كانت المعركة في مجلس النواب اللبناني، أمس، بين «الورقة البيضاء» ورئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وبعدهما بفارق كبير مرشح النائب وليد جنبلاط، النائب هنري حلو، الذي حاز مع ذلك نسبة أصوات تفوق حجم كتلته البرلمانية، لكن نجم الجلسة من دون منازع كانت «ذات الفستان الأحمر» النائبة ستريدا جعجع، زوجة المرشح القواتي، التي خطفت الأضواء لدى دخولها الجلسة عن البدلات القاتمة التي ارتداها النواب.
وبعدها أمعنت جعجع في لفت الانتباه بمناداتها رئيس البرلمان نبيه بري بنبرة ناعمة جدا لتسأله متضاحكة عما إذا كان ثمة مرشحين للرئاسة، فرد بري بخرق بروتوكول الانتخابات، الذي لا ينص على تسمية المرشحين. وعدد أسماءهم بينهم جعجع وآخرون مغمورون، وقفوا في القاعة المطلة على الجلسة رافعي الأيدي مستميتين للفت انتباه بري والنواب لترشيحهم المضمون فشله. وأضيفت إليهم ترايسي شيمعون، ابنة رئيس حزب الوطنيين الأحرار السابق داني شيمعون الذي قتل وزوجته وولديه جوليانو وطارق على أيدي مسلحين في عام 1990، ويومذاك أدان القضاء جعجع بتدبير هذه الجريمة من ضمن لائحة اتهام طويلة أدت إلى دخوله السجن في عام 1994، وبقي فيه 11 سنة ليخرج بعفو أنهى عقوبة المؤبد التي نالها على مجمل الجرائم التي نسبت إليه، وهي جرائم يقول أنصاره إنها «مفبركة» من قبل نظام الوصاية السورية آنذاك، والذي استمر حتى 2005.
هذه التهم لاحقت جعجع إلى جلسة الانتخاب، إذ أصر نواب من قوى «8 آذار» - التي تشمل التيار العوني و«حزب الله» وحركة أمل وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي - على التصويت للضحايا المفترضين لجعجع، وفي مقدمهم داني شيمعون وولده طارق، بالإضافة إلى اسم الرئيس السابق للحكومة رشيد كرامي وجيهان سليمان فرنجية، ابنة النائب السابق طوني فرنجية، الذي قتل مع زوجته وابنته في هجوم لمسلحي القوات. كما أعطي صوت آخر لعضو المكتب السياسي الكتائبي إلياس الزايك الذي كان من ضمن من أدين جعجع إبان حقبة «الوصاية» باغتيالهم، في حين أدلي بصوت واحد أعطي للرئيس السابق أمين الجميل، وهو ما اعتبره البعض محاولة «زكزكة» من قبل قوى «8 آذار» وصب للنار بين الجميل وجعجع.
النائبة ستريدا جعجع، ومن ثم زوجها المرشح الرئاسي، استنكرا هذا التصرف. واعتبرت النائبة هذه الخطوة «دليل إفلاس سياسي»، فيما استنكر الدكتور جعجع «وضع أسماء الشهداء»، كما وصفهم، نافيا ضلوعه في أي من هذه العمليات.
هذا، واعترف النائب زياد أسود من تكتل الإصلاح والتغيير (التيار العوني) بأنه من وضع اسم جيهان فرنجية، مما وجه أصابع الاتهام لزملائه الآخرين في التكتل بالضلوع في تسمية الضحايا، خصوصا أن «التيار» الذي يرأسه النائب ميشال عون لا يحمل أي نوع من الود لجعجع الذي يعتبر الخصم التاريخي لعون.
من ناحية ثانية، انشغلت الأوساط النيابية في محاولة استقراء النتائج، ومعرفة من صوت لجعجع ومن لم يصوت له من «قوى 14 آذار» التي حضر منها 51 نائبا نال منها جعجع 48. وتردد أن النائب من تيار «المستقبل» محمد عبد اللطيف كباره امتنع عن التصويت لجعجع تجاوبا مع ضغوط لفعاليات طرابلسية تحمل رئيس «القوات اللبنانية» مسؤولية اغتيال ابن المدينة الرئيس رشيد كرامي، كما امتنع النائب خالد الضاهر عن حضور الجلسة تفاديا للتصويت لجعجع. أما حلو فنال أربعة أصوات إضافية هي لنواب اللقاء الطرابلسي (الرئيس نجيب ميقاتي والنائبين محمد الصفدي وأحمد كرامي) بالإضافة إلى نائب من «قوى 14 آذار» يشتبه بأنه صوت لحلو لقرابة عائلية.
كان بري قد افتتح الدورة الأولى لانتخاب الرئيس، عند الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، في حضور رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام والوزراء. وأثنى بري بعد بدء الجلسة أعمالها على الحضور النيابي الجامع بقوله: «عاش مين شافكن مجتمعين»، مشيرا إلى حضور 124 نائبا.
وبعد انتهاء عملية الاقتراع، انسحب النائب ميشال عون وبعض نواب تكتله وعدد من نواب «حزب الله» والحزب القومي والنائب سليمان فرنجية وكتلته إضافة إلى النائبين طلال أرسلان وعاصم قانصوه. فتوجه إليهم بري بالقول: «روحة مع رجعة»، قبل أن يقاطعه النائب في كتلة المستقبل عاطف مجدلاني بالقول: «الظاهر روحة بلا رجعة» في إشارة منه إلى ما نيتهم تهريب النصاب وتطيير الجلسة، وهو ما حصل لاحقا، حيث نادى بري على النواب فلم يجد الموظفون أثرا للمغادرين، فرفعت الجلسة.
«الورقة البيضاء» تتقدم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة اللبنانية
نواب «8 آذار» انتقموا من جعجع بالتصويت لـ«ضحاياه»
«الورقة البيضاء» تتقدم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة اللبنانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة