جلسة تشريعية في لبنان لا تتضمن «قانون الانتخاب»

نائب رئيس الحكومة: قطعنا شوطًا كبيرًا في طرح يجمع بين «النسبية والمختلط»

جلسة تشريعية في لبنان لا تتضمن «قانون الانتخاب»
TT

جلسة تشريعية في لبنان لا تتضمن «قانون الانتخاب»

جلسة تشريعية في لبنان لا تتضمن «قانون الانتخاب»

في وقت دعا فيه رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه برّي، إلى عقد جلسة تشريعية عامة يومي الأربعاء والخميس المقبلين لمناقشة جدول أعمال لا يتضمن البحث في قانون الانتخابات، تعلو الأصوات المشدّدة على ضرورة التوصل إلى قانون انتخابي جديد قبل انتهاء المهل الدستورية، وتركز على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يفترض أن يصدر في 10 فبراير (شباط) المقبل كحد أقصى إذا كانت هناك نية لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المفترض في 21 مايو (أيار) المقبل.
وبين القانونين «النسبي» و«المختلط» أو الإبقاء على القانون الحالي المعروف بـ«قانون الستين» لا يزال الانقسام واضحا بين الأفرقاء السياسيين، كل حسب مصالحه الانتخابية، وهذا رغم إعلان نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة غسان حاصباني أن «البحث قطع شوطًا كبيرًا نحو 50 في المائة بالذهاب إلى قانون جديد مبني على النسبية والمختلط، وإذا تم التوافق عليه فستكون هناك صعوبات تفرض تمديدا تقنيا».
وأضاف حاصباني: «صحة التمثيل لا تعني أرقامًا أو مقاعد للأحزاب، بل تعني الاتفاق على قانون انتخاب يمثل المواطن تمثيلاً صحيحًا من دون أن تطغى فئة على أخرى». وشدد على أن حزب القوات اللبنانية (الذي ينتمي إليه) ليس مع قانون الستين، ولا يرى أن ضغط الوقت مبرر مقبول لاعتماده، وهو يسعى بكل قوته لاعتماد قانون جديد يضمن صحة التمثيل. ثم تابع: «نتفهم إشكالية البقاء على قانون الستين، ونحاول تخطيها نحن ورئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب وليد جنبلاط بحفظ عملية التمثيل الدرزي، بأي قانون يبرز. ولا أعتقد عندها سيكون هناك من تمسّك بقانون الستين، وهناك حوارات ثنائية وثلاثية ورباعية بالإطار التقني للوصول إلى الصيغة».
من جهة ثانية، حذّر نائب أمين عام ما يسمى «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، من أنه إذا «لم يتم إنتاج سلطة نيابية جديدة بقانون عادل قائم على النسبية، فمسيرة الإصلاح ستتعثر وستكون معقدة، لأنه لا يمكن الاعتماد على الصيغة الموجودة حاليا من ناحية الانتخابات، ولا يمكن الاعتماد على تكرار الطاقم الحاكم نفسه، ويجب إعطاء فرصة للشباب وللآخرين».
بدوره، قال وزير الزراعة غازي زعيتر (حركة أمل): «نحن في حركة أمل وفي ترجمة عملية لرؤى ومواقف دولة الرئيس الأستاذ نبيه برّي نؤمن بضرورة أن يعبر كل فريق لبناني عن هواجسه ومخاوفه ومواقفه من هذه القضية، لأننا لا نؤمن بالفرض والإكراه في القضايا الوطنية الحساسة والحاسمة، ولطالما طالبنا ونادينا بضرورة التوافق على قانون يحفظ ويصون وجود ودور الجميع دون استثناء».
في المقابل، في محاضرة عن قانون الانتخاب، رأى النائب والخبير القانوني غسان مخيبر (كتلة الإصلاح والتغيير العونية)، «أن القوى السياسية في حالة ضياع، وإذا لم يتم التوصل إلى قرار فالانتخابات ستجرى على أساس (الستين)». وفي المحاضرة نفسها، أكّد وزير الداخلية السابق والخبير القانوني زياد بارود، أن المهل الدستورية أصبحت داهمة بعدما بات موعد الانتخابات قريبا. وشرح قائلا: «ولاية هذا المجلس الذي مدد لنفسه مرتين تنتهي في 20 يونيو (حزيران)، ولكن آخر يوم يمكننا أن نجري فيه انتخابات قبل شهر رمضان المبارك يصادف 21 مايو». وأضاف بارود: «وفق القانون الحالي المهلة المفروضة بين نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وحصول الانتخابات هي 90 يوما، وتضاف إليها 10 أيام لهيئة الإشراف على الحملات الانتخابية، فيكون المجموع 100 يوم. وإذا رجعنا 100 يوم قبل تاريخ 21 مايو فسنكون في 11 فبراير (شباط) أي يوم أحد، وهذا يعني أنه يجب أن يصدر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وأن تكون تشكلت الهيئة بحد أقصى 10 فبراير».
وأشار وزير الداخلية السابق إلى أن «دعوة الهيئات الناخبة تتم بمرسوم يوقعه وزير الداخلية والبلديات ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وفي حال لم يصدر نكون أمام مخالفة قانونية، وبالتالي فإن وزير الداخلية محق بقوله إنه ملزم بدعوة الهيئات الناخبة في حال لم يكن أقر قانون جديد»، سائلا: «هل ثمة قانون جديد قبل 10 فبراير؟».
من هنا، اعتبر بارود «أن هناك سلّة من المؤشرات، جزء منها إيجابي وجزء سلبي، الأولى في كلام رئيس الجمهورية في خطاب القسم عن ضرورة وضع قانون جديد للانتخاب قبل الانتخابات النيابية المقبلة، وتأليف الحكومة قبل نهاية عام 2016. وفتح عقد استثنائي لمجلس النواب يسمح له بالانعقاد من 9 يناير (كانون الثاني) إلى 21 مارس (آذار) المقبل، وعنوانه سيكون قانون الانتخاب».
غير أن بارود لاحظ في المقابل مؤشرات سلبية، منها «كلام مبطن يتطرق حينا إلى المهل، وأحيانا إلى وجوب وضع قانون جديد اليوم على ألا يطبق في مايو المقبل، إنما نُجرى الانتخابات وفق القانون الحالي، أي (الستين)، وبعد أربع سنوات يطبق القانون الجديد». وشدد على أن هذا الطرح «مرفوض من أساسه، وهو لا يعطي اللبنانيين واللبنانيات حقهم». ثم رأى أن «عامل الوقت ما زال يسمح بإنضاج قانون»، لكنه استبعد أن يكون قانون الانتخاب جزءا من التفاهمات التي حصلت قبل الانتخابات الرئاسية، «لأنه قانون تفصيلي يخص مستقبل كل القوى السياسية». وأضاف: «أخشى أن يكون ثمة تفاهم حول هذا القانون، ولكن بمعنى إيجاد طريقة أخرى، إما لوضع قانون جديد مع تمديد تقني، وإما بالقانون ذاته كونه يجب إجراء الانتخابات مهما كان القانون».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.