قالت وزارة الخارجية الإماراتية أمس في بيان إن سفيرها لدى أفغانستان أصيب في هجوم بقنبلة على دار للضيافة في مدينة قندهار شرق البلاد، وقالت: «إنها تتابع الاعتداء الإرهابي الآثم على دار الضيافة لوالي قندهار، والذي نجم عنه إصابة جمعة محمد عبد الله الكعبي سفير الدولة لدى جمهورية أفغانستان وعدد من الدبلوماسيين الإماراتيين الذين كانوا برفقته».
وأكدت الخارجية الإماراتية أن زيارة السفير الكعبي إلى قندهار تأتي في مهمة إنسانية ضمن برنامج دولة الإمارات لدعم الشعب الأفغاني، شملت وضع حجر الأساس لدار خليفة بن زايد آل نهيان في الولاية، والتوقيع على اتفاقية مع جامعة كاردان للمنح الدراسية على نفقة الإمارات بحضور والي قندهار، إضافة إلى وضعه حجر الأساس أيضا لمعهد خليفة بن زايد آل نهيان للتعليم الفني في العاصمة كابل بتمويل من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية. وأضاف البيان: «في هذه اللحظات العصيبة فإن وزارة الخارجية والتعاون الدولي تقوم من خلال غرفة العمليات الخاصة بالاشتراك مع القوات المسلحة والجهات المعنية بالبلاد، والحكومة الأفغانية بمتابعة تطورات هذا الاعتداء الإرهابي»، موضحة أنها ستوالي وزارة الخارجية بالإعلان عن أية مستجدات بشأن هذا الحادث الإرهابي. من جانبها، أكدت قناة «تولو» الأفغانية أمس إصابة السفير وموظف من السفارة الإماراتية وحاكم ولاية قندهار في تفجيرين وقعا في فندق بالولاية أثناء اجتماع لهم هناك، وذكرت القناة أن 9 أشخاص على الأقل قتلوا وجرح 16 آخرون نتيجة التفجيرين، مؤكدة أن من بين الجرحى أيضا نائب حاكم الولاية.
من جانبه، دان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الاعتداء الإرهابي، ووصفه بأنه عمل إرهابي جبان يتنافى مع كافة القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.
وأعرب الأمين العام عن تضامن دول مجلس التعاون ومساندتها لدولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أفغانستان الإسلامية، تجاه هذه الجريمة الشنيعة التي جاءت في الوقت الذي كان فيه سفير الإمارات في مهمة رسمية إنسانية، ضمن جهود دولة الإمارات لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية لصالح الشعب الأفغاني.
في غضون ذلك، لقي أكثر من 30 شخصا حتفهم وأصيب نحو 70 آخرين في هجوم انتحاري شنته حركة طالبان أمس في العاصمة الأفغانية كابل حيث ضرب انفجاران منطقة مزدحمة في ساعة الذروة بعد الظهر قرب البرلمان. وقال سليم رسولي وهو مسؤول كبير بقطاع الصحة إن 33 شخصا قتلوا وأصيب نحو 70 في الهجوم الذي وقع على طريق دار الأمان قرب ملحق لمبنى البرلمان الجديد الذي أقيم بتمويل من الهند. وأعلنت حركة طالبان المسؤولية عن الهجوم.
وقالت الجماعة المتشددة إن الهجوم استهدف حافلة كانت تقل عاملين بمديرية الأمن الوطني - وكالة المخابرات الأفغانية الرئيسية - وأسفر عن سقوط نحو 70 شخصا بين قتيل وجريح. وأضافت أن انتحاريا هاجم الحافلة في منطقة دار الأمان وأعقبه على الفور تفجير سيارة يقودها مهاجم انتحاري استهدف قوات الأمن التي وصلت إلى الموقع.
وندد الرئيس أشرف عبد الغني بالهجمات «الإجرامية» وتعهد بألا يجد منفذوها أمانا لهم في أي مكان بالبلاد. وقال في بيان: «تعلن طالبان بلا خجل المسؤولية عن الهجوم على مدنيين وتفتخر به». وفي وقت سابق أمس قُتل سبعة أشخاص وأصيب تسعة آخرون عندما فجر انتحاري نفسه في منزل تستخدمه وحدة تابعة لوكالة المخابرات الأفغانية في إقليم هلمند بجنوب البلاد.
وتسعى السلطات الأفغانية إلى إقامة «منطقة آمنة» لمقاتلي طالبان وعائلاتهم؛ أملا في تجميعهم خارج معاقلهم في باكستان، في بادرة غير متوقعة لإنهاء النزاع ولا تخلو من مجازفة.
تأتي الخطة في إطار الجهود اليائسة لإنهاء النزاع المستمر منذ 15 سنة الذي يوقع آلاف الضحايا المدنيين سنويا مع الفشل المتكرر لمفاوضات السلام.
وفي حال تطبيقها، فإن هذه الاستراتيجية التي تهدف إلى إخراج طالبان من دائرة تأثير باكستان، قد تؤدي إلى تغيير المعطيات على الأرض سواء للأفضل أو للأسوأ، حيث يعتبر التنازل عن أراض لطالبان بمثابة تقسيم للبلاد الشهر الماضي، قال قائد شرطة قندهار، المدينة الجنوبية القريبة من باكستان، عبد الرازق أمام جمع من الوجهاء القبليين والأعيان إن «على مقاتلي طالبان أن يعودوا إلى أفغانستان وعلينا أن نقيم منطقة آمنة لهم ولعائلاتهم». وأضاف: «لم يعد بوسعنا الاتكال على الحكومات والسفارات الأجنبية لإنهاء الحرب. طالبان هم أبناء هذه البلاد». شكلت هذه التصريحات صدمة لا سيما أنها صدرت عن مسؤول أمني كبير من الجنوب وشخصية بارزة في الحرب ضد طالبان. لكن الحاكم السابق لولاية هلمند التي يسيطر طالبان على ثلاثة أرباع أراضيها شير محمد إخوندزاده رد على هذه التصريحات بقوله إن «على الحكومة ألا توفر مناطق آمنة للإرهابيين». وتحدث مراقبون عن استراتيجية «منافية للمنطق» لأن طالبان يسيطرون أصلا على مساحات شاسعة من الأراضي. ولم يشأ عبد الرازق الرد على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، لكن مصدرا أمنيا كبيرا قال للوكالة إن الحكومة تهدف إلى «إعادة طالبان من باكستان إلى أفغانستان».
