما ومعارضة، وللآخرين، قائلا: «لنبق نصب أعيينا مصلحة سوريا وشعبها، ولنعمل معا لحقن دماء السوريين وإرساء الدعامة لتكون سوريا في سلام مع نفسها وموحدة». وأضاف دي ميستورا: «هذه فرصتكم ومسؤوليتكم حتى لا تعيش الأجيال الصاعدة المآسي والنزاعات الدموية والمريرة». وذكر دي ميستورا برغبة المجتمع الدولي في أن يضع حدا للنزاع السوري «من خلال حل سياسي سيتم التفاوض بشأنه»، عادًا أن ما جاء به اجتماعا آستانة «وفر الفرصة للمضي في العملية السياسية التي لا نريد إضاعتها».
ودافع دي ميستورا عن دوره في تطبيق القرار «2254» وعن صلاحياته وتوجيه الدعوات لمن له أن يشارك في المؤتمر، مشيرا إلى أن تقدما «أحرز في الأيام؛ لا بل الساعات الأخيرة» فيما خص المعارضة، وذلك في إشارة إلى الصعوبات التي واجهها في التوصل إلى وفد موحد، ربما جغرافيًا، ولكن ما زالت المواقف متباعدة بين مكوناته فيما يخص المسائل السياسية.
وحث دي ميستورا المعارضة على «الاستمرار وعلى مزيد من العمل». وأشار المبعوث الأممي إلى أن العمل سيبدأ «هذه الليلة (ليلة أمس) واليوم وفي الأيام المقبلة». وكان أول من أمس قد أشار إلى أن ما يحدث حاليا في جنيف ليس سوى البداية، وأنه ستكون هناك حاجة لجولات جديدة؛ أكان في جنيف «للجوانب السياسية» أو في آستانة «للمسائل العسكرية ووقف النار».
وكان الغموض قد بقي سيد الموقف في جنيف؛ حيث تواصلت المشاورات والمناكفات حتى الدقائق الأخيرة قبل رفع الستار عن الجلسة الافتتاحية «البروتوكولية»، بسبب الترتيبات الخاصة بتمثيل المعارضة بوفودها الثلاثة. ولم تكن الاجتماعات الثنائية التي عقدها المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا مع وفد النظام، ثم مع وفود المعارضة (وفد الهيئة العليا ووفدا منصتي القاهرة وموسكو) للتفاهم على الترتيبات الأخيرة، كافية طيلة النهار لدفع الجميع للاتفاق على الترتيبات الشكلية، بعد أن رفض وفد الهيئة العليا أن يتم التعامل مع منصتي القاهرة وموسكو بوصفهما وفدين منفصلين، وطالب بضم ممثلين عنهما إليه. ويتشكل كل من الوفدين الأخيرين من 5 أشخاص، وجاء الخلاف على عدد الأشخاص المفترض أن ينضموا إلى وفد المعارضة.
حقيقة الأمر أن إشكالية تمثيل المعارضة ليست جديدة، وسبق أن طرحت في «جنيف2» و«جنيف3» كما أنها طرحت في الأيام الأخيرة. وعلى ضوء ما حصل بعد ظهر أمس، يمكن فهم الأسباب التي دفعت بالمبعوث الدولي إلى التحذير، في مؤتمره الصحافي أول من أمس، من أنه «لن يقبل بأي شروط مسبقة»؛ ومنها الخاصة بتمثيل المعارضة، معتمدا في ذلك على قراءته وفهمه للقرار الدولي رقم «2254» الذي يعطيه دورا لا يصل إلى حد تشكيل الوفد وهو ما ترفضه المعارضة. لكن الشعور العام في جنيف أن دي ميستورا «استجاب» للضغوط التي مارسها عليه الطرف الروسي، فقام بتوجيه دعوات إلى منصتي القاهرة وموسكو تحت اسم الوفدين. ودفعت هذه التعقيدات وفود المعارضة؛ وأولها وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى عقد اجتماع مطول في مقر إقامته في جنيف لبلورة موقف يمكن الدفاع عنه والتمسك به.
