أظهرت دراسة تابعة لمعهد استوكهولم للسلام، نشرت مؤخرا، أن المكسيك أصبحت ثاني أكبر مستورد للسلاح على مستوى القارة اللاتينية مما يضع البلاد في مركز يلي بلدا مثل فنزويلا في حجم الإنفاق العسكري.
المكسيك التي رفعت مستوى التسليح إلى نسبة تصل إلى 180 في المائة عن السنوات السابقة عزت هذه الإجراءات إلى التحديات الأمنية الهائلة التي تواجها البلاد في حربها على عصابات المخدرات وتأمين الحدود.
وتواجه المكسيك تحديات جمة تجعل البلاد في مفترق طرق للاختيار بين طريق التنمية الاقتصادية، الذي يتعارض مع زيادة الإنفاق العسكري، و تعزيز أمنها عن طريق زيادة التسليح بشكل كبير. وتحصل المكسيك على أغلب سلاحها من الولايات المتحدة الأميركية، وذلك عبر طريقين إما شراءه أو المنح التي تقدمها الولايات المتحدة لها، وحسب الإحصاءات الأخيرة فقد زودت الولايات المتحدة المكسيك بأكثر من 50 في المائة من احتياجاتها كما حصلت على 10 في المائة من احتياجاتها من إسبانيا بجانب تنويع مصادرها من جهات أخرى.
وتواجه المكسيك تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة منها السياسية والاقتصادية، وبخاصة بعد التطورات الأخيرة في علاقاتها مع جاراتها الولايات المتحدة الأميركية وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه البلاد، التي يعتبر فيها ترمب المكسيك تمثل تهديدا للولايات المتحدة بسبب قضايا الهجرة وتجارة المخدرات، التي تزدهر بشدة على الجانب المكسيكي؛ نظرا لاستغلال الأوضاع الأمنية المتردية في البلاد.
دراسة معهد استوكهولم أشارت أيضا إلى دول القارة اللاتينية بشكل عام وأوضحت أن دولا مثل فنزويلا استقبلت أكبر صفقات السلاح على مستوى القارة حتى عام 2016، كما أن مبيعات السلاح الروسي إلى فنزويلا وصلت إلى نحو 70 في المائة من احتياجاتها لتصبح روسيا المورد الأول للسلاح لكراكاس.
في الوقت ذاته، عكست الدراسة انخفاض معدلات التسليح في دول أخرى، وبخاصة الدول التي فضلت طريق التنمية مثل تشيلي وكولومبيا والأرجنتين والبرازيل، حيث تصدرت تشيلي القائمة لتكون أقل دولة في أميركا اللاتينية من حيث التسليح، وهو ما يعكس تغير سياسة البلاد التي تغيرت في العقديين الأخيرين في وقت كانت فيه تشيلي من أكبر مستوردي السلاح، كما عزا عدد من الباحثين ذلك أيضا إلى أن تشيلي بالفعل قد قامت منذ سنوات بتحديث ترسانتها العسكرية، وبالتالي فهي الآن في طور صيانة أسلحتها وهو ما لا يتطلب الإنفاق الضخم.
في هذه الأثناء خفضت كولومبيا أيضا من تسليحها، وذلك بسبب توصل حكومتها إلى اتفاق سلام مع الجماعات المسلحة، إضافة إلى انهيار أسعار النفط الذي أسهم في انخفاض عائداته مما دفع إلى تقليص النفقات.
وبينما تتجه دول إلى زيادة الإنفاق مثل المكسيك وفنزويلا لمواجهة تحديات أمنية، خفضت دول أخرى مثل تشيلي والبرازيل من وارداتها واختيار الإصلاح الاقتصادي طريقا للتنمية.
ويرى خبراء أمنيون وسياسيون أن التوتر الحاصل الآن بين أميركا والمكسيك قد يلقي بظلاله على كثير من أوجه التعاون السياسي والأمني؛ وذلك لأن مصير المساعدات العسكرية الأميركية ومبيعات السلاح أصبحت مجهولة الآن في ظل الأوضاع الحالية، مما قد يدفع المكسيك لتنويع مصادرها لتسليح الجيش، الذي يعتبر الواجهة الأولى لمحاربة عصابات المخدرات في البلاد وتأمين حدودها مع جارتها أميركا.
المكسيك في مفترق طرق: الاقتصاد أو الأمن
المكسيك في مفترق طرق: الاقتصاد أو الأمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة