«الورقة البيضاء» تتقدم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة اللبنانية

نواب «8 آذار» انتقموا من جعجع بالتصويت لـ«ضحاياه»

نواب لبنانيون يحضرون أوراق الانتخاب بينهم ستريدا جعجع التي خطفت الأضواء بفستانها الأحمر (إ.ب.أ)
نواب لبنانيون يحضرون أوراق الانتخاب بينهم ستريدا جعجع التي خطفت الأضواء بفستانها الأحمر (إ.ب.أ)
TT

«الورقة البيضاء» تتقدم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة اللبنانية

نواب لبنانيون يحضرون أوراق الانتخاب بينهم ستريدا جعجع التي خطفت الأضواء بفستانها الأحمر (إ.ب.أ)
نواب لبنانيون يحضرون أوراق الانتخاب بينهم ستريدا جعجع التي خطفت الأضواء بفستانها الأحمر (إ.ب.أ)

كانت المعركة في مجلس النواب اللبناني، أمس، بين «الورقة البيضاء» ورئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وبعدهما بفارق كبير مرشح النائب وليد جنبلاط، النائب هنري حلو، الذي حاز مع ذلك نسبة أصوات تفوق حجم كتلته البرلمانية، لكن نجم الجلسة من دون منازع كانت «ذات الفستان الأحمر» النائبة ستريدا جعجع، زوجة المرشح القواتي، التي خطفت الأضواء لدى دخولها الجلسة عن البدلات القاتمة التي ارتداها النواب.
وبعدها أمعنت جعجع في لفت الانتباه بمناداتها رئيس البرلمان نبيه بري بنبرة ناعمة جدا لتسأله متضاحكة عما إذا كان ثمة مرشحين للرئاسة، فرد بري بخرق بروتوكول الانتخابات، الذي لا ينص على تسمية المرشحين. وعدد أسماءهم بينهم جعجع وآخرون مغمورون، وقفوا في القاعة المطلة على الجلسة رافعي الأيدي مستميتين للفت انتباه بري والنواب لترشيحهم المضمون فشله. وأضيفت إليهم ترايسي شيمعون، ابنة رئيس حزب الوطنيين الأحرار السابق داني شيمعون الذي قتل وزوجته وولديه جوليانو وطارق على أيدي مسلحين في عام 1990، ويومذاك أدان القضاء جعجع بتدبير هذه الجريمة من ضمن لائحة اتهام طويلة أدت إلى دخوله السجن في عام 1994، وبقي فيه 11 سنة ليخرج بعفو أنهى عقوبة المؤبد التي نالها على مجمل الجرائم التي نسبت إليه، وهي جرائم يقول أنصاره إنها «مفبركة» من قبل نظام الوصاية السورية آنذاك، والذي استمر حتى 2005.
هذه التهم لاحقت جعجع إلى جلسة الانتخاب، إذ أصر نواب من قوى «8 آذار» - التي تشمل التيار العوني و«حزب الله» وحركة أمل وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي - على التصويت للضحايا المفترضين لجعجع، وفي مقدمهم داني شيمعون وولده طارق، بالإضافة إلى اسم الرئيس السابق للحكومة رشيد كرامي وجيهان سليمان فرنجية، ابنة النائب السابق طوني فرنجية، الذي قتل مع زوجته وابنته في هجوم لمسلحي القوات. كما أعطي صوت آخر لعضو المكتب السياسي الكتائبي إلياس الزايك الذي كان من ضمن من أدين جعجع إبان حقبة «الوصاية» باغتيالهم، في حين أدلي بصوت واحد أعطي للرئيس السابق أمين الجميل، وهو ما اعتبره البعض محاولة «زكزكة» من قبل قوى «8 آذار» وصب للنار بين الجميل وجعجع.
النائبة ستريدا جعجع، ومن ثم زوجها المرشح الرئاسي، استنكرا هذا التصرف. واعتبرت النائبة هذه الخطوة «دليل إفلاس سياسي»، فيما استنكر الدكتور جعجع «وضع أسماء الشهداء»، كما وصفهم، نافيا ضلوعه في أي من هذه العمليات.
هذا، واعترف النائب زياد أسود من تكتل الإصلاح والتغيير (التيار العوني) بأنه من وضع اسم جيهان فرنجية، مما وجه أصابع الاتهام لزملائه الآخرين في التكتل بالضلوع في تسمية الضحايا، خصوصا أن «التيار» الذي يرأسه النائب ميشال عون لا يحمل أي نوع من الود لجعجع الذي يعتبر الخصم التاريخي لعون.
من ناحية ثانية، انشغلت الأوساط النيابية في محاولة استقراء النتائج، ومعرفة من صوت لجعجع ومن لم يصوت له من «قوى 14 آذار» التي حضر منها 51 نائبا نال منها جعجع 48. وتردد أن النائب من تيار «المستقبل» محمد عبد اللطيف كباره امتنع عن التصويت لجعجع تجاوبا مع ضغوط لفعاليات طرابلسية تحمل رئيس «القوات اللبنانية» مسؤولية اغتيال ابن المدينة الرئيس رشيد كرامي، كما امتنع النائب خالد الضاهر عن حضور الجلسة تفاديا للتصويت لجعجع. أما حلو فنال أربعة أصوات إضافية هي لنواب اللقاء الطرابلسي (الرئيس نجيب ميقاتي والنائبين محمد الصفدي وأحمد كرامي) بالإضافة إلى نائب من «قوى 14 آذار» يشتبه بأنه صوت لحلو لقرابة عائلية.
كان بري قد افتتح الدورة الأولى لانتخاب الرئيس، عند الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، في حضور رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام والوزراء. وأثنى بري بعد بدء الجلسة أعمالها على الحضور النيابي الجامع بقوله: «عاش مين شافكن مجتمعين»، مشيرا إلى حضور 124 نائبا.
وبعد انتهاء عملية الاقتراع، انسحب النائب ميشال عون وبعض نواب تكتله وعدد من نواب «حزب الله» والحزب القومي والنائب سليمان فرنجية وكتلته إضافة إلى النائبين طلال أرسلان وعاصم قانصوه. فتوجه إليهم بري بالقول: «روحة مع رجعة»، قبل أن يقاطعه النائب في كتلة المستقبل عاطف مجدلاني بالقول: «الظاهر روحة بلا رجعة» في إشارة منه إلى ما نيتهم تهريب النصاب وتطيير الجلسة، وهو ما حصل لاحقا، حيث نادى بري على النواب فلم يجد الموظفون أثرا للمغادرين، فرفعت الجلسة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.