دخول مطار الموصل يمهد الطريق إلى المدينة

جرح جنود أميركيين في العملية... والعثور على آثار تابعة للجامعة داخل مقر لـ«داعش»

جنود عراقيون في طريقهم إلى مطار الموصل أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في طريقهم إلى مطار الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

دخول مطار الموصل يمهد الطريق إلى المدينة

جنود عراقيون في طريقهم إلى مطار الموصل أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في طريقهم إلى مطار الموصل أمس (أ.ف.ب)

تمكنت قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية العراقية، أمس، من اقتحام مطار الموصل، وتحرير معظمه خلال ساعات، تحت غطاء جوي، بعد انهيار دفاعات تنظيم داعش، فيما حررت فرقة تابعة للعمليات الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب معسكر الغزلاني، جنوب المدينة.
وكشفت مصادر عسكرية أن طيران التحالف الدولي والجيش العراقي وجه ضربات مكثفة إلى مواقع التنظيم وتحركاتهم خلال الهجوم، مشيرة إلى «مقتل العشرات من مسلحي التنظيم في معارك تحرير المطار والمعسكر» اللذين يحتلان موقعًا استراتيجيًا مهمًا في جنوب غربي الموصل.
ويعتبر المطار والمعسكر نقطتين مفصليتين في معركة اقتحام عمق الجانب الغربي من الموصل، حيث يتوقع أن تخوض القوات حرب شوارع صعبة بسبب ضيق الطرق في المدينة القديمة.
ومع بداية اقتحام المطار، فجر أمس، قال قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات نفذت عملية التفاف ومباغتة فائقة السرعة، واقتحمت المطار من محاور عدة، وحررت أكثر من نصف مساحته، وتواصل تطهير ما تبقى من جيوب إرهابيي (داعش) وأفخاخهم».
ونفذت القوات عملية تطهير واسعة للأجزاء الشمالية من المطار، التي انتشر فيها خبراء الألغام والمتفجرات، بحثًا عن العبوات الناسفة والمركبات التي فخخها التنظيم، قبل أن يفر من المنطقة باتجاه الأحياء الأولى من جنوب غربي الموصل.
وقال مسؤول أمني مشارك في العملية إن التنظيم «استخدم الوسائل كافة لإيقاف تقدم القوات العراقية، من العجلات المفخخة التي يقودها الانتحاريون وطائرات الدرون التي تحمل القنابل، وكذلك قناصته الذين نشرهم على أسطح المباني والمنازل القريبة من المطار ومعسكر الغزلاني، لكن من دون جدوى، فدفاعاته سرعان ما انهارت أمام تقدم القوات الأمنية التي ساندتها المدفعية والطائرات.
وتلعب قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، دورًا رئيسيًا في دعم القوات العراقية، من خلال ضربات جوية ومستشاريها على الأرض. وشوهدت، أمس، قوات أميركية تتقدم بآليات مدرعة، إلى جانب القوات العراقية، باتجاه المطار. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم قوات التحالف، الكولونيل جون دوريان، أن الجنود الأميركيين «تعرضوا لإطلاق النار في أوقات مختلفة، وردوا على مصادر النيران في أوقات مختلفة، داخل الموصل وحولها».
ولن تقوم القوات الأميركية بدور قتالي فعلي، لكنها أصبحت أخيرًا على مقربة من الجبهة. ورفض دوريان توضيح ما إذا كان أي من الجنود قد أصيب في الهجمات، لكن مصدرًا عسكريًا أشار إلى أن عددًا من الجنود تطلبت حالاتهم إجلاء طبيًا من ساحة المعركة.
وتمكنت الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش العراقي من تحرير منطقة تل الريان، واقتحام منطقة تل الرمان الاستراتيجية، والوصول إلى مشارف حي المأمون، أول الأحياء الغربية من الجانب الأيمن من الموصل. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى هاشم البريفكاني، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات «تمكنت من الوصول إلى مشارف حي المأمون الذي شهد مناوشات بين القوات الأمنية وإرهابيي (داعش)». وتوقع أن تحسم القوات الأمنية معركة الجانب الأيمن «في وقت قياسي».
وكشف أن «عدد قتلى التنظيم خلال معارك أمس، داخل المطار، بلغ بحسب المعلومات الأولية الواردة إلينا أكثر من 60 مسلحًا. أما في الأحياء التي شهدت المناوشات، فعدد القتلى غير معروف حتى الآن، لأن الاشتباكات والمناوشات مستمرة على مشارف هذه الأحياء».
وألقت طائرة عسكرية، مساء أول من أمس، آلاف الرسائل التي كتبت بخط اليد موقعة من أهالي الجانب الشرقي، وموجهة إلى سكان القسم الغربي من الموصل. وجاء في إحداها: «اصبروا، وتعاونوا، وساعدوا بعضكم بعضًا... الخلاص من الظلم بات قريبًا». وكتب في أخرى: «ابقوا في منازلكم، وتعاونوا مع القوات الأمنية؛ هم إخوانكم جاؤوا ليحرروكم».
من جهة أخرى، قال الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، لـ«الشرق الأوسط»، إن مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية عثرت، أمس، على آثار تابعة لجامعة الموصل في الجانب الأيسر من المدينة، «بناء على معلومات استخباراتية دقيقة». وأضاف أن الآثار «كانت مخبئة في إحدى الدور التي كان إرهابيو (داعش) يتخذونها مقرًا في الجانب الأيسر». وأوضح أن «هذه الآثار تعود لمتحف التاريخ الطبيعي وقسم علوم الأرض في الجامعة، وسلمتها القوات إلى الجهات المختصة لإعادتها إلى مكانها».
ويستخدم تنظيم داعش طائرات من دون طيار لاستهداف القوات الأمنية والسكان المحليين في المناطق المحررة من الموصل. وقال العميد معن إن مقاتلي فوج طوارئ الشرطة الأول في نينوى أسقطوا، أمس، طائرة مسيّرة لـ«داعش»، قبل أن تتمكن من عبور خط الصد في منطقة الغابات.
وفي سياق منفصل، قتلت القوات الأمنية، أمس، انتحاريًا يقود سيارة مفخخة، عند محاولته دخول محافظة كربلاء. وقال الناطق باسم الداخلية إن القوات «تصدت لسيارة مفخخة من نوع جيب شيروكي، من دون لوحات، تحوي كمية كبيرة من المواد المتفجرة (أكثر من 25 لغمًا)، يقودها انتحاري في سيطرة معمل الأسمنت التي تبعد 120 كيلومترًا من محافظة كربلاء». وأوضح أن الانتحاري «كان ينوي استهداف المحافظة، لكن القوات الأمنية قتلته قبل وصوله إلى السيطرة، وفككت السيارة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.