المناقشات الساخنة للدستور في تركيا تستدعي سيناريو الانتخابات المبكرة

استهجان واسع للمشاجرات والتراشق في البرلمان... والمعارضة تقبل التحدي

تشابك بالأيدي وإصابة كثير من النواب بجروح أثناء التصويت الخميس على مادة تنص على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
تشابك بالأيدي وإصابة كثير من النواب بجروح أثناء التصويت الخميس على مادة تنص على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
TT

المناقشات الساخنة للدستور في تركيا تستدعي سيناريو الانتخابات المبكرة

تشابك بالأيدي وإصابة كثير من النواب بجروح أثناء التصويت الخميس على مادة تنص على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
تشابك بالأيدي وإصابة كثير من النواب بجروح أثناء التصويت الخميس على مادة تنص على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)

قفز سيناريو الانتخابات المبكرة، كوسيلة للتهديد من جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وتخويف المعارضة من فقدان مقاعدها في البرلمان، إذا استمر الجو المتوتر أثناء مناقشة التعديلات الدستورية، التي تهدف إلى تطبيق النظام الرئاسي ومنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية. وفيما يعكس استياءه مما شهده البرلمان من اشتباكات خلال جلسات مناقشة التعديلات، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الجمعة، إن الانتخابات المبكرة ليست مستبعدة في حال عجز البرلمان عن القيام بمهامه، أي إذا لم يتمكن من إنجاز مهمة تعديل الدستور التي تحقق مطلبه في نظام رئاسي.
ولفت إردوغان إلى أنه لطالما عارض الانتخابات المبكرة، معبرا عن أمله في انتهاء مداولات التعديلات الدستورية في غضون يوم أو اثنين. ووافق البرلمان على مواد مهمة في التعديلات المطروحة في جولة تصويت أولى، مما يجعل النظام الرئاسي التنفيذي أقرب خطوة إلى ما يصبو إليه إردوغان.
واستهجن إردوغان ما وقع أثناء المناقشات، والعراك الذي وصفه بالبشع، والذي أدى إلى إصابة كثير من النواب بجروح أثناء التصويت، الخميس، على مادة تنص على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية من 25 إلى 18 عاما، وهي واحدة من 18 مادة تضمها حزمة التعديلات المقترحة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدعم من حزب الحركة القومية المعارض، أهم ما فيها تطبيق النظام الرئاسي بدلا عن النظام البرلماني الحالي، حيث أصيب أحد النواب بكسر في أنفه، بينما قال آخر إنه تعرض للعض في ساقه، بعد أن رصد حزب الشعب الجمهوري تصويت نواب من العدالة والتنمية بشكل علني، وقام أحد نواب الحزب المعارض بتصويرهم وهم يدلون بأصواتهم وسط القاعة وليس في الغرف المخصصة للإدلاء بالصوت سرا، ما دفع نوابا من الحزب الحاكم لمهاجمته ومحاولة الاستيلاء على هاتفه. وقال إردوغان: «إن أمرا بشعا للغاية مثل كسر أنف صديقنا النائب، وعض ساق آخر، لا يليق بأي عضو في البرلمان».
واستمرت أجواء التوتر في اليوم التالي، أمس الجمعة، بعد أن رفعت نائبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم لافتة حملت صورة كلب، كُتب عليها: «ممنوع دخول الحيوانات إلى المجلس».
وعقب المشاجرة، لوح حزب العدالة والتنمية الحاكم بإجراء انتخابات برلمانية، إذا لم يقر البرلمان حزمة إصلاحات دستورية توسع صلاحيات الرئيس رجب طيب إردوغان، وأيده في ذلك حزب الحركة القومية الذي سارع رئيسه دولت بهشلي إلى إعلان تأييده للانتخابات المبكرة، إذا لم تجر عملية إقرار التعديلات في هدوء وفشل البرلمان في إنجازها. وقال مصطفى شنتوب نائب الحزب الحاكم، الذي يرأس اللجنة الدستورية في البرلمان: «إذا لم يتم إقرار الاقتراح في الجلسة العامة، حتى لو لم يكن أي شخص يؤيده، فسيكون على تركيا إجراء انتخابات».
وقوبل موقف دولت بهشلي، المؤيد على طول الخط لما يعلنه حزب العدالة والتنمية الحاكم، باستهجان واسع من حزب الشعب الجمهوري المعارض، وكذلك من جانب بعض الكتاب والمعلقين، مثل مراد يتكن، الكاتب بصحيفتي «راديكال» و«حرييت»، الذي قال إن ما حدث في البرلمان مشهد مؤسف، لكن أيضا ما يقوم به حزب الحركة القومية الآن هو أمر غريب؛ لأن الحزب يخسر كلما دعا إلى انتخابات مبكرة، ومع ذلك يحرص عليها.
واعتبر حزب الشعب الجمهوري التلويح بالانتخابات المبكرة نوعا من التهديد، وقال نائب الحزب المخضرم ورئيسه السابق دنيز بيكال، في كلمة أمام جلسة البرلمان أمس: «إذا كنتم تهددون بالانتخابات البرلمانية وتعتبرونها تحديا، فنحن نرحب بالتحدي»، وقوبلت كلمته بتصفيق واستحسان من جانب أعضاء الحزب، وعددهم 135 نائبا.
وأقر البرلمان التركي حتى أمس الجمعة 8 مواد من حزمة التعديلات، بينها المادتان السابعة والثامنة اللتان تتعلقان بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية وصلاحيات الرئيس.
كما أقر البرلمان المادة السادسة المتعلقة بالصلاحيات الرقابية للبرلمان، ووافق على المادة السابعة الخاصة بـ«ترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية»، والتي تشترط في الشخص المرشح لمنصب رئاسة البلاد أن يكون مواطنا تركيا، قد أتم الأربعين من عمره، وحائزا على شهادة في التعليم العالي، وأن تتوافر فيه شروط المرشح للبرلمان. ولا يمكن اختيار شخص أكثر من مرتين فقط لمنصب رئاسة البلاد، مدة كل ولاية منهما 5 سنوات. ويتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب. ويجري بموجب المقترح الجديد إلغاء البند الذي يشترط تقديم 20 نائبًا مقترحًا خطيًا حول ترشيح مرشح للرئاسة.
كما تمت الموافقة على المادة الثامنة من المقترح، والتي تختص بالصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية الذي يمنح صفة «رئيس الدولة»، ويمنح من خلالها صلاحيات تعيين نوابه ووزراء الحكومة وعزلهم، إضافة إلى ضمان تطبيق الدستور ووضع سياسات الدولة الخارجية والأمنية، وغيرها من المحددات التي ترتبط بعلاقته مع البرلمان.
ويحتاج مقترح التعديل الدستوري إلى موافقة ثلاثة أخماس النواب حتى يتم إقراره في البرلمان، أي ما يعادل 330 نائبا على الأقل (من إجمالي 550 مقعدًا).
ويعتبر أي بند بالمقترح في حكم الملغي إن لم يحصل على 330 صوتًا خلال عملية التصويت في الجولة الثانية، كما سيعتبر المقترح ملغيا في حال لم يحصل على نفس عدد الأصوات.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد دعا مرارا إلى تغيير النظام إلى رئاسي «لتصبح بلاده من بين البلدان الأكثر تقدما في العالم، لتتمكن من مواجهة عدد من التحديات بما فيها التنظيمات الإرهابية» بينما يعتبر المعارضون لتعديل الدستور أن ذلك «يضعف الممارسات الديمقراطية ويزيد الحكم الاستبدادي».
وفي استطلاع للرأي حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية الجديدة، أعلنت شركة «أو آر سي» للأبحاث، عن نسبة المؤيدين لتغيير الدستور في حال الاستفتاء عليه، إضافة إلى عدد من القضايا المحلية الأخرى.
وأجرت الشركة الاستطلاع في 36 ولاية تركية، يومي 10 و11 يناير (كانون الثاني) الحالي، وكشف تأييد الشعب للدستور الجديد، والذي يتضمن استبدال النظام البرلماني بالرئاسي، بنسبة 62 في المائة، فيما عبّر 38 في المائة عن عدم تأييدهم.
وفيما يخص حالة الطوارئ، عبّر 72.6 في المائة من المواطنين عن عدم انزعاجهم من حالة الطوارئ التي فرضت من قبل الحكومة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو (تموز) الماضي، فيما عبّر 27.4 في المائة عن عدم ارتياحهم إزاءها.
وحول ثقة الشعب برئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وبرئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، أجاب 58 في المائة بأنهم يثقون في بهشلي، وعبّر 42 في المائة عن عدم ثقتهم به، وفيما يخص كليتشدار أوغلو عبّر 79.2 في المائة عن عدم ثقتهم به، فيما وصلت نسبة الذين يثقون به 20.8 في المائة.
وفيما إذا كان الشعب يخشى من حالة فوضى في حال ذهاب مقترح الدستور الجديد إلى الاستفتاء أم لا، أجاب 16.3 في المائة بـ«نعم»، فيما أجاب 83.7 في المائة بـ«لا يوجد لدينا قلق في هذا الصدد».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.