وكادت هذه التجاذبات حول موضوع التمثيل تدفع إلى «تخريب» الجلسة الافتتاحية؛ وتحديدا إلى خروج وفد الهيئة العليا للمفاوضات بسبب تمسك كل طرف برأيه؛ بين متمسك بوجود وفد واحد للمعارضة، وراغب في تمثيل منفصل. وقال السفير الروسي لدى المؤسسات الدولية في جنيف ألكسي بورودافكين إن بلاده «آسفة» لعدم مشاركة منصتي حميميم وآستانة في «جنيف»، مضيفا أنه «من غير مشاركة المعارضة المعتدلة المستعدة لإبرام توافقات مع النظام، فإن التسويات ستكون صعبة التحقيق». وشدد السفير الروسي على أنه من «الضروري» أن يتم العمل على تنفيذ القرار «2254» بكامل فقراته ومنها محاربة الإرهاب. وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» إنها «نصحت» المعارضة بأن تبقى في جنيف «مهما حصل» وأنها تلقت «تطمينات» منها بهذا الشأن. ودعت هذه المصادر المعارضة إلى التركيز على خطتها الانتقالية التي عرضتها في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بمناسبة اجتماعات لها مع داعميها في لندن.
من جانبه، قال جهاد المقدسي (من منصة القاهرة) عقب لقائه وعضو الوفد جمال سليمان، إن وفده «جاء إلى جنيف من أجل إنجاح مساعي وجهود المبعوث الأممي»، مؤكدا أن «المهم ليس توحيد الأشخاص؛ بل الرؤى»، مضيفا أن هناك «نوعا من التنسيق» بين الوفود الثلاثة للمعارضة. وقال جمال سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن الخلاف، وفق مصادر المعارضة، ينسحب أيضا على تشكيل اللجان المفترض أن تتشكل سريعا من أجل البدء بالعمل على الملفات الثلاثة المنصوص عليها في إطار البيان الدولي رقم «2254» تحت عنوان عريض هو «عملية الانتقال السياسي». وهي: لجنة تشكيل الحكم الجديد الشامل والتمثيلي وغير الطائفي، ولجنة التحضير للدستور الجديد، ولجنة الانتخابات. وقالت مصادر المعارضة التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن كل ملف من هذه الملفات؛ خصوصا الأول منها، يحتاج إلى جولات من التفاوض، لأن المواقف منها متباعدة بين النظام من جهة؛ والمعارضة كمجموعة وبين كل وفد من الوفود الثلاثة. وفي هذا السياق، أشارت المصادر الأوروبية إلى أن «ضعف» موقف المعارضة في الوقت الراهن يرجع إلى أن الطرف الأميركي «لا يعرف ما يريد» وليس له خطة في سوريا بانتظار أن تنتهي الإدارة من «مراجعة» سياستها.
وتوقفت مصادر المعارضة وكذلك مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس عند التصريحات التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي رسم فيها عمليا الرؤية الروسية التي يمكن اختصارها بعبارتين: «استقرار السلطات الشرعية» من جهة؛ و«توجيه ضربة حاسمة للإرهاب» من جهة أخرى. وإذا كان موضوع الإرهاب لا يطرح أي مشكلة للمعارضة أو للأطراف التي تدعمها، فإن هدف «المحافظة على السلطات الشرعية» يعني عمليا بقاء النظام كما هو وعلى رأسه رئيس النظام بشار الأسد. وترى هذه المصادر أن التوقيت ليس «صدفة» وأن الرئيس الروسي «أراد، عن بعد، فرض رؤيته على مجريات (جنيف4)»، الأمر الذي يمكن أن ينعكس تصلبا في مواقف وفد الهيئة العليا للمفاوضات. كذلك لم تتوقف «التهديدات» عند رؤية الرئيس الروسي؛ لا بل إن رئيس النظام السوري شخصيا، وفق معلومات تم تداولها أمس في جنيف ولم يتم التحقق منها بشكل مؤكد، كلف دي ميستورا نقل رسالة لرئيس وفد المعارضة نصر الحريري، مفادها أنه «في حال فشل المفاوضات، فسيفعل الأسد بإدلب ما فعله بحلب».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.