وقال: «سنخصص أرضا منفصلة لهم ولعائلاتهم. سيكونون بمنأى عن ضغوط باكستان، ثم نرى إن كانوا يريدون أن يقاتلوا أو يتفاوضوا».
ويعتبر كثير من الأفغان باكستان التي تقدم الدعم إلى طالبان منذ تسعينات القرن الماضي العقبة الرئيسية أمام السلام. وتتهم إسلام آباد بخوض «لعبة مزدوجة» لأنها تؤكد دعم «الحرب على الإرهاب» التي أعلنها الأميركيون بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) وتقدم المأوى للمتمردين الأفغان.
للمرة الأولى في 2016 بعد سنوات من الإنكار، أقر مسؤول باكستاني أن طالبان تتمتع بملاذ آمن في بلده. وتعتبر باكستان دعمها لطالبان جزءا من سياسة «العمق الاستراتيجي» في مواجهة الهند. وتقول إنها تستخدم تأثيرها على طالبان للضغط عليهم للتفاوض مع كابول، واستضافت باكستان عدة جلسات لبدء مفاوضات أفغانية لكنها لم تؤد إلى نتيجة.
تبلورت فكرة إقامة «منطقة آمنة» بعد أن دعا قادة نافذون في طالبان إلى الابتعاد عن أجهزة الاستخبارات العسكرية الباكستانية القوية التي يتهمونها بالتلاعب بهم.
وكتب العضو السابق في المجلس السياسي لطالبان في الدوحة الملا محمد طيب أغا السنة الماضية لزعيم طالبان هيبة الله إخوندزاده يقول إن «وجود مسؤولين كبار في حركتنا في باكستان يتيح لها فرض أمور ليست في صالحنا أو في صالح أفغانستان». وأضاف: «لكي نتمكن من العمل باستقلالية على قياداتنا أن تغادر باكستان».
ولم يؤكد مجلس الأمن القومي الأفغاني رسميا استراتيجية الحكومة مكتفيا بالقول إنه «يسمح لطالبان بالعودة إلى أفغانستان تحت حماية الدولة». وقال المسؤول الأمني الأفغاني إن السلطات على اتصال مع قادة التمرد وهو أمر أكدته مصادر طالبانية في باكستان. لكنه رفض تحديد مكان إقامة تلك المنطقة الآمنة وإن كانت ستكون محصنة ضد الغارات أو الهجمات البرية، لافتا إلى أنه لن يتم تسليم منطقة مع منشآت عسكرية.
ونشرت وسائل الإعلام الأفغانية نقلا عن وثائق عسكرية أن القوات الأفغانية تستعد في إطار الهدنة الشتوية للانسحاب من منطقتين في هلمند المعروفة باسم «ولاية الأفيون» ومعقل طالبان في الجنوب.
ونفى المسؤولون الأفغان هذه التقارير وكذلك تلك التي تحدثت عن انتقال مجلس شورى طالبان إلى أفغانستان. ويعرف المجلس باسم مجلس شورى كويتا نسبة إلى المدينة الباكستانية التي يوجد فيها، لكن عدة مصادر طالبانية أكدت لوكالة الصحافة الفرنسية أن بعضا من المسؤولين النافذين في الحركة عادوا إلى البلاد ومن بينهم القائد العسكري إبراهيم صدر الموجود في مكان سري. وقال عضو في مجلس شورى كويتا لوكالة الصحافة الفرنسية إن إبراهيم صدر حث هيبة الله كذلك على الانتقال إلى أفغانستان، لكن زعيم طالبان رفض ذلك. وقال النائب عن ولاية أوروزغان عبيد الله براكزاي إن إعطاء مقاتلي طالبان منطقة دائمة في أفغانستان «قد يسهل إقناعهم في المشاركة في مفاوضات أفغانية - أفغانية من دون تدخل جارتنا».
ولكن تيمور شاران المحلل في مجموعة الأزمات الدولية قال إن تلك الاستراتيجية لا تخلو من عيوب. وقال إن «الأمر بمثابة أن تطلب من طالبان التخلي عن منازلهم المبنية من حجر للإقامة في خيمة في الصحراء مع وعود واهية بأنهم لن يتعرضوا للقصف». وأضاف أن «طالبان بحاجة إلى ضمانات قوية من قوات التحالف الدولي وخصوصا من الولايات المتحدة قبل أن يوافقوا».
لكن المسؤول الأمني الأفغاني أكد أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع وأنه «إذا لم تنجح هذه الخطة فستشهد أفغانستان معارك جديدة قاسية هذه السنة».
إصابة السفير الإماراتي ودبلوماسيين وحاكم قندهار في تفجيرات أفغانستان
خطوة غير مسبوقة... كابل تسعى لإنشاء «منطقة آمنة» لمقاتلي طالبان
إصابة السفير الإماراتي ودبلوماسيين وحاكم قندهار في تفجيرات أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة