بعد أربعة أسابيع في البيت الأبيض، لم يتوان دونالد ترمب عن التعبير عن غضبه. فقد وجه أمس الخميس، انتقادات حادة إلى وسائل الإعلام والقضاء وإلى الديمقراطيين المتهمين بتقويض جهوده.
وقد دافع ترمب الذي اعتمد الأسلوب الهجومي، عن بداياته في السلطة رغم شعوره الواضح بالإحراج والخيبة، وبدا على وشك فقدان السيطرة على نفسه.
ففي مؤتمر صحافي استغرق ساعة ونصف الساعة تقريبا، تحدث ترمب من بين مواضيع أخرى، عن شبح «محرقة نووية».
وخلافًا لكل الأدلة، استهل الرئيس الأميركي المؤتمر الصحافي بالقول إنّ إدارة ترمب الجديدة تعمل «مثل آلة مضبوطة بإحكام».
لكن الخطوات الأولى لهذا الرجل الجديد على الساحة السياسية كانت متعثرة على كل الصعد، في قمة الدولة: فقد نزل ملايين الأشخاص إلى الشوارع غداة تنصيبه، وتعرض لانتكاسة قضائية جارحة حول مرسومه الإشكالي المناهض الهجرة، وقدم أبرز مستشاريه استقالة قسرية.
وأكّد ترمب الذي قال: إنه ورث وضعًا «فوضويا» وعدد المراسيم التي وقعها في البيت الأبيض، أنّ أي رئاسة لم تفعل ما فعلته رئاسته خلال فترة زمنية قصيرة. وأضاف أنّ «الناس يعرفون ذلك، أمّا معظم وسائل الإعلام فلا تعرفه. أو بالأحرى، تعرف لكنّها لا تكتبه»، محددًا ضحية اليوم: الصحافة.
واتسمت التهم التي وجهها على كل المستويات بالعنف والغضب أحيانًا.
وقد وضع نصب عينيه هدفًا واضحًا هو التحدث إلى الذين أوصلوه إلى الحكم وجعلهم شهودًا. وقال: «أنا هنا حتى أوصل رسالتي مباشرة إلى الشعب... لأن عددًا من الصحافيين في بلادنا لن يقولوا لكم الحقيقة ولن يتعاملوا مع الناس الشرفاء في هذا البلد بالاحترام الذي يستحقونه».
وتحدث ترمب عن «مستوى منفلت من الخبث»، واستعاد تعابير دقيقة من الحملة، وانتقد نخب الساحلين الشرقي والغربي الذين يعيشون في الأوهام ولا يعرفون شيئا عن أميركا الحقيقية.
وقال مستعينا بلائحة أنّ «معظم وسائل الإعلام في واشنطن وفي نيويورك ولوس أنجليس أيضا، لا تتحدث عن الشعب بل عن المصالح الخاصة وعن المستفيدين من نظام فاشل». وأضاف: «أقول لكم فقط إنّكم أشخاص خبثاء، والجمهور لم يعد يصدقكم».
ورد ترمب على سيل من الأسئلة حول صلات فريقه بروسيا برئاسة فلاديمير بوتين، وحول اتصالات محتملة خلال الحملة مع أجهزة الاستخبارات الروسية، بالقول: «لا علاقة لي بروسيا». وأضاف أنّ «التسريبات حقيقية، والمعلومات مغلوطة» حول الكم الهائل من الأخبار التي ترسم كل يوم لوحة مضطربة عن علاقاته مع سيد الكرملين.
وأبدى صحافي دهشته بطريقة صاخبة من هذه الصيغة الغريبة. وتساءل «إذا كانت التسريبات صحيحة وتتحدث عن وقائع مثبتة، كيف يمكن أن تكون المعلومات مغلوطة؟». فأجاب الرئيس، هذا هو «الواقع»، واستثنى وسيلة إعلام واحدة هي شبكة «فوكس نيوز» التلفزيونية التي يدعمها المحافظون الأميركيون.
ويبتعد رئيس أول قوة عظمى عالمية عن الحقيقة التاريخية أحيانا.
بعد قليل أضاف: «لقد ربحت، لقد ربحت» ردًا على جميع الانتقادات. ثم توقف طويلا عند مسائل جدلية متصلة بأحد لقاءاته مع هيلاري كلينتون.
وبعد انتقادين وجههما إلى إدارة أوباما التي تنشر كما قال: «معلومات مغلوطة»، صرح «تعرفون، لست شخصًا سيئا». وأضاف: «ليس دونالد ترمب هو الذي قسم البلاد. كنا نعيش في بلد مقسوم».
وحتى لو كرر القول إنّ استطلاعات الرأي ليست مؤشرًا جديرا بالثقة، يولي دونالد ترمب الاستطلاعات الأخيرة اهتمامه.
وقد أفاد استطلاع أعده مركز بيو للأبحاث ونشرت نتائجه أمس، بأنّ شعبيته بعد شهر في السلطة، أكثر تدنيًا بأشواط من شعبية خمسة رؤساء سبقوه إلى المكتب البيضاوي، سواء كانوا جمهوريين أم ديمقراطيين. فـ39 في المائة بالإجمال من الأميركيين يؤيدون سياسته، فيما ينتقدها 56 في المائة.
وسيشارك الرئيس الجمهوري غدًا في تجمع كبير في أورلاندو بفلوريدا، حتى يستعيد طوال ساعات، أجواء حملة لم يشكل أي شيء فيها عائقا خلال الانتخابات التمهيدية الجمهورية لدى تنافسه مع هيلاري كلينتون.
ويؤكد هذا اللقاء الشعور بأنّه إذا كان رجل الأعمال المندفع قد أحب الوصول إلى سدة الحكم، فإنّه يجد صعوبة في إرساء تقاليد في ممارسته.
ترمب غاضب على الإعلام
ترمب غاضب على الإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة